د. فايز أبو شمالة*
يكرر العدو الإسرائيلي صباح مساء بأنه يحارب الإرهاب الفلسطيني في قطاع غزة، ويسوّق هذا المفهوم للرأي العام العالمي، ليحظى بشرعية عدوانه على أطفال غزة، وليبرر استخدام ما لديه من أسلحة أمريكية فتاكة ضد المدنيين الفلسطينيين.
قبل ستين سنة، كان العدو الإسرائيلي يصف المقاومة الفلسطينية بالعمل التخريبي، ويصف رجال المقاومة بالمخربين، ووجدت تلك التسمية الخبيثة سوقاً لها في العالم الغربي، على افتراض أن “إسرائيل” دولة معترف بها في الأمم المتحدة، وهؤلاء المخربون الفلسطينيون يهدفون إلى تقويض أركان الدولة الناشئة، ولا يفهمون لغة السلام، وليس لهم أية حقوق سياسية، ولا مظلومية إنسانية لهم.
وظلت المقاومة الفلسطينية والعمل الفدائي الفلسطيني الرافض للاحتلال الإسرائيلي موصوفاً بالتخريب حتى ظهر مصطلح الإرهاب الدولي الذي اعتمدته أمريكا، مع كل عدوان على الشعوب الإسلامية والعربية، ليعتمد العدو الإسرائيلي هذا المصطلح “الإرهاب” في خطابه الإعلامي، في محاولة منه لتبرير عدوانه الوحشي ضد الفلسطينيين، ولتبرئة جيشه وسلاحه من تهمة حرب الإبادة والتطهير العرقي.
الإرهاب الإسرائيلي ليس حديث العهد، ولا هو استجابة غريزية للدفاع عن النفس، الإرهاب الإسرائيلي مكون أصيل من النفسية الصهيونية التي تشربت تعاليم الإرهاب مع القراءات الصباحية لكتابهم الديني المسمى “التناخ” والذي يرسم صور البطولة والتضحية من خلال جز رقاب الآخرين، واقتلاع الأعداء عن وجه الأرض، وأن الصهاينة هم وحش الغابة الذي يبقر بطون كل من يقف في طريقهم، وأنهم يطاردون عدوهم إلى أقاصي الأرض، وينتقمون منه، ولا يقف الإرهاب الإسرائيلي عند حدود فلسطين، بل يتمدد ويتسع وقد شمل كل شعوب المنطقة.، وقد احصى مركز بحثي تابع لجامعة Uppsala السويدية بأن الشرق الأوسط شهد 285 حربا منذ 1946 وحتى يوليو 2023، وكانت إسرائيل طرفا ًفيها بشكل مباشر أو غير مباشر، 285 حرباً فجرها العدو الإسرائيلي قبل عدة أشهر من معركة طوفان الأقصى، وما تفرع عنها من معارك في لبنان وسورية واليمن والعراق وإيران.
285 حرباً في المنطقة كانت فيها إسرائيل الطرف المعتدي على الشعوب العربية، ومن ضمنهم الشعب الفلسطيني، الذي لم يكن طرفاً في الكثير من الحروب التي خاضها الصهاينة على الأراضي العربية، وفي هذا التمدد الإسرائيلي في الإرهاب خارج حدود فلسطين ما يؤكد أن العرب بشكل عام، والفلسطينيين بشكل خاص، هم ضحية الإرهاب الإسرائيلي، الذي لا يفرق بين عربي مصري أو سوري أو أردني، وعربي فلسطيني، فكلهم من وجهة نظر الإرهاب الإسرائيلي أعداء، ويرددون في خطابهم اليومي مقولة: العربي الطيب هو العربي الميت.
العدو الذي يتمنى الموت لكل العرب إرهابي، والفلسطيني الذي يدافع عن أرضه، وحقه في الحياة مقاوم حرية، وطالب عدالة، وصاحب حق دونه تهون التضحيات، وهذه الحقائق يجب أن يدركها بعض الفلسطينيين المرتبطين بقوى داخلية وخارجية معادية للشعب الفلسطينية، ومعادية لمقاومته، فانطلقوا يصرخون في زوايا غزة، حماس إرهابية.
عموم الشعب الفلسطيني يدرك جيداً أن الفلسطيني الذي يتهم حماس بالإرهاب، يبرئ العدو الإسرائيلي من الإرهاب، ويبرئ العدو من دم خمسين ألف شهيد، ذبحتهم السكين الإسرائيلية أمام وسائل الإعلام، ويعطي مصداقية للرواية الإسرائيلية الكاذبة عن براءته من دم الفلسطينيين، وانه يستهدف الإرهاب فقط.
فهل أدرك بعض المأجورين جريمتهم البشعة في اتهام المقاومة الفلسطينية بالإرهاب.
*كاتب فلسطيني مقيم في غزة
