السبت , ديسمبر 13 2025
الرئيسية / اراء / أمريكا تهندس خرائط المنطقة لصالح شركاتها الكبرى!

أمريكا تهندس خرائط المنطقة لصالح شركاتها الكبرى!

د. حسناء نصر الحسين*
بين الفينة والأخرى يطل علينا المبعوث الأمريكي توم براك بتصريحاته المثيرة للجدل التي تترك خلفها سيلاً من التحليلات ولعل أبرزها ( يجب أن نجمع سورية ولبنان معاً لأنهما يمثلان حضارة واحدة ) ، تأتي هذه التصريحات في وقت يعيش فيها كل من لبنان وسورية ظروف داخلية صعبة ومشهد غامض لناحية مستقبل البلدين .
لكن إذا أردنا أن نعرف مدى واقعية تطبيق هذه الرؤية لا بد أن نعلم اولاً ماهي مصالح أمريكا العليا في كل من سورية ولبنان ، ولعل أبرزها الملف الاقتصادي المتعلق بالشركات الأمريكية الكبرى المختصة بالتنقيب عن النفط والغاز وهذه المشاريع كانت مطروحة منذ بدء ما يعرف بالربيع العربي والان وبعد سقوط النظام في سورية وما نتج عنه من تغيير في موازين القوى لصالح أمريكا وإسرائيل تأتي هذه التصريحات لتعبر عن المصلحة الأمريكية والمشاريع التي تنتهجها لتحقيق هذه المصالح رجل الصفقات توم براك لا يرمي كلاماً إعلاميا بل يدرك الرجل تماما ما يقول لكن تبقى هذه التصريحات مبهمة للبعض ومفهومة للآخر اذا ما كان ميزان تحليلنا هو ماذا تريد أمريكا من سورية ولبنان وان كنا نجيب بأن السيطرة على الثروات الموجودة في الساحل السوري والساحل لبناني ضمن مشروع يمتد من تركيا إلى لبنان رأس الناقورة وهذا ما تؤكده السياسات التي يتبعها ترامب في فنزويلا من اختلاق الذرائع المتعلقة بالمهاجرين وتهريب المخدرات بينما هدفه السيطرة على النفط الفنزويلي والسيطرة على البحر الكاريبي ، وهذه السياسة هي ذاتها في سورية ولبنان وان كان الواقع في سورية لناحية السلطة الجديدة مرضياً عنه أمريكا في الوقت الحالي ضمن شروط الا انها تراقب وجود الكثير من العقبات التي قد تدفع بتوم براك لتغيير هذه التصريحات في مراحل قادمة .
تبحث أمريكا عن آليات تنفيذ هذه المصالح عبر رؤية تعتمدها إدارة ترامب المتمثلة بابرام الصفقات ولأن هذه المصلحة تقع في عمق الصراع الدولي ووضع اليد على منابع الطاقة في سواحل الشرق الأوسط مع الاخذ باعتبار الموقع الجيوسياسي لكل من سورية ولبنان وأهميته كخطوط إمداد وتوريد لأوروبا ليحل محل النفط الروسي خلال السنوات المقبلة .
وهذا ما يفسره دخول شركات أمريكية وابرامها العقود مع السلطة الجديدة كخطوة أولى لكن هذه الخطوة مرتبطة بالواقع الداخلي والامن والاستقرار داخل سورية من هنا نأتي لاحد شروط ترامب على السلطة الجديدة المتمثلة بحماية الاقليات وتشكيل حكومة جامعة تمثل كل الشعب السوري ، من هنا ندرك ان أمريكا تريد الاستقرار بالداخل وان اي توتر او حصول صدام مع أي مكون من المكونات وما قد ينتج عنه من صراع طويل الأمد يؤثر على عمل هذه الشركات خاصة في الساحل السوري وسواحل لبنان وهذا ما يفسر إطلاق توم براك لهذا التصريح الذي مقصده اقتصاديا وليس سياسيا ، ويعتمد بشكل اساسي على الواقع الداخلي داخل المناطق الساحلية وهذا ما يدفعها للحديث عن سلاح حزب الله وتحاول الوصول مع الحزب لصفقة اقتصادية .من هنا تبرز أهمية التصريحات التي تتغير بتغير الأوضاع داخل هذه المناطق الاقتصادية الأمريكية وسنرى تغييرات في التصريحات ان تغيرت الأوضاع الأمنية واستبدالها بأخرى تعبر عن المتغير الجديد وآلية التعاطي الأمريكي معه حسل المصالح الأمريكية.
صحيح ان المحليين الذين اعتمدوا خارطة الشرق الأوسط الكبير كمرجعية لاطلاق تحليلاتهم ومنها ان الساحل السوري سينضم إلى لبنان الا ان هذه الرؤية ستكون من ناحية اقتصادية وليس سياسية على الاقل في الوقت الراهن حيث الكبار في واشنطن يتسابقون مع الزمن للبدء في العمل ، والانتقال للعمل بالتغيير بحدود الدول يحتاج إلى وقت طويل ليس بهذه السهولة ولن يكون دون ثمن .
وفي الخلاصة: برز المبعوث الأمريكي توم براك بتصريحاته المثيرة للجدل ويترك دائما تصريحاته حمالة أوجه لكن مهما كانت هذه التصريحات يجب علينا أن نعرف نحن ان كان في سورية او لبنان أين مصلحتنا الوطنية ونعمل لتحقيقها فالطريق مازال طويل لان يقول الطرف السوري او لبناني بأننا وصلنا فهناك تحديات داخلية كبيرة تقلل من فرص السياسيين وتترك الباب مفتوحا لمتغيرات قد تغير في الخطاب الأمريكي ان لم يتم التوصل لتوافقات داخلية تجعل الصفقات وطنية اولا ً.
*كاتبة وباحثة في العلاقات الدولية – بيروت

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

  بقلم / عادل حويس في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *