د. جمال سالمي*
ليس في السياسة أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون كما يقول الثعلب الإنجليزي تشرشل..
لذلك، ليس من المستبعد أبدا أن يتحول عدو جمهوري صريح مثل ترامب إلى حليف أو حتى محايد..
كل موقف سياسي تحكمه مصالح او مبادئ..
لقد صوت عرب أمريكا بقوة لبايدن..
فماذا كانت النتيجة؟
دمار غزة ولبنان والسودان وأوكرانيا؟
لماذا لا ينتقلون إذن للضفة الجمهورية الأخرى؟
سيناريو محتمل..
خاصة بعد جهود مضنية يقوم بها بعضهم لمد الجسور مع ترامب..
فإضافة لمستشاره اللبناني قدورة فارس، لعب صهر نرمب رجل الأعمال اللبناني مسعد بولس (الذي تزوج ابنُه مايكل من ابنة ترامب: تيفاني) دورا كبيرا في استمالة عرب (وحتى مسلمي أمريكا) للتصويت لصالح الجمهوريين..
فقد التقى مع ناخبين عرب على عشاء نظّمه فلسطيني أمريكي..
قال لهم، حسب واشنطن بوست، أن ترامب أفضل خيار لهم..
السبب واضح: وقف الحرب في غزة..
صحيح أنه مشهد انتخابي أمريكي مثير للغرابة..
بالنظر للعداء الصريح الذي أبداه ترامب سابقا لكل ما هو عربي إسلامي.. لكن سلوكا انتقاميا سوف يتحكم في بعض الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين..
فحتى أولئك الذين يميلون عادة نحو الحزب الديمقراطي صاروا أكثر حماسة ونشاطاً في هذه الحملة..
لقد أصبح لهم شعور قوي بأن حزبهم قد خانهم..
فلم يتمكن بايدن ولا هاريس من الضغط على الحليف في الشرق الأوسط لوقف حملته المدمرة التي قتلت أكثر من 40.000 فلسطيني وآلاف اللبنانيين..
كما وجّهَ 750 ألف شخص غضبهم بالتصويت بـ “غير ملتزمين” في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي..
بدلاً من الاصطفاف خلف الرئيس الحالي..
بالنسبة لبولس، الذي يطلق على نفسه “مبعوث” ترامب للعرب والمسلمين الأمريكيين، فإنه وَجد صعوبة في تسويق فكرة أن ترامب هو أفضل صديق للفلسطينيين..
فموقف الرئيس السابق، ودعمه داخل المجتمعات هذه، يخيم عليه خطابه وسياساته السابقة التي شيطنت المسلمين والعرب، بما في ذلك منشور على منصات التواصل الاجتماعي يُظهِر رجالاً مسلمين يحرقون العلم الأمريكي، وبتعليق: “تعرّفوا على جيرانكم الجدد لو فازت كامالا هاريس، صوّت لترامب 2024”.
لكن ماذا لو كان بالإمكان إقناع البعض للتصويت لترامب؟
ففي انتخابات متقاربة، والتي يقول خبراء الاستطلاعات إنها ستحدّد بهامش ضيق، يرى بولس (54 عاماً) أن بعض التواصل يمكن أن يحدث فرقاً.
أخبر المجتمعين في تلك الليلة:
مجتمعنا في أريزونا كبير ومهم للغاية، ويمكننا إحداث فرق. يمكننا التأكد من حصولنا على هذا الهامش.
باعتباره ممثلاً لترامب أمام المجتمعات العربية والمسلمة في أمريكا (دور لا تنكره حملة ترامب)، قام بولس بست رحلات إلى ميتشغان (الولاية المتأرجحة المهمة)..
الهدف: استمالة جالية عربية أمريكية كبيرة، أعلنت نسبة 13% من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية أنهم غير ملتزمين بدعم بايدن(قبل خروجه طبعا من السباق)..
بولس زار أيضا أريزونا (ولاية متأرجحة أخرى)..
لديه فرصة أكبر للتواصل..
يقول بولس:
كنت من المعارضين للحزب الديمقراطي..
