السبت , ديسمبر 13 2025
الرئيسية / اراء / روابط الإبادة!

روابط الإبادة!

 

علي الزعتري*
لا بد أن نتأمل في إعلان الإمارة الخليلية المُعتَرِفة “بإسرائيل” الصادر عن مجموعةٍ فلسطينيةٍ تبرأ منها أهلها وبدا أنها دُفِنَتْ للآن، و إعلان وزير الاغتصاب الصهيوني عن إقامة منطقةٍ على هيئةِ معسكرٍ أو “غيتو” لنصف مليون أو مليونين من فلسطينيي غزة يدخلون و لا يخرجون منه و يستلمون فيهِ كما قال مقومات حياة. الإعلانين توأمَ سَقَطٍ من بطنٍ فاسقٍ واحدٍ لا ينفصلان مطلقاً عن غوغائيةِ “أبو الشباب” الذي لا يستحي إعلان ولائه للصهاينة و لا عن خطف وقتل بني وطنه لصالح الصهيونية في سعيه بناء دولته. و لا عن زيارةٍ للرئيسِ الكاذب “الإسرائيلي” من قِبَلِ عُصْبةٍ مشْيَخيةٍ منافقةٍ من مُسلمي أوروبا يروجون لمسجدٍ ضرار. ولا عن تصريحٍ نُسِبَ لمسؤولٍ أمنيٍّ سابقٍ من حركة حماس من أنها فقدت السيطرة في غزة وهو بهذا يعطي “أبو الشباب” شرعيةً لارتكاب خيانته. ولا عن حديثِ الاختراقات التطبيعية المُشاعة أو المتوقعة بين الكيان الغاصب و سوريا و لبنان، وهو ما ينفيه البلدان و تؤكده في الحالة السورية الأخبار من يمينٍ و يسارٍ، ولا عن تصريح “إسرائيل” أنها ستدافع عن أقلِّياتِ سوريا خاصةً الدروز منهم بل و حمايتهم فعلياً بقصف وزارة الدفاع السورية والتدخل في السويداء. الرابطُ واحدٌ بينهم. المُحرِّكُ واحدٌ و الفكرةُ واحدةٌ، مزيداً من التفتيت و التشتيت وخلق الأمور الواقعة منذ روابط القُرى سيئة الذكر. و للمطبعين و الحالمين بسُلطةٍ و جاهٍ و وقايةً بِحِمى الصهيونية، و المرتعدين خوفاً منها، تمنح الصهيونية أشلاء العرب، المسلمين والمسيحيين، تذكرةً و تهديداً. و تنجح.
كما لا يمكن فصل التنكيل بمدير قناة الميادين في فلسطين، الصحفي ناصر اللحام، و اقتناص شيرين أبو عاقلة و إغتيال كوكبة الإعلاميين المتواصل في غزة و في لبنان خلال الحرب عن الهجوم المُنسق ضد السيدة فرانشيسكا ألبانيزي الشجاعة في تدقيقها وتوضيحها جرائم الصهيونية وداعميها الحكوميين و التجاريين، أو تجريم الأنروا بما لا يليق وتقييد حركة موظفي الأمم المتحدة مهما كانت صفتهم. هذا الهجوم الذي تقوده الصهيونية و الإدارة الأمريكية التي فرضت عقوباتٍ ضد السيدة ألبانيزي مثلما فعلت ضد المحكمة الجنائية الدولية وقُضاتها وهاجمت الأنروا و تنسحب مكرراً من اليونيسكو و كل ما تعتبرهُ عدواً للصهيونية كلهُ مصممٌ لوأد الكلمة والدليل والترويع و التهديد.

ولا تنفصل لقاءات واشنطن بين الصهاينة في البيت الأسود، التي شاعَ أنها لإنهاء حرب إبادة غزة، و ترديد النتن تأكيده و إصراره إنهاء المقاومة في غزة فهُوَ و هُمْ من ذاتِ الخُبثِ وذاتِ التخطيط و التمتع بالتنكيل. لا تنفصل الإدارات الأمريكية المتتالية في مواقفها و أفعالها عن الصهيونية و شرورها فهم من أصلٍ واحدٍ و بهدفٍ واحدٍ ولقد ذكرتُ في سلسلةِ مقالات عن التغلغل الصهيوني في المجتمع والسياسيين الأمريكيين، ومن لا يرى هذه الحقيقة لا يفهم التاريخ أو السياسة، ومن المُعيب بذل المليارات العربية لإرضاء إداراتٍ أمريكية لم تتوقف عن قتلنا منذ عام ١٩٤٨. كل كلامِ ومقترحاتِ و مبادراتِ واشنطن منذ ذلك الوقت مؤامراتٌ لإبقاء الصهيونية حاكمةً لنا. هل تنفصل الهجمات المتواترة الصهيونية في لبنان عن زيارات و عروض مبعوث الإدارة الأمريكية؟ فواحدةٌ تضرب دون خوف والثانية تعرض مخرج الاستسلام دون ضمير، كل هذا في إطار اتفاق وقف الحرب الذي لا يحترمه إلا اللبنانيين ولا يموت فيه إلا اللبنانيين. وقِسْ على هذا احتلال الأرض السورية وضربَ وزارة دفاعها في استعراضِ إذلالٍ لا مثيل له وضرب اليمن الباسل المقاوم و تهديد أيَّاً كان ممن تتهمه بالاعتداء على صهيوني بتدميره وتدمير من حوله و من يَمُّتُ له بِصَلةٍ. إصرار الصهيونية على التوسع بالاحتلال و القصف لإجهاض أي حركة و التهديد بما هو أسوأ لمن يرفض و الضغطَ العالمي المتواصل للنظام العربي بمختلف مكوناته للقبول بالسلام الأبراهامي مع الصهيونية أفعالٌ لا تنفصل عن الهدف الأساسي وهو خلق الإمبراطورية الصهيونية واستعبادنا بقوتها الغاشمة. العالم يريدنا عُمَّالاً مُسخرِّين للصهيونية برقابٍ محنيةٍ و سيفها فوقنا يصطاد من يرفع رأسه. هذا هو معنى و مغزى وهدف وغاية السلام الصهيوني.
فلننظر قليلاً في الأرقام. فالأشياء متصلة عندما ترى الأرقام المهولة للسلاح الصهيوني منذ ٧ أكتوبر المجيد. شاهدوا الإصرار المنافق للتعامل مع الصهيونية “إسرائيل” وهي في بُؤرةِ الضمير والقانون الدولي كياناً عُنصرياً جانياً بتهمة الإبادة بالسلاح والحصار والتجويع. هذه بيانات معهد ستوكهولم لإقرار السلام و هو ينشر بحوثاً موثقةً عن التسليح في العالم. فقد باعت “إسرائيل” في عام ٢٠٢٤ سلاحاً بما فاق ما باعت سابقاً و وصلت مبيعات ذلك العام ١٤ مليار و ٨٠٠ مليون دولار بينما وصلت إلى ١٣ مليار دولار في عام ٢٠٢٣ بزيادةٍ سنويةٍ متتالية تقدر ب ١٣٪. استوردت قارة أوروبا ٥٤٪ من منتجات السلاح الصهيوني في عام ٢٠٢٤ بينما كانت النسبة ٣٥٪ في عام ٢٠٢٣. دفعت أوروبا للصهاينة ٨ مليار دولار العام الماضي و ٤ مليار و٦٠٠ مليون دولار في عام ٢٠٢٣. تفوقت المملكة المتحدة وألمانيا على باقي دول أوروبا في استيراد السلاح الصهيوني بين ٢٠٢٠ و ٢٠٢٤. و في آسيا كانت الهند ثالث أكبر مستوردٍ للسلاح الصهيوني بعد روسيا و فرنسا لذات الفترة حيث صدرت الصهيونية للهند ١٣٪ من مجمل السلاح الذي استوردته الهند. و الصهيونية هي ثاني أكبر مصدر للسلاح للفيليبين بتزويدها ب ٢٧٪ من احتياجها للسلاح. يستمر المعهد في سرد الأرقام لكنه يقول أن أكبر مفاجأة أتت من العرب!
استوردت الدول العربية، خاصةً دول التطبيع، ١٢٪ من صادرات السلاح الصهيوني في عام ٢٠٢٤ بينما كانت النسبة ٣٪ لهذه الدول في عام ٢٠٢٣. الحرب الإبادية التي تشنها الصهيونية عبر العالم العرب فتحت شهية هذه الدول لزيادة استيراد السلاح الصهيوني بين عامي ٢٠٢٣ و ٢٠٢٤ ب ٩٪. تكاد لا تُصدق لكن الأرقام لا تكذب. يقول المعهد أن الإمارات و والبحرين والمغرب والسودان استوردت ما قيمته مليار و ٨٠٠ مليون دولار من السلاح الصهيوني. يستنتج المعهد أن حرب غزة أشعلت الشهية العربية و العالمية للسلاح الصهيوني الذي حسب ما يقول وزير الإبادة الصهيوني رأى قدرة الجندي الصهيوني و تفوق سلاحه. أما المزودين الأكبر للسلاح للصهيونية فهم الولايات المتحدة بنسبةٍ تزيد عن ٥٠٪؜ من الاحتياجات العسكرية الصهيونية تليها بفارقٍ كبيرٍ ألمانيا و تقف إيطاليا في ذيل قائمة العار ب ١٪؜.
هل تنفصل هذه الأرقام عن الإصرار الصهيوني للتفوق واستخدامنا أهدافاً سواء للقتل أم للتجارة؟ هل ينفصل هذا الوضع المُشين العالمي المنافق عن حقيقةِ إصراره قتلنا بالصهيونية؟ هل لنا عقولٌ أم أننا مخابيلٌ لا تفهم أن المعركة هي وجودية: قاتلٌ أو مقتولٌ، تنجح فيها الصهيونية و من يقف معها أن تكون القاتل وأن نكون المقتول.
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

  بقلم / عادل حويس في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط …