السبت , أكتوبر 5 2024
الرئيسية / اراء / 26 سبتمبر .. يوم ميلاد اليمنيين!

26 سبتمبر .. يوم ميلاد اليمنيين!

بقلم/ محمد العزيزي
“من مات فهو شهيد ومن عاش فهو عتيق “، هكذا رد الإمام أحمد ، على علماء مدينة صنعاء عندما قدموا وتقدموا إليه بعريضة فتوى ممهورة بتوقيعاتهم، تطالبه بإعطاء زوار صنعاء زيادة كدمتين في اليوم تنقذهم من المجاعة التي اجتاحت البلاد ، وقدوم الوجهاء والمواطنين إلى قصر صنعاء من أنحاء البلاد حيث الإمام يطلبون قليلا من الطعام والحبوب لإنقاذ حياة أسرهم من الجوع والفاقة ، فكان ذلك هو رده عليهم في تكبر واستعلاء واستهتر بأرواح الناس وعدم اكتراث أو أدنى مسؤولية أو تأنيب ضمير تجاه شعب يقتله الجوع والفاقة وصربته سلطة الجباية لصالح بيت مال الإمام المستبد.

كان الموطن اليمني في عهد الإمامة يعيش حالة من البؤس والحرمان والجوع ، يقابله رفاهية ونعيم لأسرة الإمام وحكام دولة الإمامة والاستفراد بخيرات البلاد ومواردها المختلفة، كان الشعب يمشي حافيا ،عاريا، وحاشية الحكم الإمامي يلبسون أرقى وأفخم الملابس والأحذية من الماركات الأوروبية البلغارية والبلجيكية والسويدية والأسبانية .

المواطنون يعيشون في الظلام الدامس والإمام وحكامه وعماله ومسؤوليه لديهم النورات والضوء والكهرباء والطائرات، والشعب يموت من المرض والجوع وحاشيته يتعالجون في أفخر مستشفيات بلاد الكفر كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا ، الأمية والجهل والكد في الحقول والزراعة ورعي الأغنام وهو قدر الشعب لتوفير متطلبات دولة الإمامة ، بينما التعليم في دول الخارج وتحديدا في أوروبا من نصيب أولاد الإمام وأركان حكامه ومسؤوليه والمقربين منه ،وأبناء الشعب محرومون من التعليم على المستوى المحلي والخارجي لأنه أي الإمام يعتقد أن الشعب لا يستحق، ذلك هو حال الشعب في عهد الإمامة وما أشبه الليلة بالبارحة.

كل نزلات العذاب وأصنافه يجب أن يكون من نصيب الشعب اليمني دون غيره من فئات نظام الحكم الإمامي المحمي بنظام قمعي بغيض ، ومن رفع صوته من أبناء الشعب الأبي نال ويلات العذاب والتنكيل والسجن وتثخين القيود ومصيره الدائم في غياهب الزنازن والسجون الموحشة، أما العبودية والرهائن مقابل إخلاص الشعب وكبار القوم والمشائخ فريضة وعادة سلكها نظام حكم الطاغية والطغاة والمستبدين لضمان بقائهم على عرش الحكم والاستبداد ، وأكمل نظام حكم الإمامة أشكال التنكيل بعزل الشعب عن العالم حتى يبقى مكبلا طائعا منصاعا لجبروته ،وصخرة لنظامه القمعي طوال حياته وسلالة حكمه إلى يوم يبعثون كما كان يحلم ويعتقد.

جاء أيلول العظيم منجاة للشعب المقهور والمظلوم ليحطم كل تلك القيود والاغلال التي اصطنعها الحاكم الظالم ،ويطيح باعتاء جبروت ونظام حكم مستبد على مستوى المنطقة وشبه الجزيرة العربية وربما الدول الإسلامية والعالم ، لم تكن ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ المجيدة ثورة عبثية أو تغيير حكم بحكم آخر بطرا، بل كانت ثورة شعبية كبيرة خرجت من رحم المعاناة والجبروت والظلم والتكبر والتجبر على شعب يعاني ويلات العذاب والمعاناة والحرمان والتنكيل فكان لهم ذلك.
نعم ثورة سبتمبر يوم إعلان قيامها وانطلاق شرارتها كانت بمثابة يوم ميلاد اليمنيين من جديد للحياة ،وخروجهم من الظلمات إلى النور ومن الاستعباد والاستعلاء إلى الحرية والكرامة والعدالة والتعليم والصحة والطب والطرقات والجامعات والمواصلات ، ثورة سبتمبر عرفت الشعب اليمني بالعالم الخارجي والعكس عرف العالم اليمن وشعبها ، وخرج الشعب وسافر وانتشر في كل بقاع الأرض بعد عزلة تامة فرضت عليه وأجبر عليها من قبل دولة الإمامة الكهنوتية لعقود من الزمن دون رحمة.
يدعي البعض اليوم ظلما وبغيا وبهتانا وتجنيا أن ثورة سبتمبر لم تقدم شيئا منذ قيامها للشعب اليمني ، وبهذا القول فقد ظلم نفسه وكفر بأنعم الله التي جاءت مع قيام الثورة وكانت سببا بالخير والمشاريع والخدمات ، وإن افترضنا أنها كذلك لم تقدم شيئا ،فيكفي الشعب اليمني أن ثورة سبتمبر انتشلت كافة فئات الشعب دون استثناء من الأمية وحرمان العلم والتعليم والمعرفة إلى رحاب التعليم العام والتعليم الجامعي ، يكفي سبتمبر وثوارها فخرا أن اعتنق الشعب الحرية وخروجه من سطوة العبودية والرهائن إلى رحاب الحرية والكرامة والعدالة وانفتاحه على العالم ، يكفي ثورة سبتمبر أن جعلت المواطن اليمني لا ينقصه شيء مما يتمناه ووصل إليه شعوب العالم بعد أن عاش حالة الحرمان والمعاناة بأشكالها وأنواعها وحقيقتها.

اليوم الشعب اليمني يحتفل بالعيد الوطني المجيد الثاني والستون ٦٢ لقيام الجمهورية والثورة الأم ويتساوى رقم سنوات حضورها المجيد والتليد مع تاريخ سنة انطلاقها في ١٩٦٢ من القرن الماضي وهو ما يحتم على كل مواطن حر جمهوري شريف أن يحتفل بها وبشكل استثنائي يلقي بالمناسبة وتاريخها قيامها وعمرها المديد حتى تظل حاضرة في نفوسنا بقوة رغم أنف من يريدون اغتيالها اليوم وحضر الاحتفال بها ، فالاحتفال باليوم الوطني لسبتمبر هذا العام مختلف عن كل الأعوام السابقة فهو العيد الماسي والذهبي والعسجدي ، وتعبير وجودي للثورة السبتمبرية واستمرارها إلى أن يشاء الله ، وأيضا يكفي ثورة سبتمبر أنها كانت النواة وأساس لقيام ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣ المجيدة وتحقق من خلالها طرد أكبر مستعمر عرفه التاريخ المستعمر البريطاني البغيض والوجه الٱخر للاستبداد والظلم الذي عاشه الشعب في الشمال ،وتحققت من خلال هاتين الثورتين العظيمتين الوحدة اليمنية المباركة التي كانت أحد و أهم أهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر.

أيلول الثورة عمل عظيم قام بها ثوارها وشهداءها الذين ضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة لكي يعيش هذا الشعب برخاء وحرية وكرامة ويتطلع للمستقبل كباقي شعوب العالم ، وهم بهذه المناسبة يستحقون منا ومنكم ومن جميع من ينتمون لتراب الوطن كل المحبة والعرفان على ذلك العطاء اللا محدود الذي قدموه، ونترحم على أرواحهم الطاهرة لأنهم قاموا بهذا العمل العظيم والذي خلص الشعب اليمني من براثن اعتاء نظام حكم مستبدا للبشر، وظل جاثما على صدور أبناء الشعب اليمني ردحا من الزمن .

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كيف ينسى هذا الجيل كل جرائم الاحتلال؟!

  اسيا العتروس* تخيلت هذا الحوار وانا اتابع القنوات الغربية في متابعتها للقصف الايراني على …