بقلم / احمد الشاوش*
خلافاً للتوقعات واستطلاعات الرأي ومنجمي ومحللي الاستديوهات الرياضية الفارهة ، أثبت اليمانيون انهم أصحاب حضارة حتى في أحلك الظروف والازمات وأنهم يملكون من الروح المعنوية العالية والعزيمة والثقة والجدارة مايفتقد اليه الاخرين في مجالات الرياضة وغيرها من مجالات الحياة.
وشاهد الحال ان ناشؤ اليمن الذين هم في عُمر الزهور ولدوا من رحم المعاناة وتحت ركام الازمات والحروب والاوجاع والالام والمآسي قد نهضوا فجأة كـ “المارد” من جديد أمام صقور غرب آسيا لـ يسطروا في صفحات تاريخ الجزيرة العربية وعالم اليوم مشاهد مضيئة وانتصارات حية تتدفق من أنهار الابداع والبراعه والتألق والمهارات الفريدة في لعبة كرة القدم .
كما ضرب أولئك الفتية من رياضيي اليمن أروع الامثلة في رفع راية اليمن ومداواة جراحه وتهدئة خواطرة وتثبيت نسيجة ووحدته الوطنية بعد ان تآمر على اليمن السعيد شواذ السياسة وتجار الحروب وصانعي الازمات إلا من رحم الله.
وبالارادة والحب والوفاء النادر قلب منتخب ناشؤ اليمن الطاولة في بطولة غرب آسيا حتى كتابة المقالة ، بعد ان فجروا المفاجأة الثالثة بعد انتصاره على الاردن بثلاثية والبحرين بخمساسة وسوريا بقذيفتين أهلته الى نهائي بطولة غرب آسيا عن جدارة .
وبالانتصار التاريخي وذهول المتنافسين والسمعة الطيبة والثقة في النفس والاصرار على الانتصار ، رسم ناشئو اليمن بسمة بلاحدود وفرحة بلا أفق وأمل بلا انقطاع ، وصنعوا حُلماً وحقيقة تُعانق السماء بعد ان أسعدونا واعادوا الروح فينا ونقشوا في قلوب ووجدان كل أسرة وبيت ومدينة ومؤسسة الامل.
ثلاثة انتصارات في بطولة غرب آسيا صدمت الاردن وصعقت البحرين وأرقت سوريا ورفعت في الشعب اليمني ترمومتر السعادة ونسيان الازمات والحروب والفوضى العارمة التي حولت اليمن الى ساحة حرب للذئاب المفترسة ، بينما الرياضة تحمل كل معاني الانسانية من فكر وفن وثقافة وذوق واخلاق وقيم وانتعاش وشعلة من النشاط والمهارات والتألق والاحتراف ومتنفس جميل وراحة بال وصناعة وصحة وبناء للنفس والثقة وقاعدة صلبة في مواجهة ادران السياسة والتطرف والارهاب.
سوريا – اليمن روابط أقوى من حماقة لحظة..
وبإيماننا الكبير بإن الرياضة فن وذوق واخلاق وان الفوز والهزيمة من البديهيات في عالم كرة وان الرياضة سلوك تربوي، فإن ماصدر من مساعد كابتن المنتخب السوري من حماقة واساءة الى اللاعب اليمني العولقي استفز مشاعر كل يمني وعربي ، واستفز مشاعر أشقائناالسوريين الذين تربطنا بهم روابط الاخوة والعروبة والتاريخ المشترك والمواقف الانسانية.
كما ان بيان اتحاد كرة القدم السوري وتقديم اعتذار رسمي والتشدد في معاقبة الجاني بصورة عاجلة جاء في الصميم وأغلق باب المزايدة السياسة ، لاسيما وان زيارة المنتخب السوري للمنتخب اليمني والاعتذار وجبر الخواطر قد خفف من الصدمة وعمل على إذابة جليد الازمة مع الاحتفاظ بالحقوق القانونية التي يقررها الفيفا ضد مساعد المدرب السوري المتهور حتى يكون عبره للاخرين في أي بطولة قادمة.
ومالفت نظري والجماهير اليمنية هو الروح المعنوية والرياضية العالية والارادة الصلبة والانسجام والمهارات في تقديم أجمل المباريات وانتزاع الفوز لتشريف اليمن ، كما ان مباراة منتخب ناشؤ اليمن القادمة أمام المنتخب السعودي في نهائي بطولة غرب آسيا ستكون مصيرية ونقطة تحول في تاريخ الرياضة اليمنية بالفوز وهو ما نأمله من أقيال حميروان لم يحالفنا الحظ فيكفينا شرفاً الوصول الى نهائيات غرب آسيا لرفع راية اليمن.
والشيء المعيب ان رؤساء جمهورية عدن وصنعاء ورؤساء حكومة الشرعية والانقاذ الوطني في اليمن يتحولون الى انتهازيين ومستثمرين عند كل فوز ثمين في محاولة لقطف ثمار وعرق وجهد وفوز منتخب الناشئين من خلال الاتصال وبرقيات التهاني وأتقاط الصور التذكارية وصرف بعض المكافآت الزهيدة هنا وهناك لتحسين الصورة ، بينما في واقع الحال انهم لم يقدموا شيء من الدعم المالي للمنتخبات اليمنية طوال خمس سنوات على الاقل وهو مايدعو الى أكثر من علامة تعجب واستفهام ، فهل يراجع قادة اليمن أنفسهم ويهتمون بمنتخبات الامل والغد المشرق؟
أخيراً .. ان كان هناك تهنئة فهي تزف الى لاعبي منتخب الناشئين الذي نرى فيه قطار الامل الذي وحد الشعب اليمني بشماله وجنوبه وشرقه وغربه ، وكذلك هي مقرونة للكابتن الكبير قيس محمد صالح ، ورئيس اتحاد كرة القدم الشيخ أحمد العيسي والطاقم الفني والاداري ، والجمهور اليمني الذي صدح بصوت نابع من القلب ” بالروح بالدم نفديك يايمن في مدرجات السعودية ، كما تزف التهاني الى ” الاعلام الرياضي الذي واكب ومازال يغطى بطولة غرب آسيا وكان بمثابة خلية نحل وشاشة البث التي نتلقى من خلالها الاخبار والتقارير والتصريحات والمؤتمرات الصحفية في كافة وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أولاً بإول ، واجمل تحية لقناة السعيدة التي تنقل لنا الحدث الرياضي مباشرة.
*رئيس تحرير سام برس
shawish22@gmail.com