الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / بين هروب “العميل” واغتيال “شكر”.. وزيارة “هوكشتاين”

بين هروب “العميل” واغتيال “شكر”.. وزيارة “هوكشتاين”

العميد. محمد الحسيني*
في كل مرة يصل فيها موفد الرئيس الأميركي “آموس هوكشتاين” إلى المنطقة أو يغادر فيها مدينة بيروت، يُصّعد العدو الصهيوني من هجماته على لبنان بصورة عنيفة إن من حيث الغارات الجوية أو من حيث القصف المدفعي أو من خلال محاولات تسلل لوحدات خاصة إلى الأراضي اللبنانية عبر الحدود الجنوبية، وهذا ما يثير الريبة والتساؤل عن سر هذا التزامن لعمليات التسلل في خلال ثلاث زيارات له من أصل خمس لبيروت منذ بدء حرب غزة في 7 اكتوبر، أولهما بُعيد مغادرته بيروت خلال شهر يناير الماضي، حين بادر جيش الاحتلال ولأول مرة الى الإعلان في 16 يناير/كانون الثاني من العام الحالي عن تسلله الى داخل الجنوب اللبناني وازالته ألغاماً في قرية عيتا الشعب في القطاع الأوسط، في حين نفت المقاومة الاسلامية حدوث ذلك. وثانيهما حين وصل “بيروت” صباح 4 مارس /آذار من العام الحالي، قادماً كعادته من “تل أبيب”، لتسبقه أقدام جنود الاحتلال الى داخل الأراضي اللبنانية ليل 3- 4 مارس في محاولتين فاشلتين للتسلل بتوقيتين متفاوتين عبر الحافة الأمامية، ومن نقطتين: الأولى من جهة وادي قطمون قبالة رميش، والثانية من جهة خربة زرعيت ‏مقابل بلدة راميا اللبنانية. أما ثالثهما حصلت من بعد زيارته الأخيرة للعاصمة اللبنانية بيروت ومغادرته لها بأربعة أيام، حيث حاولت وحدة خاصة من جيش الاحتلال التسلل إلى الأراضي اللبنانية عبر حرج موقع حدب عيتا مقابل بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط وذلك في ساعات الفجر الأولى من 19 اغسطس/آب، متزامنة أيضاً في اليوم المقرر لاجتماع بلينكن- نتانياهو بالقدس، حيث تصدت لها المقاومة الاسلامية وأجبرتها على التراجع بعد تحقيق إصابات مباشرة بالوحدة المتسللة.
وإن كان هذا التسلل قد يرى فيه البعض محض صدفة، إلا أنّ ما رافقه من تصعيد وأحداث، يستوجب التوقف عندها وهي:
أن تكون عمليات التسلل ليست بهدف الاستعلام التكتي ووضع أجهزة مراقبة وتجسس فقط، بل هي في إطار وضع اللمسات الأخيرة على خطة العمليات المعدة لمهاجمة الجنوب اللبناني، عبر استطلاع محاور التقدم المحتملة، وما تتضمنه من محاولات لاكتشاف النقاط العمياء عند الحافة الأمامية.
أن تكون عملية التسلل هي لإنقاذ أحد العملاء بعد انكشاف أمره، خاصة وأنه يتردد في أوساط حزب الله عن اختفاء وهروب أحد مهندسي الاتصالات بعد افتضاح أمرعلاقته بالموساد الصهيوني وهو المدعو ح. أ. وذلك عقب اغتيال القائد الكبير “فؤاد شكر” بيومين، في ظل الحديث عن اختراق أمني للشبكة الداخلية الحدودية، واعتقال لآخر مز سكان ضاحية بيروت الجنوبية.
جاءت ردات فعل العدو الأخيرة تجاه لبنان من بعد مغادرة “آموس هوكشتاين”، ترجمة للرسالتين اللتين حملهما إلى الحكومة اللبنانية، الأولى تحذيرية في قوله “لا نعلم ما يمكن أن تحمله الأيام القادمة على لبنان، بالرغم من أن لا أحد يريد حرباً شاملة بين ‫لبنان واسرائيل”. والثانية تهديدية في تشديده بألا يتماهى موقف الحكومة اللبنانية مع موقف حزب الله الذي يربط وقف الحرب في الجنوب اللبناني بوقف إطلاق النار في غزة، لأن هكذا موقف يعزّز من خطر توسّعها.
هي أيضاً رسالة صهيونية سبقت اجتماع نتنياهو- بلينكن في القدس نهار الاثنين في 19 الشهر الجاري، والذي استمر نحو 3 ساعات وهو الأطول في زيارات بلينكن المتتالية للكيان منذ بدء عدوانه على قطاع غزة، ومفادها فيما خص الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة أنه في وارد التصعيد عبر الانتقال الى المرحلة الثانية وبضوء أخضر أمريكي، إذ وفور مغادرة بلينكن للأراضي المحتلة نفّذ سلاح الجو الصهيوني غارات ليلية على البقاع الشمالي وعلى ليلتين متتاليتين أعقبها بليلة ثالثة على مناطق مختلفة في الجنوب اللبناني، لتأتي هذه الغارات في إطار ردات الفعل العالية السقف، ورداً على حد وصفه لاستهدافات المقاومة المتواصل لمواقع جيش الاحتلال وليس آخرها الجولان السوري المحتل.
يأتي هذا التصعيد في محاولة واضحة للعدو لإرساء قواعد اشتباك جديدة ومتحركة صعوداً، تكاد تكون أعلى سقفاً وتدميراً من معادلة المقاومة، هذه القواعد بعد أن أصبحت تصاعدية، غدت أكثر قابلية للتوسع أكثر فأكثر في كل مرة تضم فيها المقاومة أهدافاً جديدة لمواقع عدوة في ردّها على التصعيد الصهيوني. ويجيء أيضاً عقب فشل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وفي إطار العمليات التي تسبق ردّ المقاومة على اغتيال القائد “فؤاد شكر”، من أجل تفريغه من مضمونه وإسقاطه قبل تنفيذه ليأتي خاوياً عند حصوله، بعد أن أصبحت معادلة الردّ المتبادل “كرة ثلج” لا يمكن السيطرة عليها، مما يُقرّب العدو أكثر فأكثر من استهداف مرتقب ومركّز لضاحية بيروت الجنوبية…
كما يأتي هذا التصعيد تلبية للأصوات الصهيونية المطالبة بالحسم على الجبهة الشمالية وعلى رأسهم إيتمار بن غفير، ووزير حرب العدو يوآف غالانت الذي يعيش تناقضاً كبيراً في تصريحاته تجاه لبنان، فتارةً يرى في الحرب على لبنان مغامرة، وتارةً أخرى يرى إمكانية الانتقال إليها بشكل “سريع ومفاجئ وحاد جدا”. ليعود فيغيّر موقفه بشأن فتح جبهة جديدة للحرب في الشمال مع حزب الله، فيصرح حول عدم صوابية فتح جبهة جديدة. أمّا حول إعلانه مؤخراً عن نقل الجهد الحربي من غزة إلى لبنان، فإنه يحمل المؤشرات التالية:
أنّ الهجمات الصهيونية ستتكثف وتتعمق في لبنان، حتى ولو لم يرفع حزب الله من مستوى عملياته.
العمل على محاولة ردع حزب الله عبر توسيع العدو لعملياته تدريجياً ومع مرور الوقت.
محاولة إنشاء حزام ناري داخل جنوب لبنان وعلى امتداد الحدود، بتدمير كلي للقرى الحدودية بعمق 7-10 كلم.
ما يعني بأن حرب الاستنزاف التي كانت قائمة على الحدود اللبنانية الجنوبية منذ 7 اكتوبر قد انتهت، وتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي “حرب تمهيدية” سيحاول من خلالها العدو تدمير أو تحييد أكبر قدر ممكن من قدرات المقاومة من خلال القصف الجوي، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثالثة اي الحرب البرية المحتملة، والمؤجلة إلى ما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية آواخر العام الجاري، فإمّا أن يهدي نتنياهو وقف إطلاق النار في غزة ولبنان للرئيس الأمريكي الجديد؟ أو أن يُمنح إذناً بالمهاجمة البرية للبنان؟…وفي مطلق الأحوال، إذا كان هدفه العام والنهائي من الحرب على لبنان في كلا المرحلتين الثانية أو الثالثة هو اعادة الأمن والأمان لسكان الجليل؟ فهو أميٌ في التاريخ العسكري للمقاومة، وجاهلٌ في الجغرافيا الطبيعية للبنان، إذ تناسى أنه يقف حيث فشل الآخرون؟ فليقرأ من جديد إن استطاع إلى ذلك سبيلا، بأن للمقاومة قدرات هي أضخم وأقوى بكثير مما كانت عليه في تموز 2006…وبأن سلاح الجو لديه غير قادر على حسم المعركة ولا قواته البرية تستطيع السيطرة في الميدان. ولا هو بمقدوره إطالة أمد الحرب على لبنان…مما يدفعنا للسؤال التالي هل سيبقى حزب الله يتعامل مع هجمات العدو، من منطلق الردّ بالمثل والردّ المتبادل؟…أم سيُبدل في مناورته، فيأتيهم بغتةً من حيث لا يشعرون؟
*كاتب لبناني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …