بقلم/ فيصل مكرم*
▪ الشعبُ الفلسطينيُّ الصامد الصابر يقدم كل يوم ومنذ 80 عامًا ويزيد قوافل من الشهداء في سبيل تحرير أرضه من الاحتلال الفاشي والحصول على حريته وحقوقه المشروعة في الحياة الكريمة والدولة المستقلة فوق تراب أرضه التي يدنسها المحتل، وبات على هذا الشعب العربي العظيم أن يطهرها من ذلك الدنس مهما كان الثمن، ومهما كانت فداحة التضحيات، والشعب الفلسطيني أثبت ولا يزال كل يوم يثبت للعالم بأنه قادر على مواجهة صلف وغطرسة الاحتلال المحتل، وقادر على توجيه الصفعات لهذا الاحتلال ليس بعمليات المقاومة المسلحة، وإنما بالحجارة والإطارات المحترقة والصدور العارية، فهذا الشعب صاحب قضية مقدسة ودونها كل التضحيات رخيصة.
▪الاحتلال الإسرائيلي دأب على ارتكاب جرائم الاغتيالات بحق المناضلين والمقاومين الفلسطينيين ليس داخل الأرض المحتلة وحسب، وإنما في مناطق وعواصم كثيرة حول العالم غالبيتهم يقاومون الاحتلال ويتصدون لهمجيته بالكلمة والبندقية، حيث قام جهاز المخابرات الصهيوني «الموساد» وخلال العقود الماضية باغتيال كوكبة من رموز الشعب الفلسطيني الوطنية منهم أدباء وعلماء وشعراء ورسامون وصحفيون وكتاب وكان آخر هؤلاء عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مقر إقامته بالعاصمة الإيرانية طهران فجر الأربعاء الماضي، وقبله بأسابيع قليلة اغتالت القائد السياسي للحركة صالح العروري في بيروت رغم أنهما كانا إلى جانب قادة آخرين يديران ملف المفاوضات عبر الوسطاء مع الاحتلال لوقف جرائم الإبادة الجماعية والتدمير الشامل والحرب في قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى، وهكذا تستمر حكومة الاحتلال العنصرية المتطرفة بقيادة نتنياهو في عدوانها وجرائمها بحق الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين وبحق الصحفيين الذين تغتالهم إسرائيل في قطاع غزة اعتقادًا منها بأنها تغتال الحقيقة وتحجب جرائمها عن عيون العالم وسمعه.
▪وبعد عملية اغتيال القائد الفلسطيني إسماعيل هنية بيد الموساد في طهران، وبعد عودته منتشيًا بسيرك التصفيق في الكونجرس الأمريكي ها هو نتنياهو يسير بالمنطقة إلى تصعيد خطير قد يؤدي إلى حرب إقليمية لا تُحمد عواقبها، ورغم مخاوف وقلق واشنطن والغرب ودول المنطقة، إلا أن نتنياهو بعد عودته من واشنطن ظهر منتشيًا وأكثر صلفًا وكأنه حصل على ضوء أخضر أمريكي لإشعال الحرائق وتوسيع دائرة الحرب في المنطقة تتفق مع أهدافه وحكومته العنصرية المتطرفة، مقدرًا أن سيد البيت الأبيض الرئيس جو بايدن بات بلا مخالب بعد انسحابه من السباق الرئاسي وبأنه يستطيع التعاطي مع واشنطن بطريقة أفضل لصالحه لجهة التملص من اتفاق وقف الحرب على غزة وإتمام صفقة تبادل الأسرى وتمديد العدوان على غزة إلى حيث تتطلب مصالحه السياسية، والتصعيد مع حزب الله باغتيال قائده العسكري فؤاد شكر وإيران باغتيال قائد بوزن هنية والتصعيد مع ما يُسمى محور المقاومة بالوصول بسيناريو إشعال الحرائق إلى نقطة اللا عودة خوض صراع يصعب التنبؤ بمداه، وبالتالي يكون نتنياهو نجح في جر واشنطن إلى معركة هو مَن يخطط لها كما يفعل مع إيران، خاصة وأن أعضاء الكونجرس صفقوا له حتى تورمت أيديهم واحمرت أوداجهم حين قال بأنه يخوض حربًا للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في الشرق الأوسط ومن أجل الدفاع عن إسرائيل من الفناء.
▪طهران لن تقف مكتوفة الأيدي ولا ترد على اغتيال هنية وهو ضيف عليها، وكما قال زعيم حزب الله اللبناني بعدها بأن إسرائيل انتهكت أمن إيران القومي وسيادتها بل وحتى مست «بهيبتها» و»بشرفها» باغتيال هنية تلك الجريمة بكل أبعادها ونتائجها سيكون لها ما بعدها، وبالتالي يتوقع المراقبون والمتابعون تصعيدًا كبيرًا وخطيرًا في الشرق الأوسط في قادم الأيام ولكن قد تكون عواقبه بما لا يتوقع نتنياهو ويخطط لتحقيقه، وبما لا ترغب
في حدوثه واشنطن ولا تريده دول المنطقة والعالم أن يحصل في منطقة مهمة لمصالح الجميع.
*نقلا عن جريدة الراية
fmukaram@gmail.com
@fmukaram