الأحد , فبراير 23 2025
الرئيسية / اراء / الفراغ الاستراتيجي وفلسطين البوصلة!

الفراغ الاستراتيجي وفلسطين البوصلة!

الياس فاخوري*
هل هو فراغ استراتيجي!؟ وهل تملأه “سات” أم “سات”: “السعودية، ايران، تركيا” ام “سوريا المستجدة، اسرائيل، ترامب”!؟ وهل تبقى فلسطين هي البوصلة!؟
في الخلفية: منذ الحرب العالمية الثانية والهيمنة الأميركية حاضرة خاصة بعد استدارة أيزنهاور بانذاره لوقف العدوان الثلاثي .. ولكن مصر عبد الناصر شكّلت استثناءً مُشرِّفاً، فوقعت هزيمة 1967 ليتسيَّد المشروع الأميركي على المنطقة .. وجاءت انتفاضة 1973 المحدودة بمحاولة حرب لم تكتمل بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي فاسترد الأميركي زمام المبادرة من خلال كامب ديفيد التي اكتملت معالمه عام 1979 ضمن سعي جاد لتأبيد السيطرة الأميركية .. ففاجئتهم الثورة الاسلامية في ايران لتقوم أميركا باشعال وادارة الحرب العراقية على ايران لازالة الثورة والقضاء على تأثيراتها (قادسية جديدة بافتعال الفتنة السنية الشيعية) من ناحية، والغزو الاسرائيلي للبنان من الناحية الاخرى بهدف الإطاحة بالمقاومة الفلسطينية، واقامة دولة صديقة لإسرائيل، وبالطبع محاصرة سوريا فتركيا الأطلسي في الشمال و”إسرائيل الحبيبة” في الجنوب .. ثمّ كان ان زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا لقيام ساعة المقاومة التي وُلِدَت بدعم سوري/إيراني وتمكنت من “فرملة” المشروع الصهيوامريكي في لبنان .. وفي العام 2000، اكتملت هزيمتهم وتُوِّجت بالانسحاب من لبنان ليأتي الرد الأميركي بدخول المحافظين الجدد الى البيت الأبيض الذين قاموا باستثمار “Sept 11” لجرِّ أميركا الى المنطقة (حرب أفغانستان 2001، وحرب العراق 2003، وحرب لبنان 2006، وحرب غزة 2008)، كما صنَّعوا الربيع العربي للتلاعب بالأولويات بعيدا عن فلسطين وتحرير الاراضي المحتلة وهذا ما يحدث اليوم في سوريا ..
وهذه ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 تجمع وتحشد حزب الله وحماس والجهاد وانصار الله فيشق اهل غزة والجنوب اللبناني (مثلاً) طريقهم بالدم لديارهم ودورِهم وقد تبيّنوا ان طريق القدس هو طريق الخلاص الوحيد فكسروا بالصدور ما تبقى من أسطورة الجيش الذي لا يُقهر .. نعم، بالصدور، وحتى صدور الأطفال والامهات، واجهوا الميركافا، لتعود فلسطين لاهلها من النهر الى البحر ومن الناقورة الى ام الرشراش، ويعود لبنان “أريكة القمر” كما وصفه لامارتين!
انه مسار الانحدار الاسرائيلي كما استشهدتُ بعشرات الشهود من اهلها بعددٍ من مقالاتي السابقة .. ورغم كثرة وكثافة عمليات التعتيم تغطيةً لجسامة خسائر الكيان فاسجّل اليوم بعض ما تبوح به وسائل إعلام العدو ومؤسساته الرسمية ومنها مكتب الإحصاء ووزارة المالية .. هناك حوالي 3 آلاف قتيل ونيف و15 آلاف جريح .. وبلغ إجمالي الخسائر 67 مليار دولار، ووصلت الخسائر العسكرية إلى 34 مليار دولار عداك عن 40 مليار دولار عجز في ميزانية الكيان العامة .. و هناك 60 ألف شركة أغلقت أبوابها عام 2024، وانخفضت أعداد السائحين بنسبة 70% بخسائر وصلت 5 مليار دولار .. كما بلغت خسائر قطاع البناء 4 مليار دولار، وأعلنت 70 شركة في هذا القطاع عن افلاسها .. ولقد بات 30% من مستوطني الكيان تحت خط الفقر، ويفتقر 25% من المستوطنين للأمن الغذائي .. اما الهجرة العكسية فتقترب عدداً من مليون مستوطن صهيوني!
وهنا اكرر انه كما على الارض الفلسطينية، كذلك في السماء: لا اسرائيل التوراتية، ولا اسرائيل الكبرى، ولا اسرائيل العظمى او العظيمة .. والمقاومة هم شعب الله المختار .. اما “اسرائيل الصغرى”، فبانتظار توسيع “ميثاق ابراهيم” تطبيعاً مع المملكة العربية السعودية حيث كانت الأمانة العامة للأمم المتحدة قد تسلمت طلبا رسميا اكثر من مرة (منها في ايلول 2022) لتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم “194” المنادي بحق العودة الى جانب القرار رقم “181” الذي شكل أساسا لحل الدولتين عام 1947 (دولة الكيان على مساحة 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2). وكان التزام إسرائيل بتنفيذ القرارين 181 و194 شرطا لقبول عضويتها في الأمم المتحدة!!
لتكن فلسطين هي البوصلة .. هذه فرصة “سات” (السعودية، ايران، تركيا – رغم “اطلسيتها”) لتسبق “سات” (سوريا المستجدة، اسرائيل، ترامب) .. بل، اكثر من ذلك، هذه فرصة لوضع الشدة على “س” “سات” الاولى باسترداد سوريا من المحور الاخر “كَي لا نرى في جُلَّقِ الأَغرابا”، ولتصبح “سّات” (السعودية، سوريا، ايران، تركيا) فتملأ الفراغ الاستراتيجي – هل هو تعليلٌ للنفس بالآمال/تفكير رغائبي في ضوء الحديث عن الانسحاب الأميركي من سوريا والعراق وتسييد تركيا على سوريا وتسوية (لا حرب) مع ايران!؟ تفكير رغائبي – ربما لو هجر المقاومون الحسام الى الكلام “شكايةً وعتابا” فدنيانا غابةٌ حشدت علينا أراقِماً وذئابا .. وليس لنا، والله، الا ان نلبس لَها ماءَ الحَديدِ مَطارِقاً، وَنجعَل الِالسنة مَخالِباً أَو نيابا، كما نصحنا إيليا ابو ماضي .. دُنيا تَأَلَّقَ أَمسُها في يَومِها، فَلنستَجمَعَ الأَنساب وَالأَحسابا (السعودية، سوريا، ايران، تركيا) .. من هنا، من آفاقِها سَرى سَناءُ الوَحيِ “يغشى العُصور وَيَغمِرُ الأَحقابا” .. وهذه دعوة مخلصة ل “سّات” لتستنطق “التاريخَ هَل في سِفرِهِ//مَجدٌ يُضاهي مَجدَها الخَلّابا”!
■ ولا تفوتنا الإشارة مجدداً لبعض ما جاء في خطاب ترامب عند التنصيب: إطلاق يد الشركات الأميركيّة في استخراج النفط والغاز الصخري بلا ضوابط لجعل أميركا أهم مصدر ومُصدِّر عالميّ للنفط والغاز مشيراً الى ان هذا يعني مقايضة حماية أوروبا بشرائها للنفط والغاز ومقايضة حماية دول الخليج بتخفيض إنتاجها لصالح الحصة الأميركية!؟ اذن، مصالح أميركا على حساب الحلفاء، لا الاعداء – مصالح أميركا على حساب الحلفاء مصدرين ومستوردين، مُورّدين، ومستهلكين!
■ وما التسريب الذي يدعو لتهجير الغزيين الى الاردن ومصر الا دليل اخر على عدم الاكتراث بمصالح وأمن أعمدة حلفاء أميركا بالمنطقة .. وربما يكون هذا دليلاً جديداً على رعونة التفكير تماماً كتصريحه الأسبق بخصوص شرب الكلورين لمحاربة الكورونا كما أشار لذلك ديفد شينكر في مداخلة لَهُ على قناة الحرة مؤخراً.
■ وهذه مراكز الابحاث والجامعات في أنحاء العالم تنكّب على دراسة مندرجات رؤية ترامب وخططه وبرامجه وخرائط الطرق وجداول الاعمال بشكل عام و”اجندة أنا-اولاً” (Me-First Agenda) على نحو خاص لما لها من انعكاسات وتداعيات على دول العالم!
■ وها هي صرخات الأوروبيين – لا العرب – تدوي مجلجلةً:
▪︎ من فرنسا يقول فرنسوا بايرو: “ترامب يسحقنا”!
▪︎ من ألمانيا يدعو أولاف شولتس الى “موقف أوروبي واثق (أم وثيق؟) في مواجهة الرئيس الأميركي”، موصياً الجميع بأن “يحافظوا دوماً على استقامة الظهر”! وكان أولاف شولتس هذا قد أدار ظهره للتراث الألماني، ووضع ظهره بتصرف البيت الأبيض.
▪︎ كثرٌ هم المعلقون الأوروبيون الذين يتخوفون من نهاية وشيكة للقارة العجوز، وهذا ما حذر منه البنتاغون، الذي اعتبر أن الانفصال الاستراتيجي بين ضفتي الأطلسي، يعني وضع الولايات المتحدة بين فكي الكماشة (بين روسيا والصين)!
▪︎ وهذا اريك ازمور (وكان صديقاً لترامب)، السياسي الفرنسي اليهودي المتطرف (من أصل جزائري)، قد حذّر من أن أي تصدع في المعسكر الغربي يعني “فتح أبوابنا أمام البرابرة”!
■ وها هي الشركات الأميركية تعلن هزيمتها امام “ديب سيك” (برنامج الذكاء الصناعي الصيني – DeepSeek)، وهذا ترامب يعترف بالنكسة التي لحقت بمشروعه سيما ان الخسائر باتت تتوالى وقد بلغت في أسهم أم الأسهم التكنولوجية “انفيديا” 17% بخسارة فورية تجاوزت ال600 مليار دولار!
■ وهكذا، يمكن أن تتحول أحلام ترامب تارةً الى أضغات وطوراً الى كوارث .. فقد اثار الحديث عن مصلحة كندا بالانضمام إلى أميركا والتهديد بذلك عاصفة وطنية كندية رافضة .. وفي بنما، تم إعلان رفض طلب استعادة القناة وتحدي أي تهديد بالغزو العسكري .. كما أعلنت الدنمارك رسمياً رفض التنازل عن غرينلاند .. عداك عن تحدي الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بتصريحاته المثيرة ضد ترامب ..
نعم، هكذا تجمع فلسطين وبها نستجمع الأنساب والأحساب (السعودية، سوريا، ايران، تركيا – سّات) حيث تلتقي المعادلات الجيوبوليتيكية والجيواقتصادية والجيواستراتيجية يباركها سَناءُ الوَحيِ اذ “يغشى العُصور وَيَغمِرُ الأَحقابا” .. وهكذا نهزم “جيوبوليتيكا التوراة”، وحيث الرؤية ـ أو الرؤيا ـ الخاصة باعادة تركيب الشرق الأوسط ليكون عبارة عن شظايا قبلية، واثنية، وطائفية بلاعب واحد، وملك واحد – ذاك الذي اليه يؤول عرش داود! نعم، هكذا ينتهي طريق الجلجلة وقد انتقل قضاء الشرق الأوسط الجديد وقدره الى أيدي “سّات” لتكتبه انتصاراً استراتيجياً قوى الحق والخير والمقاومة ب”مفتاح الدار” بين أيدي أمهات فلسطين ..
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
*كاتب أردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

شمس الجنوب ستشرق لو بعد حين!

العميد. محمد الحسيني* انهض أبا هادي وامتشق سيف الحسين من جديد، انهض سيدي وامتطي ظهر …