الخميس , مارس 28 2024
الرئيسية / اراء / هل سيعود ترمب لرئاسة الدولة العميقة؟!

هل سيعود ترمب لرئاسة الدولة العميقة؟!

عميرة أيسر*
يعتبر الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، والذي كان يعتبر الرئيس 45 لبلاد العم سام، من أكثر الرؤساء إثارة للجدل حتى وهو خارج أسوار البيت الأبيض، إذ يعتبر وبدون مبالغة أحد أعمدة السّياسة الأمريكية، بل أكثر الرؤساء منذ عهد ابراهام لينكولن تأثيراً وشعبية، وأكبر دليل على ذلك هو أن الرئيس السّابق الذي يتمتع بشخصية قيادية كاريزمية قلّ نظيرها في الولايات المتحدة الأمريكية حالياً، قد نجح في قلب كافة المعادلات والموازين داخل حلبة السّياسة الأمريكية، وأصبح أقوى شخصية سياسية داخل الحزب الجمهوري، حيث استطاع ترامب إيصال كل مرشحيه في الحزب لمناصب حساسة سواء داخل مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، بل وصل حجم تأثيره ونفوذه لداخل المؤسسات الأمنية والسّياسية والاقتصادية في أمريكا، فهو من وقف خلف تعيين القاضية المحافظة اليمينية إيمي كونت باريت في المحكمة الفيدرالية العليا، وبالتالي تكريس هيمنة اليمين على أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صوت 52 عضواً من أعضاء الكونغرس الأمريكي جميعهم من الجمهوريين على قرار التعيين، في حين صوت ضدّ هذا التعيين 48 سيناتوراً منهم سيناتورة واحدة جمهورية، والبقية كلهم ديمقراطيون. مثلما ذكر موقع DW بتاريخ 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2020م، في مقال بعنوان ( ترامب يخرج منتصراً بتثبيت باريت قاضية في المحكمة العليا).
وبالرغم من خسارته للانتخابات الرئاسية السّابقة بفارق بسيط من الأصوات، أمام الرئيس الحالي جوزيف بايدن المحسوب على الدولة العميقة، التي يرى ترامب بأنها المسؤولة عن صناعة القرار السّياسي في البلاد، حيث توجه السّياسة الخارجية بما يضمن استمراريتها، وذلك عن طريق توظيف مجموعة من البيروقراطيين ورجال الأعمال الذين يتحكمون في الكثير من وسائل الإعلام، و يمولون عدداً من المرشحين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بالإضافة لامتلاكهم لمجموعة ضخمة من الشركات الاقتصادية التي تدير الاقتصاد الأمريكي، بما يضمن سيطرة الدولة العميقة وأذرعها الأخطبوطية على مفاصل النظام الفيدرالي، ولا ننسى الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسات الأمنية كالبنتاغون ووكالة المخابرات الأمريكية في ذلك، فهذه الأجهزة التي تعتبر بمثابة العصب الحساس لهذه الدولة، التي تشرف حسب ترامب على تعيين الرؤساء في أمريكا منذ نشأتها ونتهي حياتهم، إذا ما تجاوزوا الخطوط الحمراء المرسومة لهم، كما فعلت مع جون كيندي و جيمس جارفيلد وويليام ماكينلي وإبراهام لينكولن. كما ذكر موقع العين الاخبارية، بتاريخ 16 جوان/ يونيو 2022م، في مقال بعنوان (اغتيال رؤساء أمريكيين قائمة تاريخية).
فالدولة العميقة تعتبر العدو الأول لترامب وتياره الشعبي القومي، الذي يرى بأن مكانة الولايات المتحدة الأمريكية قد تراجعت كثيراً بسبب السّياسات الاقتصادية والتنموية والعسكرية الخاطئة التي اتبعها رؤساء أمريكا السّابقون المدعومون من طرفها، فمنذ تركه لمنصب الرئاسة يشنّ حرباً لا هوادة فيها ضدّها، ويتهمها بالمسؤولية عن غلق جميع حساباته المختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا بالمسؤولية عن الحملة الإعلامية و القضائية التي طالته مؤخراً، وذلك بعدما قام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بمداهمة قصره بولاية فلوريدا، متهمين اياه بإخفاء حوالي 40 صندوقاً تحتوي على وثائق عالية السّرية، حصل عليها خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية، واستعادة مكتب التحقيقات الفيدرالي بالفعل 15 صندوقاً وجدها في بيته، و الاقتحام الذي اعتبره ترامب انتهاكاً صارخاً للقانون الفيدرالي، وكذب بالمقابل ادعاءات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، والتي قالت خلال مؤتمر صحفي عقدته بالبيت الأبيض ” ان بايدن لم يتلق اخطاراً مسبقاً بمداهمة منزل ترامب مضيفة أنه لم يتلق أي شخص في البيت الأبيض تنبيهاً مسبقاً”، حيث قال بهذا الخصوص عبر منصته ” تروث سوشيال”، ” بأن بايدن كان يعرف كل شيء عن المداهمة كما كان يعرف كل شيء عن صفقات ابنه هانتر” وأضاف ” ما حدث أمس في مالارغو هجوم منسق من اليسار الراديكالي الديمقراطي”.
وبالتالي فإنّ ترامب الذي يعتبر من أشد المعارضين بل والناقمين على السّياسة الخارجية الأمريكية في عهد بايدن، حيث لطالما هاجم موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، وموقفه من ملف تايوان، إذ يعتبره بمثابة دمية تحرك خيوطها الدولة العميقة، قد يواجه حكماً بالسجن لمدة 5سنوات، في حال قام المدعي العام الفيدرالي برفع دعاوى قضائية ضدّه يتهمها فيها بارتكاب مجموعة من الجرائم القانونية والتي من بينها عرقلة سير العدالة و انتهاك قانون التجسس بالإضافة للتعامل المجرم مع السجلات الحكومية، التي يصر ترامب بأنه قد رفع السرية عنها حسب القانون باعتباره كان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فالدولة العميقة على ما يبدو تحاول بشتىّ الطرق والوسائل ارغام ترامب على السكوت، والضغط عليه من أجل عدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة المزمع اجراءها في سنة 2024م، خاصة عندما اتهم وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” بالكذب والخداع وخاصة في ملف الصعود للقمر، وقام بتخفيض ميزانيتها بدعوى أن مصاريفها غير مبررة.
فترامب لطالما تساءل عن سبب بقاء هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية السّابقة لمنصب الرئاسة حرة طليقة، وهي التي قامت بحذف حوالي 33 ألف بريد إلكتروني تدينها بالترهب الضريبي وتلقي أموال من جهات مشبوهة وبطريقة غير مشروعة أثناء تنشيط حملتها الانتخابية، والشيء المؤكد على ما يبدو بأنه ماض في خطته الأستراتيجية القاضية بتأليب الرأي العام على إدارة جوزيف بايدن، ومحاولته الدائمة مساومة الدولة العميقة من أجل القبول به رئيساً لأمريكا مجدداً، مستعيناً في ذلك بالوثاءق السرية التي بحوزته، والمهددة للأمن القومي في حال خروجها للعلن بشكل رسمي، بالإضافة إلى ما يعرفه من أسرار ومعلومات قيمة عن النخبة الحقيقة الحاكمة في أمريكا، إذ يحاول من خلال كل ما يقوم به إيصال رسالة إليهم مفادها بأني الشخص المناسب لكي أقود أمريكا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
*كاتب جزائري

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

خواتيم التآمر!

فؤاد البطاينة* ما زال تاريخ الحركة الصهيونية الخزرية في فلسطين قائما على الحروب منذ بدايات …