الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / اليهود العرب.. التحايل على التاريخ

اليهود العرب.. التحايل على التاريخ

نزار حسين راشد*
يبدو أن التسلل إلى ما وراء خط المرمى لتسجيل هدف غير شرعي، يحدث في ملاعب السياسة أيضاً وبتوظيف ثقافي ناعم، وليس فقط في ملاعب كرة القدم، ولا جرم فالسياسة هي أيضا لعبة من الألعاب .
ما حدث مؤخراً على مسرح معهد العالم العربي في باريس الذي يعقد ندوة تحت عنوان تاريخ يهود الشرق يؤكد هذه الحقيقة.
فقد أحس بعض المشاركين من المثقفين العرب انهم لدغوا على حين غفلة واخذوا على حين غرة فانتفضوا منسحبين وكان على رأسهم الكاتب المعروف إلياس خوري.
وذلك حين توسع التاريخ أو تفرّع على أيدي المنظمين، ليقيم متحفاً لتاريخ يهود الشرق يعرض فيه آثارهم وإبداعاتهم.
مما جعل المشاركين العرب يحسون بأن هناك عملية سطو ثقافي، حيث لو سلمت النوايا وحسب ما روجه المعهد، أن النية تتجه لتظهير الحقيقة التي طمستها إسرائيل وهي أن ثقافة يهود الشرق او اليهود العرب هي جزء من الثقافة العربية وواقعة ضمن إطارها، فهذا أمر يستحق الإشادة والثناء!أما أن يخصص لهم متحف منبثق من الحضن الإسرائيلي فهذا تسلل إلى ما وراء الخطوط المرسومة.
والحقيقة أن هذا الإكتشاف لم يكن ذكاء خالصاً من المشاركين، فقد شفعه مدير المعهد الفرنسي الجنسية جاك لانغ بالتصريح بأن ذلك يأتي ضمن إطار الديانات الإبراهيمية واتفاقات التطبيع التي لم يعد هناك ما نخشاه منها حسب تعبيره، وكانت عبارته هذه هي العبارة الكاشفة التي أخرجت المخبوء و عصفت بنا تبقى من حسن الظن لدى المشاركين العرب.
في الحقيقة أن بعض المثقفين العرب ضعيفو الحصانة تبهرهم العناوين ولا يتنبهون إلى من يحفر تحت أقدامهم، فقبل عام ونيف كانت أبو ظبي قد قدمت دعما سخيا لهذا المعهد من خلال اتفاقية شراكة مع مركز اللغة العربية في أبي ظبي ، ولم يسأل المثقفون أنفسهم فيما إذا كان ذلك ابتغاء وجه الله، أو على الاقل لعيون فلسطين، ليكتشفوا إذ كشف عن بصيرتهم أن هذه العيون المرفوعة لها تلك الصلوات مستعربة وليست عربية.
والحقيقة أنهم لو كانوا أكثر نباهة للجأوا المعهد لأضيق الأركان مقابل هذا التحايل والاستدراج، فمصطلح الشرق الذي يقصد به مصر والمغرب العربي ليس شرقاً بالنسبة لفلسطين التاريخية المسماة الآن “إسرائيل” بل هو غرب، وأن جذور هذه التسمية هي استعمارية غربية تشير بشكل قطعي الدلالة إلى موطن اليهود الأصلي فهم جاؤوا من هناك ككتيبة ملحقة بالحملة الإستعمارية وأداة من أدواتها ولذا حملوا مصطلحاتها ورؤيتها لهذا الشرق! فهم طارئون على هذا الشرق العتيد وعلى يهوده حتى !وليس لهم ها هنا تاريخ أصلاً فالعنوان مفضوح زيفه من الأساس ومن ليس له تاريخ فكيف يكون له متحف ؟!
لقد تعبوا في الحفر والنبش في أرض فلسطين ولم يعثروا لا على حجر ولا على أثر، فمن أين ستاتي أحجار المتحف ومنحوتاته إذن؟ من مزورات بروفيسور الآثار في الجامعة العبرية مثلاً؟ لقد حاول مرة وانكشف!
ومع ذلك يخطيء الياس خوري مرة أخرى حين يعلق على مجمل القضية بأن يهود الشرق باعهم العرب واشتراهم الصهاينة!
لا يا صديقي فقد كان لهؤلاء موقف فردي وقع في غواية الأرض الموعودة المزعومة وسعى برجليه للشرك فلا أحد ينسلخ عن دينه ليندمج كليا في مجتمع يخالف هذا الدين حتى وإن كان يشاركه قواسم خارج هذه الحلقة العقائدية، فلم يقم أي نظام عربي بطرد اليهود لا عبد الناصر القومي ولا النظام الملكي قبله ولا النظام الملكي في المغرب ناهيك عن النظام الملكي في العراق وهؤلاء كلهم أصلاً كانوا تحت الإنتدابين الإنجليزي والفرنسي ولم يكن قرار كهذا بيدهم، واليهود العراقيون الذين تتغنى بهم سعوا بأقدامهم إلى أرض”إسرائيل” بعد أن أعشاهم وخطف أبصارهم بريق الأرض الموعودة، وهذا هو الوجه الآخر للحكاية.
ولكنهم حين صدموا بواقع التمييز ضدهم والتحقير وأنهم ليسوا إلا خدما للإشكيناز ويهوداً من الدرجة الثانية أو حتى دونها، بدأوا بذرف دموع الندم وهذا هو ديدن اليهود أصلاً يقترفون الخطيئة ثم يبكون على آثارها.
وعلى أية حال فمعهد العالم العربي يقف الآن عارياً من كل فضيلة وعلى أرض مكشوفة بعد أن تم اختراقه على هذا النحو الفاضح.
وفي كل الأحوال فتحية للمنسحبين قبل فوات الأوان!
*كاتب من الاردن

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …