بقلم / احمد الشاوش
ترنم الفنان الشعبي علي حنش ، بالحب والعشق والدلع وزاد في الايهَمَة شوية ، وجنن الكثير من ابناء صنعاء القديمة بإغنيته “يامجلس الامن انتبه على الحب ” وألحقها باغنية ” ليش النخيط والزنط والمواجع ..الحب جرمل والهوى مدافع” ، لنكتشف ان مجلس الامن والخمسة الكبار مجردين من الضمير والعدالة والعشق ودولة الحب ، بعد ان تم برمجت المجلس على البزنس وصفقات السلاح وثروات دول النفط حتى لو تحول العالم الى بركة من الدماء ، بينما صارت مراكز القوى اليمنية العابثة في حالة نخيط وزنط وقَلَبَت الكثير من المواجع والاحزان بعد ان تنكرت لكل المبادئ.
ومازال صخب أغنيته ” أقوووووم عليك بثورة” ، شاخصة في الآذان لنفس الفنان ، لنكتشف ان الثورات والانقلابات والمؤتمرات والتصريحات ولفات ام رجال مجرد لعبة سياسية قذرة أدخلت الشعب اليمني جحر الحمار لهدم المعبد وتدمير دولة الحب والمؤسسات بعد ان طار الوطن ولم نعد نسمع به إلا في وسائل الاعلام.
ويتواصل العطاء والحماس الثوري لدولة الحب من ميدان الحالمة تعز ، بإغنية ” دق القاع دقة لاتمشي دلا ” ،للفنان الكبير ايوب طارش ،التي دغدغت قلوب العشاق وزلزلت قلوب وعذارى صبر وحولت قيعان اليمن الى عاصفة من الرمال المختلط بذرات الجمال والحب وعنفوان الشباب.
وفي لحظات يطربنا الفنان الكبير علي السمة ويدخل على خط الفن والعشق والرومانسية الناعمة من قمم إب وسفوح صنعاءلطرح أغنيته “امشي دلا امانتك واغزال الحي تمشي دلا” ، ليؤكد ان الحماس الثوري مجرد لحظة عابرة ونزوة جامحة وان دولة الحب شعلة لاتنطفئ ولا تذوب ودولة الحقد والكراهية والانتقام والفجور تُخلف مزيداً من الرماد .
وبأريحية عجيبة ولحن راقي وصوت مذهل يُردد الفنان الكبير احمد السنيدار “حبوب حبوب لاتغضب مابش لهذا الغضب داعي ، ليعكس حالة من السمو وعتاب الاحبة ولغة التسامح ، بينما واقع الحال ظل شياطين السياسة وتجار الازمات والانتهازيين يمتهنون العداء والقطيعة وادمان توجيه الرصاصات الطائشة الموجهة لاي حل يفضي للسلام أو عودة المياه الى مجاريها.
واستمر السنيدار في ترقيصنا ردحاً من الزمن باغنية ياطبيب الهوى بالله داوي لهيبي لعل وعسى ، لكن بياطرة السياسة ونُخب الاحزاب الفاسدة ومشايخ طيط صنعاء واعشار العلماء شلحوا المواطن والوطن وسلخواالسيادة وقسموا المدن والشوارع والمدارس وصادروا الرواتب ، ولبسوا الرتب العسكرية حتى صار البعض لواء في خمسة ايام وبدون معلم وصار العبدالله حقل تجارب للمذاهب والاطباء والنظريات والخطابات الاستهلاكية واسلحة الدمار في عصر البراكين العنيفة في ساحات مأرب وعدن وصنعاء وتعز وغيرها.
لم نعد نُردد أغنية “انا اطرحت وان الجهاز بيرن” ، التي الهبت حماس المحبين وأصحاب الغزل العفيف .. لان رنات اليوم غير رنات الامس ، بعد ان تحولت الحيطان والمكاتب والشوارع والقهاوي والمقايل والبدرومات والمساجد الى اذان لاستراق السمع والاستدراج وتسجيل المكالمات واختراق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتفتيش التلفونات دون حق ، حتى لوكنت وطنياً وفوق الشبهات ، بينما العملاء والمرتزقة والخونة والمنافقين بيدهم المال والثروة والسلاح والجزرة والعصا.
ومن عجائب الاموار اليوم ان رنه ظالم أو حاقد أوخصم قد تقودك الى الامن السياسي وفنجان شاي مع الحليب الى البحث الجنائي ، وشاي احمر الى قسسم شرطة ونفر كبده الى محكمة الجنيات الدولية وسيرة عفاش الى الاحتياطي ، وخلاف مع حوثي او أصلاحي او انتقالي أوحراكي يقودك الى مكان مجهول في صنعاء وتعز ومأرب وعدن والحديدة وإب ،مع احترامنا لبعض الشرفاء والعقلاء لكننا اليوم نعيش عصر الصعاليك والاقزام ، والدليل على ذلك ان مسؤول محترم وشريف برتبة أمنية كان مديراً لقسم شرطة قدم استقالته بعد ان تم تعيين سجين لديه متهم باللواط ، وأصبح المتهم مديراً لقسم الشرطة بقدرة قادر ماصعق الرجل الشريف وفضل البقاء في البيت رغم مراضاته بتعيينه مشرف بحسب الرواية المؤكدة وقس على ذلك كم من تجاوزات في عموم اليمن ، فكيف لمن لم يحافظ على أثنين سنتيمتر ان يحافظ على وطن .
لذلك لم يعد العصر عصر العلم والابداع واللطف والاناقة ولم يعد للدستور والقانون مكان وللتسامح والمدنية وكلمة الحق ساحة وانما في نشرات الاخبار ووسائل الاعلام المضللة، نتيجة للفوضى والنفاق والتبعية والعبودية والخيانة وظلم الانسان .
ومايشيب له الرأس اليوم انك ترى بإم عينيك تحول الاصلاحي في لمح البصر الى مشرف حوثي والمؤتمري بسرعة البرق الى قيادي والاشتراكي والناصري بغمضة عين الى خدام خدام الجرافي والمشايخ الى عشرة بريال والقاعدة الى حراك والحراك الى انفصالي والجميع يشتغل بآلية الدفع المسبق وهات ياشعارات ومزايدة وخيانه واستغلال وابتزاز وتشويه وترعيب للشرفاء والوطنيين وتخريب من الداخل وكله لاعرض ابن علوان.
ومن يوم ماغنى الفنان الكبير فؤاد الكبسي ، ” الخضر جننوني” أصيب الشعب اليمني بحالة من جنون البقر والغجر وهوس الغفر وضحية للفقر والتخلف وثقافة الانتقام ، لتتحول الاغنية بعد الصراع على السلطة في الربيع العربي ، الى ” الحمر جنوني” .
ونتيجة للجحود بالنعمة والسقوط الاخلاقي والتجرد من الضمير تطعفروا الحمر وطاروا حمران العيون وصارت هيبة الشيخ وقادة الاحزاب أرخص من قاروة الماء بسبب دقة الزار التي صحى الشعب فيها وهو على الحَديدَة.
وجاءت فضيحة ايميلات هيلاري كلينتون لتكشف لنا الخونة والعمالة والارتزاق وكيف تحول الثوار وقادة النُخب السياسية ورجال الدين والمثقفين والاعلاميين والاحزاب والمشايخ الى مجرد ” كندم” لدقائق معدودة لتدمير الدولة اليمنية ثم الانتهاء بهم الى مزبلة التاريخ ، ودور الناشتة توكل كرمان وكتيبتها الاخوانية ، ولوالب الاحزاب الممولة بعد ان حطت رجل في تركيا واخرى في اليمن والفايدة لاصحاب قطر والعم سام والخليفة اردوغان ، ليكون لسان حال اليوم ” يامسلمين الخضر جنوني لا انهم طابوا ولا اقنعوني ياغارة الله .. قامت القيامة”.
ورغم كل تلك النكبات والمآسي إلا انه كلما سمعنا اغنية الفنان محمد البصير ” جمهورية من قرح يقرح”، قلنا القافلة تسير.. ، لكن لصوص الثورة والثروة والطابور الخامس قرحوا الجمهورية جو ، وقرحو ثورة 26 سبتمبر وقرحت الوحدة اليمنية وطارت البلد في ستين داهية، واليوم يتقارح الشعب اليمني مثل الشدة القريح من شدة الفقر والجوع والظلم والمرض وجبروت الحكام ، ليدفع الجميع الثمن باهظاً .. لذلك لم تعد أغنية الفنان الكبير محمد قاسم الاخفش .. الا جينا نحييكم ونسمر معاكم ، تسرنا وتسعدنا بعد ان تحول السواد الاعظم الى عبيد وخدم واعداء وتحولت اسمارنا الى قَاح قيح بُم .
ولتلطيف الجو لابد من الاشارة والتفاؤل بترديد إغنية الفنان الكبير محمد حمود الحارثي ، الذي أبدع وتألق في رائعته ” الحارثي قال ياخلي ذكرت .. من علمك ذا الجفا جننتني ..نفسي اضمك وارشف من لماك واروح سكران ولاادرى اينني” ، ورغم الكلمات العذبة واللحن المُسكر والصوت الآسر ، إلا ان الشعب اليمني اليوم مصدوم ، ومصروع ، ومترنح في كل غرفة وشارع وقهوة من شدة الفقر والجهل والمرض والتُهم الجاهزة وحالات الانتحار المشبوهة بعد ان قطعت بطونة وشوارعه وقراه ومُدنه ورواتبه وخدماته والهائه بطوابير الغاز والبترول والديزل وسلال المنظمات الدولية للفوز بكيس دقيق ودبة زيت منهوبة في بعض الاحيان على غرار من طلب الجن ركضوة .
وحتى اللحظة لم يستمع مجلس الامن الى اغنية الفنان الكبير ابونصار “يامجلس الامن ذل المستهام اليماني وهوكريم الحسب.. فكو لحالي فلو عانى الجبل مااعاني خرت قواة واقتلب ..انا مطالب بجلسة عاجلة في ثواني يحي حسين اغتلب.. شعب اليمن ضلت الاوضاع تدهور والانقلابات والاحداث تتكرر وصاحب الفكر ماعد نفعت افكارة.. وشعبنا ذي طغى نوره وذي غدر عواصف الجهل ذي طفت انواره ” ، ورغم كل التقارير والعسس وجواسيس مجلس الامن إلا انه لم يقف دقيقة واحدة امام شكوى شعب يحتضر ويصدر قرار فوري بإيقاف الحرب أومعاقبة المعتدي اياً كان بالقوة.
ومن يوم ماغنى الفنان الكبير” يحي العوامي” .. ياعيوني شني الدموغع الغزيرة بعدها بدأ الشعب اليمني يشعر بالعمى بعد ان أصيب بالرمد وصار كل يمني يرتدي نظارة من المرض والغريب يعتقد انها هنجمة ، بينما عدوى ونظارة السياسة أشد وألعن .
وما ان لمع نجم الفنان العوامي حتى غنى ” لاسامحك يالحب خليتني على فراشي والقعادة .. يوه يالطيف..
كم ياعلاجات كم وكم داخلي غير الابر اللي في العيادة .. يوه يالطيف .. لنكتشف ان الشعب اليمني ودود ومُحب ومسامح ، لكنه تحول الى مركز أبحاث وحقل تجارب للاحزاب والمذاهب والقوى المتصارعة واطباء التشليح.
وأجمل مافي أغنية الفنان الكبير حمود زيد عيسى ، ان اغنيته “أخي المهاجر زمان الفرد قد ولى وشعبك الحر شرد أسرة الطغيان .. و اغنية يمنية للشاعر الضرير سالم احمد السبع بعد نجاح ثورة 26 سبتمبر ورددتها، لتتحول الاغنية وكلماتها الجميلة الى مقلب من مقالب غوار ، ويعود المهاجر الى ارض الوطن ويصطدم بطواهش الثورة وطغاة الجمهورية والملكية والايدلوجيا والفقر والجهل والمرض.
واما الفنان الكبير محمد محسن عطروش فقد تصدرت اغانية الحماسية انشودة “برع يا استعمار ” الانشودة الوطنية والثورية التي الهبت حماس الجماهير وارهبت التاج البريطاني ، واليوم بريطانيا العجوز تعود الى الجنوب من نافذة العمالة ، والمواطن اليمني اليوم يقول له المؤجر برع يااستعمار ويرد من أين الايجار ونقاط المليشيات والعساكر تبتزة في كل نقطة ومن حبس الى أخر بعد ان أصبح اليمن يمنات في صنعاء ومارب وتعز وعدن والحديدة وشبوة، والدولة شعارها لا مرتبات إلا لعصابة علي بابا واذا صرف للبعض طلع روحه، والمؤسسات شعارها هيهات .. وفي رواية هات الضريبة والزكاة والمجهود واما الاتاوات حدث ولاحرج وقبل هذا وذاك منع النساء المكافحات من العمل بعذر أقبح من ذنب وكأننا في زمن طالبان وداعش ، بينما نأمل ان يكون ذلك تصرف فردي يتم وقفه.
وأخيراً .. نختم باغنية الفنان الكبير على الانسي “وقف وودع “، وبعد ستين عام من ثورة سبتمبر وقف الرئيس عبدالله السلال وودع الحياة ووقف الارياني وانتقل الى الرفيق الاعلى ووقف الحمدي وطار في شربة ماء ووقف الغشمي وتطاير في الهواء ووقف حسين الحوثي ولحق بربه ووقف صالح وفارق الحياة .. ولسان حال خازوق الكرسي وشيطنة الثورة والانقلابات وسلطات الفنادق والولاية والخلافة والانفصال مع أرتفاع ترمومتر الجوع والفقر والمرض والظلم يقول “اذا حلق ابن عمك بليت” وعند اول حالة ضعف اذا لم تراجعوا انفسكم وتستفيدوا من اخطاء الماضي سينتقم منكم الناس وتتبرأ منكم السعودية والامارات وقطر وايران وتركيا وامريكا وبريطانيا وتقول لكم كأبليس اني بريء منك… اعدلوا هو أقرب للتقوى.
shawish22@gmail.com