د. عبدالله الأشعل*
عندما وضعت الحركة الصهيونية عينها على فلسطين بدأت فى الاجتهاد فى ايجاد العلاقة بين الصهاينة وبين فلسطين. ورغم أـن اليهود الذين عاشوا فى فلسطين لاعلاقة لهم بالصهاينة الذين يطلقون عليهم يهودا وقد ميزنا بين الصهاينة والشريعة اليهودية فقلنا أننا نقدس الشريعة اليهودية الحقة وليست التوراه المزيفة ومعيار التزييف هو أن الله الواحد الأحد أنزل الشرائع متماسكة وبها نفس القيم، ولايمكن لله سبحانه أن يحرض فئة من خلقه علي الفئات الاخري وما ظهر من كبار الصهاينة الذين لبسوا مسوح رجال الدين يدعون إلى قتل الأغيار والتنكيل بهم . فكل الشرائع وأولها الشريعة اليهودية تقدس النفس البشرية وفى الشريعة الإسلامية أن النفس البشرية أقدس من الكعبة ويقول سبحانه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
ويتضح مما سبق أن الصهاينة لا يمكنهم المجاهرة بأنهم لصوص تجمعوا فى فلسطين لابادة أهلها واحتكار الأرض. وقد قاوم الفلسطينيون هذا المشروع منذ أفواجه الأولى فكانوا يدركون مراميه لولا أن الحكومات العربية كانت خاضعة لبريطانيا راعية المشروع وبلغت المقاومة الثورة العربية الكبرى – ثورة القسام عام 1936 ومرة أخرى تدخل الحكام العرب بطلب من بريطانيا لعقد مؤتمر لندن1939 لكى يعترفوا بالمشروع تحت ستار تقنين الهجرات الصهيونية وكسب العرب إلى جانبها فى الحرب العالمية الثانية.
وقد أشرنا من قبل إلى ألاعيب بريطانيا والصهيونية حيث قدمت مشروع قرار التقسيم الذى رفضه العرب كما رفضته إسرائيل لأسباب مختلفة ومادامت إسرائيل قد رفضت فإنها رفضت تنفيذه خاصة الشق المتعلق بحقوق الفلسطينيين ولما قامت إسرائيل عام 1948 حاولت بعض الدول العربية منع قيام إسرائيل وكانت النتيجة أن هزمت العصابات الصهيونية كل الجيوش العربية وسميت فى الأدبيات العربية الحرب العربية الإسرائيلية الأولى.
ولما أسقط فى يد عرفات وتخلى العرب عن القضية اضطر إلى قبول قرار التقسيم 1988كما اضطر إلى قبول إعلان أوسلو1993. وظل العرب من عام 1988 على الأقل يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون وهى صيغة التخلى خاصة أنهم قرروا أن السلام مع إسرائيل سلام استراتيجى وهكذا انتهت القضية منذ وقع السادات كامب دافيد والسلام 1978-1979 وكان السادات قد برر تقاربه من إسرائيل بأنه يريد السلام ويريد أن تأمن إسرائيل جانبه فقام بزيارة القدس 1977 وكان العرب حتى الآن يطالبون بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية أى أنهم تنازلوا نيابة عن أصحاب الأرض عن ربع مساحة فلسطين خارج قرار التقسيم وانهم بذلك يسلمون بأن غرب القدس ملك لإسرائيل بدليل أن أنور السادات زار القدس. وهذه الصيغة هى التى توافقت عليها الدول العربية فى قمة بيروت العربية 2002، رغم علمهم بأن إسرائيل تريد كل فلسطين إلى أن أصدر الكينيست قانونا يحظر إقامة دولة فلسطينية فى فلسطين. وسوف تندم إسرائيل على عرض العرب السخى. فلما قامت حماس بالهجوم على إسرائيل 7 أكتوبربعد صبر طويل علي جرائم اسرائيل اضطرت إسرائيل أن تعترف بأن فلسطين ملك خالص للصهاينة الذين ملأوا المنطقة فجورا وفوضى دون الالتزام بأى قانون.
هؤلاء الصهاينة ضيعوا فرصة بطمعهم قبل أن تأخذ المقاومة زمام المبادرة وترفع يد العرب عن القضية بعد خديعة حل الدولتين والحل عندى هو أن صهاينة إسرائيلية ممن غرر بهم باسم المشروع الصهيونى هم ضحايا وعندما ضاقت عليهم، وعلموا أن الجانب الفلسطينى متمسك بارضه. قد يكون الحل السعيد الذى يأخذ فى اعتباره الخديعة والكذب وهذه الحقائق:
ويقوم هذا الحل على الأسس الآتية:
أولاً: أن المنطقة التى قبلت الصهاينة غرر بها ولم تدرك ماهية المشروع الصهيونى ومع ذلك قبلت قرار التقسيم وصبرت طويلا على مراوغة إسرائيل وجرائمها.
ثانياً: أن سلوك إسرائيل فى المنطقة قتل وانتقام وليس قتالا وليس سلوك عادى. وكنا نتحدث عن سلوك عنصرى أما الآن فقد أصبحت الصهيونية مرادفا لمصطلح عدو الإنسانية وقد انكشف الصهاينة وظهر أنهم يتسترون وراء الشريعة اليهودية.
ثالثاً: أن الصهيونية ضحايا غير أبرياء للدعاية الصهيونية وقد انهارت ركائز الصهيونية وهى:
قوة الجيش الإسرائيلى
سكون المنطقة العربية والإسلامية
سقوط مبررات وجودها
رابعاً: من العدل أن ينفرد صاحب البيت ببيته ولامكان للص فى هذه المعادلة التي تنطبق على فلسطين فمادام اللص يسوق الأكاذيب ليثبت استحقاقه للبيت، فصاحب البيت أولى. فمادام الضيف أصدر قانونا بأنه له وحده الحق فى الأرض. فكان تقسيم فلسطين خدعة وانخدع بعض الحكام العرب وأولهم السادات بمقولات الصهاينة وأهمية مجاملة واشنطن.
خامساً: أن إسرائيل كانت طرفا في جميع مآسى المنطقة، فزوال إسرائيل يحقق المزايا الآتية:
تحرر المنطقة من البلطجة الصهيونية وممارساتها، وتحرر المنطقة من العملاء الذين زرعهم الموساد.
تفرغ المنطقة للسلام والاستقرار والازدهار
تحول المنطقة نحو الديمقراطية
زوال نموذج قامت واشنطن بتمكينه من احتقار القانون الدولى.
تحول العرب إلى قوة عظمى.
سادساً: بعد عرض الصهاينة مع الأمريكان مهاراتهم فى إبادة الشعوب العربية يخشى على صهاينة إسرائيل من أن تفتك بهم الشعوب المحيطة فهى تراقب وتغلى من الغضب بسبب توحش الصهاينة وضبط النظم لهم والسبب هو واشنطن التى تتحكم فى كل الأطراف.
*كاتب ودبلوماسي مصري
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …