الخميس , نوفمبر 21 2024
Home / اراء / نجمة داود ..ماينقص العلم الامريكي!

نجمة داود ..ماينقص العلم الامريكي!

مهدي مبارك عبد الله*
العلم الامريكي يتكون من 13 خط أحمر وأبيض ترمز إلى عدد المستعمرات البريطانية عند إعلان الاستقلال عن مملكة بريطانيا العظمى بتاريخ 4 تموز عام 1776 والتي أصبحت فيما بعد اول الولايات الامريكية مع وجود مربع أزرق يضم 50 نجمة بيضاء ترمز إلى عدد الولايات الامريكية يسمى بمربع الاتحاد اما نجمة داود السداسية الشكل التي تتوسط بين خطين ازرقين على علم الكيان الاسرائيلي يرمزان الى نهري النيل والفرات فهي تمثل الشعار اليهودي القومي كما عرفت من قبل بـخاتم سليمان وقد استعملت نجمة داود من قبل النازية خلال ما سمي بالهولوكوست حيث تم إجبار اليهود على وضع شارة صفراء على شكل نجمة داود على ملابسهم للتعرف عليهم.

الدعم الأميركي لإسرائيل بدأ منذ إنشائها عام 1948 حيث كانت أميركا أول دولة اعترفت بقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي ومنذ ذلك الوقت امتد تاريخ طويل ومتواصل من الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لاسرائيل شمل التعاون المشترك في مجالات التعليم والصحة والطاقة والبحث العلمي والتقني وغيرها.

دولة الاحتلال تعدّ أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية ووفقا للمؤشرات الرسمية الأميركية بلعت المساعدات الإجمالية المقدمة من امريكا لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023 نحو 158.6 مليار دولار في حين قدرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إجمالي المساعدات الأميركية الملتزم بها لإسرائيل في الفترة ذاتها نحو 260 مليار دولار ومعظم المساعدات الأميركية لإسرائيل ذهبت إلى القطاع العسكري وقد بلغ حجمها فيما بين عامي 1946 و2023 بحسب التقديرات الأميركية الرسمية نحو 114.4 مليار دولار إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي وقد وجدت الإدارات الأميركية المتعاقبة في إسرائيل حليفا استراتيجيا يمكنها الاعتماد عليه في مواجهة السوفيات وحلفائهم من القوميين والثوريين العرب انذاك وفي هذه الأثناء، توجهت أنظار الإسرائيليين وجهودهم نحو امريكا تحديدا بعد توليها قيادة العالم لكسب دعمها ومساعدتها.

سوف نركز في مضمون هذا المقال على الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل خلال الحرب الاجرامية على غزة والذي لم يقتصر على المال والسلاح والحشد السياسي والدبلوماسي الدولي فقط بل انخرطت واشنطن منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب عبر توجيهها تهديدات حازمة لإيران وحزب الله في لبنان وجماعة انصار الله في اليمن وقوات الحشد الشعبي وغيرها في العراق لمنعهم من المشاركة في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية من خلال مفهوم محور المقاومة ووحدة الساحات حيث أرسلت واشنطن على عجل حاملات الطائرات مثل جيرالد فورد وبعض القطع العسكرية البحرية الاخرى إلى المنطقة لإثبات جدية تهديداتها ودعمها لإسرائيل كما لو أنّها الولاية الامريكية الواحدة والخمسون التي تتعرض لهجوم عسكري مباشر وأول أشكال هذا التضامن كان ليلة السابع من أكتوبر عندما أضيء مبنى البيت الأبيض بألوان العلم الإسرائيلي الأزرق والأبيض.

على الصعيد العسكري الميداني نفّذ سلاح الجو الأمريكي مئات الطلعات الجوية الاستخبارية لتقديم الدعم المعلوماتي لإسرائيل حول مكان وجود الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة ومحاولة تحديد أماكن الأنفاق ومساراتها وأماكن وجود قيادات المقاومة الفلسطينية لاستهدافها وهو ما أسفر عن اغتيال بعضهم إضافة إلى المساعدة في الاختراق التقني لسلاح الإشارة التابع للمقاومة كما هدد البنتاغون بزيادة عدد طائراته المقاتلة في المنطقة.

ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حرصت خلال أشهر الحرب المتتالية على توفير المعدات و الذخائر والأسلحة لكيان الاحتلال من مخازنها الموجودة في القواعد الأمريكية في الدول المحيطة بفلسطين المحتلة لإيصالها بشكل سريع ولكسب الوقت وفي 10 اكتوبر / تشرين الاول 202 وبعد ثلاثة أيام من الحرب على غزة ألقى الرئيس بايدن خطابً أكّد فيه دعم بلاده المطلق لإسرائيل وادان هجوم المقاومة ثم قام بزيارة سريعة إلى الأراضي المحتلة كتعبير علني عن دعمه لكيان الاحتلال وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس أمريكي لإسرائيل خلال أي حرب.

كذلك في يوم 19 كانون الأول أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن من البحرين عن تشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات باسم ( حارس الازدهار ) يتألّف بشكل أساسي من قوى أمريكية وبريطانية للرد على الهجمات التي شنّتها قوات أنصار الله على السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى الموانئ في فلسطين المحتلة وفي بداية اذار 2024 أعلن بايدن عن إنشاء ميناء مؤقّت في غزة لإيصال المساعدات الإنسانية بحرًا إلى القطاع وقد كان لهذا الميناء دور في عملية المداهمة التي نفّذتها القوات الإسرائيلية في مخيم النصيرات وأسفرت عن إطلاق سراح 4 رهائن إسرائليين وخلال 20 يومً فقط من بدء الحرب وصل دعم الجالية اليهودية في امريكا إلى الجمعيات الإسرائيلية داخل الكيان إلى 830 مليون دولار

وفي منتصف شهر نيسان 2024 قادت امريكا حلف دفاعيً عسكريً من دول اوروبية وعربية عدة للدفاع عن إسرائيل في وجه الرد الإيراني الذي شمل الصواريخ والطائرات الُمسيرة كردًّ على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق. حيث عملت امريكا على تفعيل أنظمة الدفاع الجوي وتعزيزها والاستفادة من الُمدمرات التي كانت مرابطة في البحر الأحمر.وفي ذات الوقت استخدمت امريكا حق النقض (الفيتو) ضد مقترح قرار مجلس الأمن يعترف بالدولة الفلسطينية والذي صوّتت 12 دولة لصالحه وعارضته امريكا وامتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت.

بعد التهديدات الايرانية وحزب الله وانصار الله والحشد الشعبي بالرد على اغتيال القائد العسكري في المقاومة اللبنانية فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران عاودت الإدارة الأمريكية التزامها بحماية اسرائيل والدفاع عنها كما قامت بتعزيز الدفاعات الجوية في المنطقة وحاولت إنشاء تحالف مع عدد من الدول العربية والاوروبية بقيادة قائد القيادة المركزية مايكل كوريلايث.

للأمانة التاريخية لا بد من الاشارة في هذا السياق الى ان الادارة الامريكية مارست الاحتيال والانحياز وتحوير النصوص والمواقف لصالح كيان الاحتلال مرات عدة أثناء جولات التفاوض الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وفي أكثر من مرة اعلنت بشكل خادع بالتنسيق وتوزيع الأدوار مع الاحتلال عن قرب التوصل إلى اتفاق بهدف تمكين قواته من استهداف قيادات المقاومة أو تنفيذ عمليات مشتركة لتحرير الأسرى كما حدث في عملية مستشفى الشفاء غرب قطاع غزة في آذار الماضي التي نتج عنها سقوط مئات الشهداء والمصابين والمعتقلين

وفي نفس السيناريو الخبيث تكرر أيضًا في عملية تحرير الأسرى الإسرائيليين الاربعة في مخيم النصيرات بعدما إشاعة أمريكا اجواء من التهدئة للتغطية على دخول قوات الكوماندوز الاسرائيلي بشاحنات دعم انساني للتضليل يضاف الى ذلك طلب واشنطن المتواصل من الوسيطين المصري والقطري للضغط على حماس لقبول الاتفاق وتوجيهها عدة رسائل تهديد عبر مبعوثيها بأن اي رد لحزب الله وإيران على اغتيال إسرائيل اسماعيل هنية وفؤاد شكر سوف يقود الى فشل حتمي للمفاوضات وبالتالي توسع الصراع في المنطقة

الاسئلة التي تثار بشأن قوة العلاقة وتساوق المواقف الى حد التطابق بين امريكا وإسرائيل كثيرة والبعض يَعزوها إلى قوة اللوبي اليهودي وضعف الإدارة الأمريكية وأن اليهود الأمريكيين لهم تأثير هائل على السياسة الخارجية الأمريكية والشرق الأوسط على حساب المصلحة القومية العليا والحقيقة التي يعرفها المختصون أن اللوبي الإسرائيلي ليست لديه القدرة الكبيرة في التأثير على القرارات الكبرى للسياسة الخارجية الامريكية وتقتصر قدرته على التأثير على بعض السياسات التي تخدم إسرائيل بأقناع أصحاب القرار في الادارة والحكومة والمجلس التشريعي بتأييد مصالحها وليست جماعة الضغط اليهودية في الواقع هي الأكثر قوة بالقياس لجماعات الضغط الأخرى ويبقى السؤال كيف استطاعت مجموعة من البشر لا يتجاوز عدد أفرادها 6 مليون أمريكي أن تصل إلى هذا الحد من التأثير السياسي والاندماج في المجتمع الأمريكي حيث استطاع معظم اليهود الأمريكيين بلوغ مكانة اجتماعية وسياسية ووظيفية توازي مستوى الطبقة الامريكية الوسطى واصبحوا أعضاء في مجلس الشيوخ ورؤساء شركات وجامعات

على الطرف الاخر ثمة من كان يقول أن امريكا دعمت إسرائيل بسبب تقارب مصالحهما المشتركة في المنطقة ونظرا لما يوفره كيان الاحتلال من سيطرة استراتيجية واسعة في المنطقة حيث استطاع اللوبي الإسرائيلي إقناع الأمريكيين بأن المصالح الأمريكية والإسرائيلية مهمة ومتماهية من حيث السياسات العامة وجوهر الاهداف

بالتدقيق في الواقع العملي نجد ان امريكا لا زالت أسيرة في قفص الأباطيل والخرافات الإسرائيلية حول الكتاب المقدس الذي شكل على الدوام العمود الفقري للعقل السياسي وصناعة الرأي العام الأمريكي عندما شرعت أمريكا بعد اكتشاف كولومبس لها سنة 1492 يتطبق النصوص الحرفية للكتاب المقدس بحملاتها التوسعية في القارة الجديدة وكذلك فيما بعد تجاه محددات الصراع والموقف تجاه اسرائيل حيث أخذت الرموز التوراتية تهيمن على الحياة الأمريكية حيث تحولت واشنطن إلى أورشليم الجديدة وفي بداية القرن الثامن عشر سيطر على العقل الأمريكي، فكرة أن المجيء الثاني للمسيح يبقى رهينة بإعادة اليهود إلى فلسطين ولهذا انطلقت جماعات بروتستانتية أمريكية في القرن التاسع عشر إلى الأراضي المقدسة لإنشاء عدة مستوطنات من اجل التعجيل بمجيئه كما برزت ايضا جمعيات وقساوسة ومؤسسات ومسؤولين حكوميين وصحفيين ورجال أعمال اجتهدوا من أجل تجسيد الإيمان بالصهيونية وتحويله إلى نشاط فعلي وفي جميع افكارهم كانوا يقحمون فلسطين في تصوراتهم والأسماء المسيحية ــ اليهودية المتوارثة

في ثلاثينيات القرن العشرين ازداد عدد الجمعيات الأمريكية المؤيدة لإقامة دولة يهودية في فلسطين والتي تؤمن بان فكرة انبعاث إسرائيل من جديد هو نبوءة توراتية كان هدفها حشد الرأي العام الأمريكي من أجل تحقيق الأهداف الصهيونية في فلسطين بأشراف المنظمة الأمريكية الصهيونية العالمية ايباك ومنذ أربعينيات القرن العشرين وحتى أواسط الستينيات انشأت مؤسسات أمريكية صهيونية ضمّت عدة منظمات ومجالس ولجان مثل منظمة النداء اليهودي الموحد واتحاد الشباب الصهيوني الأمريكي ومجلس الشباب المشترك ولجنة التضامن اليهودي الأمريكي والكونغرس الأمريكي ــ اليهودي فضلا عن المجموعات والأفراد الذين يشكلون اللوبي الإسرائيلي وهدفها الاساسي توفير الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل والتأثير في سياستها الخارجية.

