الخميس , نوفمبر 21 2024
Home / أخبار / تحليل..الضوء الأخضر الأمريكي.. تغيير قواعد اللعبة أم مقامرة دولية خطيرة؟

تحليل..الضوء الأخضر الأمريكي.. تغيير قواعد اللعبة أم مقامرة دولية خطيرة؟

د. شهاب المكاحله*
قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي يُعد تحولا جذريا في السياسة الأمريكية تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، ويثير تساؤلات كبرى حول التداعيات الإقليمية والدولية لهذا القرار. هذه الخطوة التي تتزامن مع التصعيد الروسي المكثف، وقبل تسلّم دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية في ٢٠يناير ٢٠٢٥، قد تغيّر قواعد اللعبة في الصراع المتواصل منذ ألف يوم، لكنها تفتح الباب أيضا أمام احتمالات خطيرة، تصل إلى تحذيرات موسكو من نشوب حرب عالمية ثالثة.
أمريكا وأوكرانيا: حسابات سياسية على حافة الهاوية
منحت واشنطن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش (ATACMS)، التي يصل مداها إلى 190 ميلا، في استهداف مواقع روسية داخل العمق الروسي. هذا القرار يأتي وسط ضغوط على إدارة بايدن لتحقيق إنجاز في السياسة الخارجية بعد إخفاقها في ملفات أخرى، أبرزها الأزمة في غزة ولبنان. بالنسبة لبايدن، قد يمثل دعم أوكرانيا خطوة أخيرة لمحاولة ترميم إرثه السياسي قبل مغادرة البيت الأبيض.
لكن هذه الخطوة ليست بلا مخاطرة. إذ إن السماح باستخدام هذه الصواريخ يُدخل الحرب في مرحلة جديدة أكثر خطورة، حيث قد ترد روسيا بضربات أعنف أو تتجه نحو تصعيد شامل، خاصة مع انضمام القوات الكورية الشمالية للقتال إلى جانب موسكو.
أوروبا ترحب… وبوتين يتوعد
في الجانب الأوروبي، لاقى القرار ترحيبا واسعا باعتباره الرد الذي “يفهمه بوتين”، وفقا لتصريحات وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي. بريطانيا، على لسان رئيس وزرائها كير ستارمر، أكدت أهمية مضاعفة الدعم لأوكرانيا، فيما شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن بوتين “لا يريد السلام”، ما يعكس توحدا أوروبيا في مواجهة التصعيد الروسي.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أكدت أن الاتحاد الأوروبي سيظل داعما لأوكرانيا “ما دام ذلك ضروريا”. لكن الترحيب الأوروبي لا يلغي المخاطر المرتبطة بتوسيع نطاق الصراع.
موسكو تحذر من عواقب كارثية
ردّ الفعل الروسي كان حادا وسريعا. البرلمانيون الروس حذروا من أن هذه الخطوة قد تفضي إلى تصعيد قد يصل إلى حرب عالمية ثالثة. رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، ليونيد سلوتسكي، أكد أن الضربات الأمريكية داخل روسيا ستؤدي إلى “رد قوي”، فيما وصف عضو مجلس الاتحاد أندريه كليشاس الوضع بأنه “تصعيد قد ينتهي بتدمير الدولة الأوكرانية بالكامل”.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد حذر سابقا من أن استهداف الأراضي الروسية بأسلحة بعيدة المدى سيضع الغرب في مواجهة مباشرة مع موسكو، مما يعني تحول الصراع من حرب إقليمية إلى مواجهة عالمية مفتوحة.
ما وراء القرار الأمريكي: استراتيجية أم يأس؟
القرار الأمريكي بالسماح باستخدام الصواريخ بعيدة المدى يحمل في طياته رسائل متعددة. أولها، أن واشنطن أرادت ردع روسيا بعد دخول القوات الكورية الشمالية على خط المعركة، وهو تطور يعكس تنامي الحلف بين موسكو وبيونغ يانغ في مواجهة الغرب. ثانيها، أن بايدن يبحث عن انتصار رمزي على الساحة الدولية، في محاولة لتعزيز موقف الديمقراطيين قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن التوقيت يثير الشكوك؛ إذ يأتي القرار في لحظة فارقة قد تستغلها موسكو لتعزيز سرديتها بأن الغرب يسعى لتدمير روسيا، مما يمنح الكرملين ذريعة لزيادة التصعيد العسكري.
ترامب على الأبواب: معادلة جديدة؟
مع اقتراب دونالد ترامب من العودة إلى البيت الأبيض، تتغير المعادلة السياسية. ترامب، المعروف بمعارضته للدعم الأمريكي لأوكرانيا، قد ينتهج سياسة مغايرة تماما، ما يضع كييف في مأزق استراتيجي إذا تقلصت المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية. قرار بايدن قد يكون محاولة لفرض واقع ميداني يجعل التراجع عنه صعبًا بالنسبة للإدارة القادمة، لكنه يزيد من تعقيد المشهد ويضع أوكرانيا في موقف هش إذا تغيرت السياسة الأمريكية.
اللعبة الكبرى: إلى أين تتجه الحرب؟
الضوء الأخضر الأمريكي يفتح فصلاً جديدا في الحرب الروسية الأوكرانية، لكنه أيضا يقرب العالم من حافة الهاوية. بينما تسعى واشنطن وحلفاؤها لتوجيه ضربات موجعة لروسيا، فإن هذا التصعيد قد يكون بداية لسلسلة من الردود العنيفة التي قد تغير طبيعة الحرب ونطاقها.
روسيا، التي تواجه تحديات داخلية وضغوطا دولية، قد ترى في التصعيد فرصة لحشد الدعم الشعبي وتعزيز تحالفاتها مع دول ككوريا الشمالية وإيران. أما أوكرانيا، فرغم الترحيب الدولي، تواجه مستقبلا غامضا في ظل احتمالية تقليص الدعم الغربي مع تغير الإدارة الأمريكية.
في النهاية، الحرب لم تعد مجرد مواجهة بين كييف وموسكو؛ إنها لعبة كبرى يعاد فيها تشكيل موازين القوى العالمية، وكل خطوة تحمل معها احتمالات خطرة قد تجر العالم نحو تصعيد غير مسبوق.
*كاتب اردني

About اليمن الحر الاخباري

Check Also

مدريد تمنع رسو سفينة شحن متجهة للكيان العدو الصهيوني في الموانئ الاسبانية

اليمن الحر الاخباري/ متابعات أكدت الحكومة الإسبانية في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء، أنها لن تسمح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *