بقلم/ احمد الشاوش –
يقال في المثل اليمني “بخت الشريفة اعمى ” ، ويختزل هذا المثل القصص المأساوية للمرأة الهاشمية التي تنتظر زوج المستقبل عشرات السنين دون أن يُكتب لها النصيب بإكمال الشرط الاخر من الدين بسبب شرط الكفاءة النادر رغم ان الرسول عليه الصلاة والسلام قال من ترضون دينه وخلقه فزوجه ، وأظفر بذات الدين تربت يداك ، ولذلك تمر الأيام والسنون والشريفة تنتظر فارس أحلامها أو على الأقل الستر وتكبر وتعجز وتتغير ملامحها وتُحرم من حقوقها الشرعية وسعادتها ورسالة الامومة وتُغادر الدنيا الى الرفيق الأعلى وهي تقول اللهم احرم من حرمني وأقطع من قطعني.
وبنفس الثقافة الاجتماعية السلبية يسعى بعض رجال القبائل اليمنية الى تعطيل شرع الله والقوانين والوقوف حجر عثرة امام حق من حقوق المرأة بحرمانها من الزواج تحت ذريعة المحافظة على أموال واراضي وعقارات الاسرة لكي لا تأول الى الغير بالزواج او على الأقل حرمانها من الميراث تحت تقاليد “ما للمرأة إلا الر عاية والكفاية “، وان تزوجت حرمت من ابسط حقوقها الشرعية والإنسانية وأصبحت أشبه بخادمة بلا رأي ولا صوت ولا مشاعر.
وكثيرة هي القصص الانسانية والاجتماعية الصادمة وماهز وجداني وزلزل كياني في طفولتي ذلك المشهد المروع الذي رأيته منذ سنين في احد احياء صنعاء القديمة ومازال يؤرقني ويطارد ذاكرتي حتى اللحظة ، عندما أقدم أحد الأزواج “…” على طرد زوجته من المنزل قبل صلاة المغرب على خلاف تافه جداً ، لتأخرها في تلبية طلبة دون قصد وأقسم الرجل الاحمق ان لاتبقى في بيته دقيقة وهي تذرف الدموع وتقول له أتركني من أجل الأولاد .. لا يضيعوا الأولاد ..هذه نهاية الوفاء والعشرة .. اخذتني من بيت والدي معززة مكرمة وصلني الى القرية ، رغم ان المرأة كانت صالحة ومطيعة وأكثر صبراً وذات سمعة طيبة لكن عدوانية ذلك الرجل رُغم استقامته دفعته ان تخرج من بيته، وخرجت وقلبها يقطر دماً على أولادها وأطفالها يصرخون بالبكاء يحاولون اللحاق بالأم الحنونة ، بينما توجهت الام بملابسها العادية دون أن تخرج باي من حقوقها الى الفرزة للذهاب الى بيت والدها في احد القرى مكسورة الجناح وسط صدمة الجيران .
ورغم ذلك الموقف المرعب بادرت بعض نساء ورجال الحي الى تأنيب الزوج الجااااااااااحد ونصيحته ووقوفهم بمقاطعته وتذهب النساء وبعض الرجال للحاق بالمرأة المظلومة واذا هي من المصادفات منتظرة بالفرزة عند حلول الظلام حتى تأتي سيارة الاجرة اليوم الثاني ثم عادوا بها لبيت الزوج الجاحد فأي رجولة وأي تقاليد وأي صلاة لم تنهه وأي إسلام وقانون وتعايش وانسانية، وكم من النساء الضحايا والاطفال وكذلك بعض الرجال من الجنس الخشن.
وتتكرر المشاهد المأساوية والظلم الفادح وعنجهية الأزواج المعقدين ويشهد الله انني رأيت موقفاً آخر يشيب له الرأس في شارع 26 سبتمبر ، واذا برجل قبيلي معروف ينزل من فوق سيارة صالون وبجانبه امرأة كبيرة ويتعقبون امرأة ويشتمونها ويحاولون بالقوة إدخالها ال السيارة وعندما استفزني المشهد تدخلت وقلت له ياراجل استحي عد عندك قبيلة ، قال هي زوجتي تريد تترك البيت وسألتها هل هو زوجك قالت نعم لكنهم اهانوني وضربني وأخته لأنني يتيمه والان في طريقي الى بيت أختي وبالتالي أدخلوها بالقوة الى السيارة وذهبوا.
وما يدعو للاسى والحزن ان البعض يمارس ما هو أبشع من ذلك رغم اننا في القران الواحد والعشرين دون أدنى مراعاة للعشرة والحفاظ على الاسرة أو التسريح بإحسان .. مازال بعض الأزواج المعاقين والمشوهين فكرياً ودينياً وانسانياً يتعاملون مع المرأة بالقوة والسب والشتم والاهانة وترويع الأطفال ما يجعل المرأة مصدومة والاجيال القادمة تُجسد العنف والتفكك.
وكون الزواج حقوق وواجبات وعشرة على الحلوة والمرة وثقة متبادلة فلابد من الصبر والحكمة عند اول خلاف ومحاولة حله بكل الطرق بعيداً عن الانانية والغرور والتجبر ، لان التجرد من القيم والاخلاق وعدم مخافة الله وعدم تطبيق القانون يؤدي الى نتائج سلبية ، كما ان تراكم القضايا وتباطؤ القضاء في التوفيق او الفصل في هذه الأمور المستعجلة يؤدي الى تدمير الاسرة والنسيج الاجتماعي وامتهان وقهر وعبودية المرأة بمصادرة حقوقها الشرعية والدفاع عن نفسها .
بينما نجد المرأة في المجتمع الغربي قد انتزعت الكثير من حقوقها القانونية ولم تصبح ضحية لدى الزوج الجاحد او الاب الجاهل أو الاخوة الذين يحتالون على ميراثها ، ورُغم عظمة الإسلام ، إلا ان المعاملات السيئة في المجتمعات العربية والإسلامية كثيرة و” اليمن ” أنموذج لمعاناة الام العظيمة التي لولا وجودها لما وجدنا على الأرض ، والزوجة التي تمثل النصف الاخر للرجل والاخت والبنت التي تمثل الجزء الاخر للإنسان .
لكل هذا سلطنا الضوء في هذه المقالة على قضايا اجتماعية حساسة لعل وعسى ان يراجع كل اب وأخ واسرة وحاكم وصاحب سلطة قضائية وتشريعية وتنفيذية ومنظمة حقوقية الضمير الغائب والانسانية وتحكيم العقل والمنطق والقرآن والسنة النبوية وان يتق الله بعيداً عن الاستغلال السياسي والا يتحول البعض الى سيف مسلط على أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا وأولادنا.
shawish22@gmail.co