عبدالباري عطوان*
طوفان الوداع “المليوني”لسيد الشهداء يؤكد تعافي “حزب الله”.. وما بين سطور خطاب خليفته الشيخ قاسم يشي بعودة قوية له بقيادات مختلفة شابه متعطشة للثأر؟ وتحليق طائرات إسرائيلية اثناء خطابه دليل ضعف وقلق.. واليكم ادلتنا
هذا الطوفان البشري المليوني اليوم في العاصمة اللبنانية بيروت اثناء تشييع جثمان سيد الشهداء حسن نصر الله وخليفته ورفيق دربه السيد الشهيد هاشم صفي الدين يأتي كرد مزلزل على كل الأصوات، عربية كانت او إسرائيلية، التي قالت ان المقاومة الإسلامية في لبنان بزعامة “حزب الله” قد انتهت ولن تعود.
هذه الجموع الغفيرة التي ازدحمت بها المدينة الرياضية، بمئات الآلاف الذين جاءوا من مختلف انحاء لبنان والعالمين العربي والإسلامي، عكست بهذا الحضور غير المسبوق منذ وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، هذا الرجل وإرثه السياسي والعسكري وانجازاته الميدانية التي لا تحصى، وخاصة قيادته لحزبه في معركة تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000، وإجباره على الانسحاب مهزوما تقليصا لخسائره البشرية والمادية الضخمة، وهزيمة الجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 التي اقدم عليها العدو في محاولة يائسة لإبقاء سمعته، وهيبته، فجاءت النتائج عكسية تماما، وإنهزم الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم، وتحطمت اسطورة دبابة الميركافا.
*
مهرجان التشييع الأسطوري الذي أشرف “حزب الله” ورجاله على تنظيمه ببراعة ودقة متناهية اكد على تعافيه، وخروجه من نكسة البيجرات، واستعادة قوته، وتنظيم صفوفه، استعدادا للعودة القوية الوشيكة على الساحتين السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة العربية.
عندما تتعانق الاعلام اللبنانية والفلسطينية والعراقية واليمنية والجزائرية والإيرانية مع اعلام “حزب الله” الصفراء وصور سيد الشهداء ورفاقه فهذا تأكيد على صلابة الجبهات المساندة وتلاحم اذرع محور المقاومة وتعاظم الوحدة الوطنية يشقيها اللبناني والعربي تمهيدا للانتصار الكبير القادم بإذن الله.
فلسطين التي استشهد السيد نصر الله من اجل تحريرها ومقدساتها، ورفض كل الاغراءات، وقاوم كل الضغوط الامريكية والإسرائيلية والعربية للتخلي عنها وفك الارتباك معها وحرب الإبادة التي تواجهها في غزة والضفة، كانت حاضرة بتمثيل فصائل المقاومة الشريفة، وشعبها، وعلمها، وكوفيتها، وتغلغل جيناتها (المقاومة) في شرايين كل أبناء المقاومة الإسلامية، ومعظم أبناء الشعب اللبناني الكريم والوفي.
من المؤسف، وليس المؤلم، غياب معظم الحكومات العربية عن مهرجان التشييع الأسطوري، وإهمال معظم قنواتها وأجهزة اعلامهم الباهظة والباذخة التكاليف عن المشاركة في هذا الحدث، خوفا ورعبا من اسيادهم في واشنطن وتل ابيب، الامر الذي كشف حقيقة هؤلاء ومؤامراتهم، وغياب قيم المقاومة والكرامة ونصرة الامة في شرايينهم، فكيف نتوقع من هؤلاء الذين وقفوا في خندق المتفرجين لأكثر من 500 يوم من حرب غزة ولم يقدموا حتى الاكفان لأكثر من 60 الفا من شهدائها، ولم يُدخلوا رغيف خبز واحد لأبطالها الصامدين المقاتلين، او علبه حليب او دواء لرضّعها، لا أسف عليهم، ولهذا لا يشرف المقاومة وشهدائها حضورهم.
المقاومة الإسلامية اللبنانية عائدة بقوة، ومن سيسرع بهذه العودة، وبشكل اقوى من الماضي هذه الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة بخرق اتفاق وقف اطلاق النار أكثر من 1500 مرة في شهرين، وتكريس احتلال 5 نقاط استراتيجية في جنوب لبنان، وإقامة قواعد عسكرية دائمة فيها، وإرسال اربع طائرات مقاتلة من نوع “اف 16” لتكسر حاجز الصوت وتحلق مرتين فوق المدينة الرياضية اثناء بدء مراسم التشييع رسميا، وشن غارات على مواقع للحزب في بعلبك وجنوب لبنان.
*
ما يؤكد ما نقول النقطتان الرئيسيتان في خطاب الشيخ نعيم قاسم رفيق درب الشهيد نصر الله، وأمين عام “حزب الله” في خطابه الذي القاه مع بدء “مهرجان” التطبيع مخاطبا الأمريكيين في الأولى بقوله “حزب الله لن يقبل بتحكم الامريكان الطغاة بلبنان، ولن تأخذوا بالسياسة ما فشلتم في أخذه بالحرب”، وفي النقطة الثانية الأكثر أهمية “المقاومة لم تنته، والمقاومة مستمرة بحضورها وجاهزيتها في مواجهة العدو الإسرائيلي، وفلسطين تظل بوصلتنا وسنواجه مشروع ترامب التهجيري، و160 الف شهيد وجريح في غزة الثمن الحقيق من اجل ان نواصل العهد”.
كلمات الشيخ نعيم قاسم جاءت قوية ومعبرة وتعكس نغمة مختلفة عن كل نظيراتها في الخطابات السابقة مما يؤكد ما ذكرته مصادر عديدة بأن عملية إعادة ترتيب أروقة بيت حزب المقاومة، والمراجعة المعمقة وملء الفراغات في صفوف قواته قد اكتملتا، وباتت العناصر الشابة المحنكة والمتحمسة للثأر هي التي تجلس خلف عجلة القيادة في الالوية كافة.. والأيام بيننا
*رئيس تحرير رأي اليوم