المتتبع لمسيرة العلاقات الامريكية الاسرائيلية يلاحظ انه على الرغم من كثرة الحديث المتذمر في أنحاء متفرقة من العالم ولا سيما في الكتابات العربية عن مسألة التأثير اليهودي في صنع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وتطويع السياسة الخارجية الأمريكية للتكيَف مع المتطلبات الصهيونية جعلت القوة الامريكية العظمى ضحية للنفوذ اليهودي وألعوبة في يد الصهيونية ومصالحها الضيقة.

خلال السنوات الطويلة والممتدة أصبحت إسرائيل والولايات المتحدة مرتبطتين بعلاقة خاصة شديدة التعقيد شبهها بعض المراقبين بتحالف غير رسمي متين وبالرغم من أن واشنطن جعلت العلاقات رسمية بفتح سفارة في تل أبيب عاصمة إسرائيل في 1949 في عهد الرئيس ترومان وفي أعقاب انتقال جون كينيدى إلى البيت الأبيض 1961 دعمت امريكا الدولة اليهودية عسكريا ودبلوماسيا وأثناء سنوات حكم جونسون ونيكسون أقتنع كثيرين في مين ستريت وكابيتول هيل أن إسرائيل تعتبر ( أصل استراتيجي ثابت ) لأمريكا وفي أي حرب ستستمر في دعمها لا سيما في الجانب التسليحي والأمني والعسكري والاستخباراتي والدبلوماسي.

الولايات المتحدة الامريكية في مختلف مراحلها التاريخية كانت مستعدة للتضحية بمقتضيات أمنها القومي وسياستها العليا من أجل وجود إسرائيل وان التأييد المطلق لإسرائيل في حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة لا مثيل له في تاريخ السياسة الأمريكية على امتداده ومعظم الامريكيين وبعض المشرعين لا زالوا ينظرون لإسرائيل كدولة متماثلة بل متطابقة مع قيم المجتمع الأمريكي في التقاليد والديمقراطية والوطنية والعائلة والصمود في مواجهة التحديات والاستعداد للنضال من أجل محاربة الإرهاب ودعم الأمن العالمي وان لها أساس واضح في الثقافة الأمريكية والتي توصف بأنها ثقافة يهو ــ مسيحية تقوم على التقاليد الأخلاقية والدينية لليهودية والمسيحية وتمجيد التراث اليهودي المسيحي وهو ما اوجد في النهاية معنى سياسي شكل التوافق بين القيم الأمريكية والإسرائيلية ولهذا كان معظم الأمريكيون ورؤساؤهم على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم لا يتفقون على شيء كاتفاقهم على المشروع الصهيوني الذي يشربه الأمريكيون كبار وصغار مع حليب أمهاتهم ثقافيًا وتاريخيًا وتربويًا وإعلاميًا ودينيًا باعتبارها اصبحت مثلًا أخلاقيًة عليا.

ختاما ما فعلته وتفعله امريكا في ظل إدارة الرئيس بايدن مع إسرائيل غير مسبوق سيما وأن بايدن قال عن نفسه ( أنا صهيوني وإن لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها ) وأمريكا لا زالت ترى أن إسرائيل تقوم بالحرب بالوكالة عنها للحفاظ على مصالحها في المنطقة أمريكا وهي المسؤولة الأولى عن استمرار الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين وحمايتها ودعمها لإسرائيل بالمال والسلاح وحماية حدودها واجوائها لا يمكن تفسيره إلا بأن واشنطن تعتبر اسرائيل الولاية الأمريكيّة ( الحادية والخمسين ) لكنّها تتحفظ بالإعلان عن ذلك كي لا ينظر إليها العالم كدولة محتلّة والسؤال الاخير هل كانت أمريكا ستدافع عن أي ولاية من ولاياتها الخمسين أكثر من دفاعها عن اسرائيل؟

*كاتب فلسطيني وباحث متخصص في العلوم السياسية

About اليمن الحر الاخباري

Check Also

ترامب والعالم!

بسام ابو شريف* قبل ان يدخل ترامب البيت الابيض ما هي خطة العمل باركانها الاستراتيجية …