اسيا العتروس*
ما يجري في غزة منذ نحو سنتين ليس الا تأبيدا لجريمة الابادة بمشاركة و تواطؤ صناع القرارا , كل المؤشرات و الاحداث المتواترة من القطاع المنكوب تؤكد أن الاسوأ لم يحدث بعد و الحقيقة لم يعد بالامكان تخيل ما سيكون عليه هذا الاسوأ في ظل الدمار الحاصل و التجويع و التقتيل اليومي للاهالي الذين ليس أمامهم الا انتظار الموت الذي قد يأتي على وقع قصف الاحتلال أو على وقع القنابل الغذائية القاتلة أو على وقع توسع دائرة الجوع حيث بات واحد بين كل ثلاث غزاويين لا يجدون الطعام و مع ذلك فان الامم المتحدة لا يمكنها اعلان حالة المجاعة في غزة ..
تأبيد الابادة في غزة يمنح مجرم الحرب ناتنياهو فرصة التحصن من الملاحقة والبقاء و مواصلة خطته العسكرية ولكن تأبيد الابادة يمنح حلفاء اسرائيل الفرصة أيضا للتخلص نهائيا من القضية الفلسطينية ليس باللجوء الى حل سياسي يعيد للقانون الدةلي و الشرعية الدولية مكانتها و يعيد للشعب الفلسطيني حقه و لكن بوضع الشعب الفلسطيني تحت طائلة عقاب لا ينتهي لتحمل مسؤولية جريمة لا ناقة و لا جمل لهم فيها و هي جريمة انتبهت اوروبا الى أنها ستلاحقها فاختارت أن تقدم الشعب الفلسطيني ضحية و تتخلص من أعباء اليهود في اوروبا ..و النتيجة أن كل جرائم كيان الاحتلال الاسرائيلي مهما بلغت من التوحش و الفظاعة مقبولة طالما أنها تستهدف الفلسطينيين ..
ما يجري في غزة من تجاهل و تأبيد للمحرقة له ترجمة واحدة في القاموس الديبلوماسي و هو أن صناع القرار أو هذا ما يفترض لا يريدون لهذه الحرب أن تنتهي و أن حسابات حليفهم مجرم الحرب ناتنياهو لا تتوقف عند حدود تدمير غزة و تجويع أهلها و أن ما كان الرئيس الامريكي دونالد ترامب أعلنه بشأن افراغ غزة من أهلها و تحويلها الى منتجع أسس الى الخطوة الراهنة التي يروج رئيس حكومة اليمين الصهيوني في الكيان الاسرائيلي و هي احتلال غزة بالكامل ..صمت العالم عن تصريحات ناتنياهو بنيته اعادة احتلال القطاع بل ان رد الرئيس الامريكي الفاتر كان الضوء الاخضر باتجاه تنفيذ الخطة على أرض الواقع ..الاغرب أن ترامب الذي يتحدث عن معاقبة روسيا التي تحتل جزءا من اوكرانيا يقبل بمنطق احتلال أرض الغير عندما تمارسه اسرائيل و يقوده جيش ناتنياهو الارهابي ..
الاحتلال مقبول بل مطلوب اذا تعلق الامر بأرض فلسطين و أجزاء من العراق و سوريا و لبنان ولكنه جريمة عندما تكون وراءه روسيا..
كثيرة هي التناقضات في التعاطي مع مفهوم و شرعية القانون الدولية و العدالة الدولية عندما يتعلق الامر باسرائيل وحدها التي يجب أن تظل فوق الجميع و أن يكون بيدها كل الوسائل الحربية القمعية الاحتلالية التدميرية لتنفيذ مخططات و طموحات و أحلام الصهيونية الدينية التي تعتبر أن الغاء الاخر ضروري لتبقى و تستمر ..و الامر ينسحب على المؤسسات الاممية التي تصبح مدانة و معادية للسامية اذا رفضت منطق كيان الاحتلال و تصدت لممارساته الاجرامية ..الرئيس الامريكي الذي يلهو من فوق سطح البيت الابيض لا يعتبر اعادة احتلال غزة جريمة بل يراه شأنا اسرائيليا وهو ما يقودنا لاستنتاج أن ترامب سيواصل تمويل و تعزيز قدرات اسرائيل حتى تستكمل هذه الخطوة ..في المقابل يجب على أهالي غزة أن يغرقوا في الدم و أن يموتوا تحت الشاحنات التي تحمل اكياس الطحين و علب الحليب التي قد تكون انتهت صلاحيتها ..
خطة ناتنياهو لاعادة احتلال غزة مسألة مقررة سلفا أما فسي الضفة فان قطعان المستوطنين ينوبون جيش الاحتلال في تنفيذ المهمة ..
فيديو حماس عن الرهينة الإسرائيلي إفياتار ديفيد الذي يبدو فيه هزيلا فقد منح ناتنياهو المبرر للمضي قدما في تنفيذ خطته حتى و ان عارضها قادة عسكريون وعارضتها شريحة واسعة من الرأي العام الاسرائيلي ..ليس مهما أن يجوع أهالي غزة و يموت أطفالها الذين لا يجدون غذاء أو دواء فالاهم أن الدول الشقيقة المطبّعة لم تتوقف عن أداء الواجب و قدمت لاسرائيل عشراتٍ من أصناف المنتجات الغذائيّة المتنوعة، بينها مئات الأطنان من الخضروات، في الوقت الذي شدّدّ فيه الاحتلال قيوده على إدخال كمياتٍ كافيةٍ من الغذاء إلى 2.1 مليون محاصر في غزة. وهذا ليس من باب التجني فقد أظهرت بيانات إسرائيليّة رسميّة حجم وكميات و تصنيف الصادرات الغذائيّة التي تدفقت من الدول المطبعة خلال شهر جوان 2025…البيانات الاسرائيلية مخجلة وهي تدين الدول المطبعة التي تطعم الكيان حتى التخمة فيما تموت غزة جوعا ..
*صحفية وكاتبة تونسية
اليمن الحر الأخباري لسان حال حزب اليمن الحر ورابطه ابناء اليمن الحر