نواف الزرو*
في العشرين من كانون أول الماضي قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين”إن بلاده ستعمل على القضاء على القياديين في حركة “حماس” إسماعيل هنية وخالد مشعل، وأضاف للقناة “13” الإسرائيلية: “سنعمل على القضاء على مشعل وهنية، فهما لن يموتا موتا طبيعيا”، وقبله أثار نتنياهو بتهديداته باغتيال القائد صالح العاروري وغيره من القيادات الفلسطينية الكثير الكثير من الاسئلة حول هذه التصريحات وتساءلنا:
هل هي تهديدات عابرة للاستهلاك الداخل الاسرائيلي….؟!.
أم هي تهديدات حقيقية وجدية وتحت التنفيذ وفقا لجدول صهيوني مبيت….؟!؟
وكذلك أسئلة اكبر واخطر حول امكانية تدحرج هذه الاغتيالات الى حرب شاملة ….!.
وما تداعياتها…؟!
وبعملية اغتيال القائد الكبير اسماعيل هنية رئيس حركة حماس، وكذلك عملية اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري في حزب الله(حسب البيان الرسمي لجيش الاحتلال)، وقبله اغتيال الشهيد صالح العاروري، نعود ونفتح ملف الاغتيالات الارهابية الصهيونية ونتوقف أمام استراتيجية وفلسفة هذه الاغتيالات، ونعود قليلا الى الطبيعة والاهداف الصهيونية الحقيقية التي تقف وراء الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال ضد الشعب والقضية الفلسطينية، فهم …قادة وجنرالات الاحتلال يرعدون ويزبدون ويهددون على مدار الساعة بالعودة الى سياسة الاغتيالات ضد نصرالله وقيادات حزب الله اوالقيادات الفلسطينية في غزة أو في اي مكان آخر أو في اي وقت يشاءون ويحددون….؟!، كما يهددون بل وينفذون اغتيالات في مختلف الساحات ضد القيادات والعلماء والمفكرين الفلسطينيين والعرب….!؟، وهم على هذا النهج بلا توقف منذ استشهاد المجاهد عز الدين القسام في 1935/11/20، ولذلك يمكن ان نقول أن السؤال المزمن في الوعي الفلسطيني والعربي:
لماذا هم يهددون وينفذون ويغتالون دائما بينما نحن المقاومة الفلسطينية او اللبنانية او العربية في اي مكان عجزنا ونعجز حتى اليوم عن اصطياد واغتيال اي قائد-مجرم منهم منذ ما قبل النكبة وحتى اليوم-باستثناء عملية الاغتيال التي نفذتها وحدة من الجبهة الشعبية ضد الجنرال الصهيوني رحبعام زئيفي …؟!.
فمن الشهيد المجاهد الشيخ عز الدين القسام..الى الشهيد المجاهد الرنتيسي، الى الشهيد المناضل ابو علي مصطفى..الى الشهيد الرئيس ياسر عرفات..مرورا بكوكبة طويلة من القادة الشهداء مرورا بالشهيد النابلسي ورفاقه الذين تم اغتيالهم فجر الثلاثاء 2022/8/9 وصولا الى اغتيال قيادات الجهاد على مدى العام الحالي /2023، ثم وصولا الى القائد هنية والقائد شكر وقبلهما القائد الكبير صالح العاروري يكاد لا يمر يوم او حدث في المشهد الفلسطيني الا وتقوم وحدات الاحتلال الخاصة الاغتيالية باغتيال قائد او نشيط فلسطيني، ولا يكاد يمر يوم الا وتنطلق اصوات صهيونية تطالب بالعودة الى سياسة الاغتيالات والتصفيات النوعية ضد القيادات الفلسطينية من الوزن الثقيل من وجهة نظرهم، اي تلك القيادات العسكرية اولا التي تعمل في قلب الميدان تنظيما وتدريبا وتوجيها، وتلك القيادات المرشدة الموجهة التي تحمل عقيدة ولها تاثير جماهيري واسع.
وفي ظل هذا الحدث الكبير نذكر دائما بسياسات الاغتيلات الارهابية الصهيوني ويجب ان ى ينسى اي قائد فلسطيني ذلك: يعود تاريخ سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى بدايات القرن الماضي، حيث نظر وخطط وأدلى وسوغ كبار المفكرين والمنظرين الصهاينة للاغتيالات المفتوحة وللإرهاب الدموي والتدميري ضد الشعب الفلسطيني، ما ترتب عليه لاحقاً سلسلة لا حصر لها من جرائم الحرب الصهيونية ضد أهل فلسطين.
ففي 20/نوفمير/1935 استشهد الشيخ عز الدين القسام…وبعدها بايام في /1935/12/2 عقد بن غوريون اجتماعا طارئا للقيادة الصهيونية في حزب مباي لبحث قضية واحدة: كيف ظهر بين الفلسطينيين والعرب قائد مجاهد محارب شعبي كبير كالقسام، الذي قاد المقاومة وشكل تهديدا حقيقيا لمشروعهم.. و قال بن غوريون ” أنه لأمر خطير جداً، أنها المرة الأولى منذ أن تفجر الصراع بيننا وبين العرب أن يبرز زعيم عربي يحمل فكرة ومبدأ ويضحي بنفسه في سبيلهما، أن هذا التطور ستكون له أبعاد عميقة، وذلك لأن كل الزعماء الذين واجهناهم حتى الآن لا يحظون باحترام جماهيرهم، أن هؤلاء الزعماء يبيعون شعوبهم من أجل مصالحهم الخاصة”.
ومنذ ذلك الوقت تبنت الحركة الصهيونية سياسة تصفية القيادات الفلسطينية والعربية التي تشكل تهديدا لمشروعها.
فقد حظيت عمليات الاغتيال ضد القيادات والنخب والناشطين الفلسطينيين بمباركة صناع القرار الإسرائيلي على أعلى المستويات، كما حظيت بمباركة القضاء العسكري لدولة الاحتلال، إذ “بارك كافة رؤساء الحكومات الإسرائيلية عدة مرات عمليات الاغتيال وحيوا منفذيها معتبرين ً إياها تندرج في إطار سياسة الدولة في مكافحة الإرهاب “. وكذلك كان بلدوزرهم في الارهاب شارون قد اعتبر” أن سياسة الاغتيالات التي ينتهجها في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية هي الأفضل التي تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية “، ولتواصل حكومات اسرائيل تبنيها العلني الصريح لسياسة الاغتيالات مؤكدة: ” أن سياسة الاغتيالات المحددة الأهداف التي تتبعها إسرائيل ستسمر”.
لنصبح بالتالي أمام مشهد صهيوني إرهابي واضح المعالم والخطوط والأهداف، وأمام سياسة اغتيالات صهيونية رسمية ومشرعة من قبل أعلى المستويات السياسية والقضائية والأمنية الإسرائيلية، ولتتبلور سياسة”إطلاق الرصاص باتجاه عناوين محددة “، ولتغدو ” النخب والقيادات الفلسطينية كلها عدواً في دائرة التصويب والقنص”، لنتوقف في الخلاصة المكثفة المفيدة اننا عملياً أمام دولة اغتيالات ” تقوم باغتيال الفلسطينيين بشكل منهجي ومبرمج وبدون محاكمة وبدون سماع شهود وبدون شهود دفاع .. هذه هي حقيقة الوجه الاسرائيلي وحقيقة “دولة إسرائيل” لمن يصر على التهرب من مواجهة الواقع وطبيعة الصراع..!.
فالحرب الصهيونية مستمرة ببالغ الاصرار الاجرامي على المقاومة الفلسطينية.. وعلى القيادات والرموز النضالية الوطنية الفلسطينية..
والهدف الكبير: التصفية الجسدية لكبار وشيوخ الجهاد والنضال الفلسطيني.. والهزيمة المعنوية والارادية للشعب الفلسطيني وتركيعه وفرض الشروط والاشتراطات السياسية والامنية الصهيونية عليه..
والهدف الاكبر والابعد: اغتيال فلسطين وتهويدها بالكامل من المية للمية، على حساب اغتيال المشروع الوطني الاستقلالي الفلسطيني.
غير ان حسابات الحقل لا تأت على قدر حسابات البيدر لديهم، فرغم جرائم الاغتيالات المفتوحة التي لم تتوقف منذ اكثر من ستة وسبعين عاما، فان الشعب الفلسطيني يغدو دائما اقوى وأشد صمودا واصرارا، ويؤكد ان حالة الاشتباك مع هذا المشروع والكيان الصهيوني الاجرامي اشتباك مفتوح عابر للأجيال والأزمان حتى هزيمة ذلك المشروع والكيان وتحرير فلسطين كاملة من براثنهم.
*كاتب فلسطيني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …