السبت , ديسمبر 13 2025
الرئيسية / اراء / هجرة يهودية معاكسة الى امريكا!

هجرة يهودية معاكسة الى امريكا!

سنان شقديح*
تخضع إحصاءات الهجرة اليهودية المعاكسة من إسرائيل إلى دول العالم للرقابة العسكرية الإسرائيلية، التي تُعتبر هذه الأرقام جزءًا من الأمن القومي. ورغم ذلك، تشير بيانات من مصادر مثل ويكيبيديا إلى أن عدد اليهود في الولايات المتحدة وصل إلى حوالي 7.1 مليون، بينما تقدر مصادر أمريكية غير رسمية هذا العدد بـ7.5 مليون عام 2025، وهو أعلى من الإحصاءات الرسمية التي تحدد سقفًا عند 6.5 مليون.
لا يمكن تفسير هذه الزيادة بالمعدلات الطبيعية للنمو السكاني، إذ يُعد معدل الخصوبة بين اليهود الأمريكيين منخفضًا (بين 1.6 و1.9 طفل لكل امرأة)، وهو أقل من مستوى استبدال الأجيال (2.1).
تختلف هذه المعدلات بين الطوائف، حيث يسجل اليهود الحريديم والأرثوذكس معدلات أعلى (4-7 أطفال)، بينما تنخفض لدى العلمانيين والإصلاحيين (1-1.5 طفل). عوامل مثل العلمنة، الزواج المختلط (71% بين غير الأرثوذكس عام 2013)، وارتفاع متوسط عمر الزواج تسهم في هذا الانخفاض. كما أن تركز اليهود الأمريكيين في المناطق الحضرية (96%) يؤثر على أنماط الإنجاب، مما يثير قلقًا بشأن استدامة المجتمع اليهودي في أمريكا، وفقًا لدراسة مركز بيو.
تشير المعطيات إلى أن الزيادة في أعداد اليهود الأمريكيين قد تُعزى إلى هجرة معاكسة من إسرائيل، خاصة بين المستعمرين الحاملين للجنسية الأمريكية-الإسرائيلية المزدوجة.

هذه الظاهرة، التي تزايدت بسبب التوترات الأمنية (مثل الحرب على غزة بعد 7 أكتوبر 2023 والصراعات مع إيران وحزب الله)، والأزمات السياسية والاجتماعية في إسرائيل، مثل الاحتجاجات على الإصلاحات القضائية عام 2023 وهيمنة التيارات الدينية المتطرفة، دفعت العديد من العلمانيين والشباب إلى مغادرة إسرائيل بحثًا عن بيئة أكثر استقرارًا.
تشير تقارير إسرائيلية إلى أن 82,700 إسرائيلي غادروا البلاد في 2024، وهو رقم قياسي مقارنة بـ53,000 في السنوات السابقة، معظمهم من الشباب وأصحاب المهارات العالية. ومنذ أكتوبر 2023، تُقدر أعداد المهاجرين بين 370,000 ومليون إسرائيلي، رغم اختلاف الأرقام بسبب الرقابة العسكرية. تمثل هذه الأرقام نسبة كبيرة (حوالي 14% من 7.1 مليون يهودي). كما كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” عام 2022 أن الآلاف يفكرون في الهجرة إلى الولايات المتحدة بسبب التطرف الديني، حيث تُعد أمريكا وجهة رئيسية بفضل الجالية اليهودية الكبيرة، فرص العمل، والاستقرار.
خلال التصعيد الأخير مع إيران، سمحت الخارجية الأمريكية لعائلات موظفيها بمغادرة إسرائيل، دون تحديد ما إذا كانت هذه المغادرة مؤقتة أو دائمة. وتشير تقارير إلى أن الهجرة المعاكسة تشمل بشكل رئيسي الشباب والأدمغة والمهنيين، مما يهدد الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والطب. ديموغرافيًا، تُفاقم هذه الهجرة التحديات في الحفاظ على الأغلبية اليهودية مقابل تزايد عدد الفلسطينيين، واجتماعيًا، تُعزز هجرة النخب العلمانية الانقسامات بين العلمانيين والمتدينين لصالح الفئة الاخيرة.
رغم استقطاب إسرائيل لمهاجرين جدد (29,293 في النصف الأول من 2023، بانخفاض 20% عن العام السابق)، تشير تقارير إلى أن بعض المهاجرين الجدد من إفريقيا زوّروا ديانتهم اليهودية لأسباب اقتصادية، حيث لوحظ حضور بعضهم للمساجد داخل الخط الأخضر.
في الخلاصة، تؤكد المعطيات وجود هجرة معاكسة متزايدة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، مدفوعة بالتوترات الأمنية والأزمات السياسية، لكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تحجب الأرقام الحقيقية.
وحتى مع اخفاء الرقابة الأسرائيلية للحقائق والارقام بهذا الشأن فالأكيد أن إسرائيل لم تعد الوجهة الأولى لليهود، مما يعكس تحولات ديموغرافية وسياسية عميقة سيكون لها أثر كبير علىومستقبل الصراع على فلسطين.
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

  بقلم / عادل حويس في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط …