الخميس , يونيو 19 2025
الرئيسية / اراء / “عربة جدعون”.. لا تقولوا إنّ أخبار الابادة بغزة لم تصلكم!

“عربة جدعون”.. لا تقولوا إنّ أخبار الابادة بغزة لم تصلكم!

اسيا العتروس*
بمعدل مائة شهيد على الاقل تواصل الة القتل الاسرائيلي مدعومة بغطاء أمريكي أوروبي حصد الارواح و نشر الخراب والدمار حتى أنه لم يعد في غزة ركن واحد أمن , استقرار هذا الرقم المعلن في سجلات الضحايا في قطاع غزة تزامن دون مفاجات مع زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى منطقة الخليج حيث حظي بحفاوة لم يسبق لاي رئيس أمريكي أو غيره أن حظي به و قد تجاوزت ما كان حظي به خلال زيارته الاولى في 2017 ..
لم يكشف عما يمكن أن يكون حدث خلف الكواليس بين الرئيس الامريكي وبين مضيفيه من الرياض الى الدوحة ودبي , وباستثناء قائمة الصفقات في مجالات السلاح والمبادلات التجارية والذكاء الاصطناعي لم يعلن القليل أو الكثير بشأن ما وقع تداوله حول جرائم الاحتلال في غزة والضفة وما اذا ستتحول الزيارة الى منعرج في مسار حرب الابادة المستمرة في غزة بعد نحو عشرين شهرا من سياسة حرق الاخضر واليابس ,و لكن في المقابل فان المعلومة المؤكدة جاءت على لسان الضيف الامريكي الذي قال وهو يعود الى بلاده أن زعيما مؤثرا اتصل به قبل زيارته وألح في طلب منه رفع العقوبات على سوريا وهو ما قام به .. وهو ما يدفعنا للقول أنه بامكان الاطراف الخليجية والعربية تبليغ صوتها و فرض ارادتها متى رأت ذلك مهما ..لسنا في اطار محاكمة النوايا و لعل قادم الايام تكشف ما كان غائبا عن الانظار ولكن في الاثناء فان الاحداث تتحدث عن مشهد يغرق في الدم في غزة والضفة واصرار لكيان الاحتلال على اطالة أمد الحرب مهما كانت حصيلة الضحايا ومهما حجم الدمار والخراب ..وفي انتظار أن يتغير المشهد نحو انهاء محرقة العصر فان ما يلاحظ أنه بين جولة ترامب الخليجية و بين انعقاد قمة بغداد أنه لا مؤشر جدي حتى الان يمكن أن يوحي بانهاء الابادة الجارية في غزة و ذلك رغم ارتفاع الاصوات السياسية و التحركات الشعبية الغاضبة في عديد العواصم الاوروبية الكبرى ..
ما يدفعنا الى هذا القول اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي مجرم الحرب ناتنياهو المطلوب للجنائية الدولية والذي واجه القضاء الاسرائيلي بتهمة الفساد للمرة الواحدة و الثلاثين قبل أيام ما أطلق عليه عملية عربة جدعون أو “ميركافوت جدعون”، بما يؤكد مجددا العقلية التلمودية الغارقة في عنصريتها الدموية التي تقود ناتنياهو وعصابته في هذه الحرب و في كل الحروب التي استهدفت الشعب الفلسطيني على مر عقود من الاحتلال ..ليست المرة الاولى التي يطلق فيها ناتنياهو هذا الشعار فقد سبق لكيان الاحتلال أن أطلق عملية عربة جدعون بكل دلالاتها العقائدية و التاريخية وعسكرية، في إحدى عملياتها في نكبة 1948” اسم “عملية جدعون” وهدفت إلى السيطرة على منطقة بيسان الفلسطينية وطرد سكانها…
اطلاق هذا الشعار و من قبله شعارات مماثلة و منها عملية الرصاص المصبوب التي اطلقها الاحتلال في 2008 ة في 2012 أطلقت عملية “عامود السحاب “و منها أيضا “الجرف الصامد” في 2014 ..
إطلاق اسم “عربات جدعون” على عملية توسيع الحرب في غزة مقدمة لما يخطط له الاحتلال في قادم الايام رغم بعض التسريبات عن تقدم في المفاوضات و توجه لاعلان هدنة مصيرية لاهالي غزة الذين يواجهون الى جانب القصف اليومي سلاح التجويع الذي أنهك الجميع.. والاكيد أننا ازاء كيان لا يحترم وعدا ولا يلتزم باتفاق ..
تشير بعض المصادر الى أن جدعون كلمة عبرية تعني المصارع، وهو شخصية توراتية ذكرت في سفر القضاة، حاربت حسب الاساطير العبرية ما يعرف بالمديانيين “الذين سلطهم الله على بني إسرائيل لشر أفعالهم، فأمرالله جدعون بتخليص بني إسرائيل، وطلب منه هدم مذبح بعل فثار عليه قومه، ولم يقف معه منهم سوى القليل”.ويعتبر جدعون في العقلية الاسرائيلية منقذ بني إسرائيل من جيش مدين المتطور آنذاك ..وفي تاريخ الاحتلال كانت “عملية جدعون” من آخر العمليات التي نفذتها منظمة الهاغاناه قبل تأسيس هذا الكيان و كانت تهدف الى الاستيلاء على مدينة بيسان و تطهيرها من أهلها ..و اليوم فان بعض التسريبات تتحدث عن مفاوضات لترحيل مليون فلسطيني الى ليبيا وهي مسألة قد لا تغدو أن تكون أكثر من تحويل للانظار عما يخطط عمليا لغزة بالنظر الى أنه سيكون من شبه المستحيل تحقيق هذا الهدف ..والاسباب متعددة و أولها وأهمها أن الفلسطيني أعلن رفضه كل مخططات الترحيل مهما كانت الوجهة ثم ان ليبيا بوضعها الحالي تحتاج لمواجهة أزماتها الداخلية أكثر من أي وقت مضى تحسبا لسيناريو سوري جديد في ليبيا ..
..ليس من الواضح الى أين أن يذهب ناتنياهو في هذه العملية وهو الذي بات يواجه تفاقم الضغوطات من حوله سواء بسبب تفاقم غضب أهالي الرهائن أو بسبب تواتر ردود الافعال المنددة و الرافضة لما يقوم به جيش الاحتلال الاسرائيلي من حرق للاخضر واليابس مع ارتفاع الاصوات المطالبة بفرض عقوبات عسكرية و اقتصادية على هذا الكيان في بلجيكا وفرنسا واسبانيا ووصول وفد برلماني ايطالي الى معبر رفح للمطالبة بادخال المساعدات الانسانية الى اهالي غزة و التوقف عن تجويع الاطفال و النساء و الاهالي .جيش الاحتلال يلاحق الاهالي في كل وجهة و جعلهم مشردين لا يتوقفون عن اللهث بحثا عن مكان بين الانقاض يقيمون فيها خيمتهم ..
لقد منح الرئيس الامريكي دونالد ترامب و من قبله الرئيس بادين حليفه ناتنياهو كل الدعم العسكري و الاستخباراتي و السياسي و القانوني و الديبلوماسي و الاعلامي لتحقيق أهدافه الدموية في غزة ..و في كل مرة كان ناتنياهو يبدي مزيد التوحش ومزيد التعطش للدم و في كل مرة يؤكد ناتنياهو أنه ليس معنيا باستعادة الرهائن و أن خطته و هدفه هو اعادة احتلال غزة بالكامل وخنق ألاهالي الى أن يقبلوا بالتهجير طوعا أو قسرا ..
أمام حدة الانتقادات بسبب جرائم الاحتلال ووقوع حلفاءه في الغرب في احراج متزايد أمام مواطنيهم الذين باتوا يرفضون علنا أن تخصص عائدات دافعي الضرائب لتمويل السلاح لكيان الاحتلال يبدو و كأن الوضع يتجه الى نوع من الانفراج و السماح بعبور بعض المساعدات الغذائية الى غزة , وقد وجب التحذير من استغلال الاحتلال لهذا الانفراج لاختزال القضية في يضع شاحنات غذائية للفلسطينيين و الترويج لصورة كيان الاحتلال الذي سبق و حول عملية اسقاط المساعدات الى جرائم دموية اختلط فيها الرغيف بالدم ..
لا أحد أيا كان موقعه اليوم بامكانه أن يدعي مستقبلا أنه لم يعرف بأخبارالابادة الجماعية في غزة ولا أحد بامكانه أن يقول مستقبلا أن مشاهد القتل للنساء والاطفال والشيوخ والمرضى والاطباء والمسعفين ومشاهد الخراب والدمار والتهجير والتجويع لم تبلغه ..لست ممن يسوق لشعار التاريخ سيحاسبهم فهذه مسألة مفروغ منها والتاريخ سيحاسب مستقبلا من شاركوا و تواطؤوا و مولوا بالسلاح والاستخبارات و الادعاءات و التزييف و الدعم السياسي والمالي والاعلامي هذه الابادة الجماعية و لكنه سيحاسب و يلاحق من سكتوا عن الحق و لبسوا ثوب الشيطان الاخرس و منحوا كيان الاحتلال الارعن كل الوقت لارتكاب جرائم الحرب و جرائم الابادة التي لاتسقط بالتقادم والتي سيلاحق أصحابها الجناة حيثما يتجهون وسيطالبون بمحاكمتهم في المحاكم الدولية و لا يمكن منع الاجيال القادمة والناجين من المحرقة بما في ذلك ذلك الجيش من أصحاب الاجساد المبتورة في كل جزء من فلسطين المحتلة من التشبث بهذا الحق ما بقي فيهم نفس مقاوم لاجل كل ضحايا و شهداء المحرقة و لاجل كل الايتام ولاجل كل الامهات الثكالى و الاباء المكلومين ولاجل كل شهيد مجهول طمر تحت الانقاض لان في هذا العالم كيان ارهابي مارق لم يجد له رادع ..
*كاتبة و صحفية تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

إسرائيل تحرّف مسار الحرب لتغطية مجازرها في غزة!

د. أروى الشاعر* بينما تتسابق عناوين الأخبار في تتبع التوترات الإقليمية والهجوم الوحشي على ايران، …