تعرّفَت على ترامب عندما بدأ ابنه بملاقاة ابنة الرئيس السابق في 2018.. أصبح قريباً من الرئيس السابق بعد زواج ابنه مايكل من تيفاني ترامب بمقر الأخير في مار- إي- لاغو ببالم بيتش، فلوريدا عام 2022.
تعود جذوره إلى لبنان..
يوزّع الآن وقته ما بين ساوث فلوريدا ونيجيريا (حيث يشرف على مجموعة عائلته التجارية التي تقدّر بالمليارات “أس سي أو إي” هناك)..
للتذكير، أعطى ترامب سابقا دوراً لعائلته في حملته الانتخابية..
خاصة صهره اليهودي: جاريد كوشنر، المؤيد الشديد لتل أبيب..
يقول بولس: لا ألعب أي دور رسمي في الحملة الانتخابية الحالية..
لكنني أجري مع ترامب محادثات حول الشرق الأوسط وغزة..
بدا الرئيس السابق متقبّلاً لآرائي..
للإشارة، رفضت كارولين ليفيت (المتحدثة باسم حملة ترامب) التعليق على طبيعة عمل بولس، نيابةً عن الرئيس السابق وحملته للعودة من جديد إلى البيت الأبيض..
كما لم تعلّق على أيّ طموحات للحملة بشأن كسب أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين..
لكنها قالت إن ترامب ملتزمٌ بالسلام في الشرق الأوسط.. كتبت، في رسالة إلكترونية:
يريد الرئيس ترامب السلام والازدهار لكل الناس..
لم تنسَ طبعا التذكير باتفاقيات أبراهام، برعاية ترامب..
بالعودة لحفلة حفلة فونيكس، حضر رجال ونساء من أصول فلسطينية ولبنانية وسورية في باحة منزل بشارة بحبح (حيث تم وضع الأثاث والبيانو الكبير جانباً لإفساح المجال لطاولتين كبيرتين لتناول الطعام)..
تحدث بولس أمام رسم فني كبير للمدينة القديمة في القدس، على الحائط المقابل..
دعا بحبح، مراسل صحيفة “واشنطن بوست”، لمراقبة الحدث..
بحبح فلسطيني أمريكي تقاعَدَ قبل فترة من عمله في الخدمات المالية، وهو مؤسس مجموعة “عرب أمريكيون من أجل ترامب..
شارك مع بولس في مناسبة مماثلة في شيكاغو..
دعاه لكي يتحدث إلى هذه المجموعة المكونة في معظمها من عائلته وأصدقائه..
كان من بين الحاضرين أيضاً آبي حمادة (المرشح الجمهوري العربي المسلم الوحيد الذي أيده ترامب للكونغرس)..
من المتوقع أن يفوز في منطقة جمهورية آمنة..
حثَّ بولس الحاضرين ودعاهم للتفكير بالقيم التي نشترك فيها “كشرق أوسطيين” مع الحزب الجمهوري..
”نحن بطبيعتنا محافظون”..
لكنه ركّز حديثه على موضوع يهم الجميع، ومن النادر أن يظهر في أحاديث وخطابات ترامب: الدماء في غزة..
قائلاً إن هذه المجازر لم تكن لتحدث لو كان هناك “رئيس قوي في البيت الأبيض..
بل وما كانت الحرب لتحدث مطلقاً”. واستدرك قائلاً: “أعلم أن هناك الكثير من الأسئلة حول تصريحات معينة”، في إشارة غامضة إلى وصف ترامب المهين لأحد خصومه السياسيين بأنه “فلسطيني”، وتعهداته بترحيل المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين..
لكن “موقف ترامب الواضح والصريح في هذا الأمر هو أنه يعارض هذه الحرب تماماً وبشكل مطلق..
فهو يعارض قتل المدنيين تماماً بشكل مطلق”.
تشير الصحيفة إلى أن إشارات ترامب للحرب كانت واسعة ومتناقضة..
تركت مساحة كبيرة للتكهن.
بدا في بعض الأحيان وكأنه ينتقد نتنياهو، ويحثّ على إنهاء الحرب، وهي تصريحات أكد عليها بولس خلال هذه المناسبة.
*كاتب جزائري
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …