الأربعاء , يوليو 9 2025
الرئيسية / اراء / الجولان سوري الهوية والهوى!

الجولان سوري الهوية والهوى!

د. حسناء نصر الحسين*
شغلت تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر المتعلقة بقضية الجولان السوري المحتل وعدم قبول إسرائيل بالتفاوض على استرجاعه من قبل الحكومة المؤقتة السورية معظم الأوساط الإعلامية والرأي العام السوري بشكل خاص ، هذه القضية التي بقيت جرحا نازفا في الجسد السوري وسط آمال أبناء سورية التي استمرت لعقود باسترجاعه ولم تستطع سنوات الاحتلال الطويلة محو هذه الأرض السورية او حتى نسيانها من وجدان أبناء سورية اليوم وبهذه الاطلالة الاستعمارية بكل ما تحمله من غطرسة يخبرنا هذا الوزير بأهداف بلاده للقبول بعملية تطبيع العلاقات مع سورية كشرط اساسي لأية عملية تفاوضية في المستقبل القريب وكأن سورية بمعظم شعبها تسارع الوقت لإبرام هذه الصفقة القائمة على معادلة رابح – خاسر يربح فيها الكيان منطقة جغرافية استراتيجية سورية وهذا الحق مثبت في مجلس الامن الدولي ولا يسقط بالتقادم، ليأتي قرار رفع العقوبات الجائرة عن الشعب السوري والتي شكلت جريمة بحقه كدفعة امريكية لتكون فاتحة خير كما يقال بالعاميّة لسير عملية التطبيع وهذا جزء من وعد الرئيس الامريكي دونالد ترامب لإسرائيل التي شبه مساحتها الجغرافية وكأنها قلم صغير على طاولة مكتبه الكبيرة ولا أظن أن أحداً ينسى هذا المشهد ، ليكمل ترامب عمله في دعم إسرائيل وليس هناك أفضل من أن يسهم في توسيع رقعة الجغرافية التي بنت كيانها عليه ليكن الجولان السوري هو المنحة الترامبية لإسرائيل وكأن الجولان أرض أمريكية وليس أرض سورية .
وهنا لابد من الإشارة إلى أن إسرائيل كانت قد مهّدت طريق التفاوض المُر ليلة سقوط النظام السابق من خلال استهدافها للترسانة العسكرية التي تشكل قوة الدولة وعملوا على تغييب الوعي عند المجتمع السوري على أن هذا السلاح هو للنظام السابق مع العلم ان هذا السلاح سلاح الشعب السوري وليس سلاحاً لنظام الأسد او أي نظام حالي او مستقبلي ، لتجعل سورية دولة بلا قوة ونمرٌ بلا انياب وهذا ما مهد الطريق أمام إسرائيل للتمدد داخل الجنوب السوري ليرتفع سقف أحلامها بعد الجولان للسيطرة على المحافظات السورية الجنوبية الثلاث ، وفي هذه الاستراتيجية الإسرائيلية خطوة فائقة الأهمية لتدفع بالإدارة السورية الجديدة بالتفاوض على الجغرافية الجديدة وعدم المساس بالأصل المتمثل بالجولان
تعمل إسرائيل وبسرعة فائقة على تحقيق هذا المشروع من بوابة التطبيع او السلام مقابل لا شيء ، متناسية أن عملية السلام تتم بين الشعوب وليس بين الحكومات ولعل تاريخ كامب ديفيد ووادي عربة خير دليل على أن هذا النوع من اتفاقيات التطبيع لا يغير بالمزاج العام العربي والإسلامي ا تجاهها فما زالت الشعوب العربية والمسلمة تنظر إلى إسرائيل كقوة محتلة ومشاهد المجازر اليومية بحق أبناء فلسطين تتلقفها الاجيال القادمة ليس فقط على مستوى العالم العربي الإسلامي الذي يعتبر محيط إسرائيل الجغرافي والحيوي بل على مستوى العالم.
لا يوجد احد على مستوى الشعب السوري أو بقية شعوب المنطقة لا يريد أن يعيش في محيط ينعم فيه بالأمن والأمان والاستقرار والتنمية والازدهار لكن لا أحد أيضا يقبل بهذا عن طريق سلب الحقوق وهذا يسمى استسلام وليس سلام.
اذا كانت إسرائيل حقاً راغبة في تطبيع العلاقات والدفع بعجلة السلام مع جيرانها لابد أن تكون واقعية في ما تملكه من أوراق تفاوضية وأساس هذه الواقعية أن الجولان أرض سورية وكل المناطق التي احتلتها وبنت عليها نقاط أمنية وعسكرية هي أرض سورية أيضا وعليها أن تبحث عن ثمن تدفعه هي مما تملك وليس مما يملكه الشعب السوري .
صحيح أن قرار رفع العقوبات الأمريكية عن الشعب السوري قرارا مهماً ويسهم في إعادة عجلة الحياة لسورية لكن لن يكون هذا ثمناً أمريكيا ً لسلخ الجولان وضمه لإسرائيل وجعل المحافظات الجنوبية خارج سيطرة الدولة السورية ولن يقبل الشعب السوري بهذا الثمن ورأينا كل محاولات إسرائيل بتقديم المساعدات لابناء القنيطرة وغيرها من مناطق الجنوب باءت بالفشل فعمليات الاغتصاب الممنهج والتهجير للأهالي في عدة قرى والممارسات السيئة بحق أبناء الجنوب مازالت خير شاهد على العقلية الإسرائيلية وحلمها التوسعي .
وفي الخلاصة اقول أن قراراً مصيرياً كهذا يحتاج إلى استفتاء من أبناء سورية وليس قراراً حكومياً ، ولعل ماجاء على لسان المبعوث الامريكي توم برّاك بأن على إسرائيل الا تخاف من محيطها المسلم لأنها قوة اقليمية لم يستطع أن يبدد مخاوف إسرائيل وهذا ما يعبر عنه كبار محلليها وناشطيها وخبرائها يريدون السلام ولايريدون أن يروا سيطرة المشاريع الإسلامية في قلب” تل أبيب” .إذن فالمشكلة في العقلية الصهيونية المتطرفة وليس بهذا المحيط الذي تعمل إسرائيل لتحويله لمحيط لا حول له ولا قوة .
*كاتبة وباحثة في العلاقات الدولية – بيروت

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

حين قالت الجامعة لا لإسرائيل!

د. محمد كرواوي* في حياة الشعوب لحظات لا تقاس بالأرقام، ولا تختزل في بيانات، وإنما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *