الجمعة , سبتمبر 20 2024
الرئيسية / اراء / الاردن..الانزلاق نحو الدولة البوليسية

الاردن..الانزلاق نحو الدولة البوليسية

د.أنيس الخصاونة*
وفاة المواطن الاردني زيد دبش تحت التعذيب في سجن ماركا يؤشر الى ان الاردن ينزلق شيئا فشيئا ليصبح دولة بوليسية، سجناء يموتون تحت التعذيب، وكتاب يعتقلون بسبب مقالات عبروا فيها عن ارائهم، ورساموا كاريكاتير يتم احتجازهم، وصحفي ساخر ورئيس تحرير موقع الكتروني يمنع من المشاركة في مناسبة ثقافية، وطلاب حرية يقضون شهورا خلف القضبان، ورئيس حكومة يقول بأن ايام الاردن الاجمل لم تأتي بعد.
يا ترى الي اين نسير والى اي منحدر نهوي!!! وكيف يمكن لساسة النظام وعقل الدولة ان يقبلوا ان تتحول دولة عمرها مائة عام الى بلد بوليسي تحكمه اجهزة امنية تجاوزت مهامها المناطة بها لتحل محل السياسيين وممثلوا الامة!
الدستور الاردني ينص في الفصل الثالث المادة 24 الفقرة (1) ان الامة مصدر السلطات
وان السلطة التنفيذية تخضع لرقابة السلطة التشريعية ومساءلتها فيا ترى ماذا حل ببلد مثل الاردن لتصبح السلطة التشريعية الممثلة بغرفتي البرلمان سلطة واهنة صوتها ضعيف مستكين ولا تقوى على التعامل بندية مع الحكومة والاجهزة التابعة في الوقت الذي يتعاظم فيه دور الاجهزة الامنية وحضورها في كل شاردة وواردة واشتراط موافقتها على قضايا اكاديمية وطبية وصحفية وثقافية ليست من ضمن اختصاصاتها.
ان تغلغل الاجهزة الامنية وتدخلها في جوانب متعددة في مؤسسات القطاع العام اصبح معلوما للقاصي والداني ،وهذا في الحقيقة يتعارض كليا مع رسالة الملك عبدالله الثاني بتاريخ ١٧ شباط ٢٠٢١ لمدير دائرة المخابرات العامة والتي تضمنت توجيها للدائرة ومنتسبيها بالتوقف عن التدخل في الاجهزة المدنية والجامعات والتركيز على دورها في حفظ الامن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
الاردن للأسف ليس بخير، اقتصاد منهار، وفقر ينبئ بانفجار مرعب، وبطالة بنسب قياسية، وديمقراطية جوفاء، وحرية التعبير مقيدة بقانون جائر اسمه قانون الجرائم الالكترونية، ومعارضة تم تفتيتها واختراقها من اجهزة الدولة عبر الالهاء او الاغراء، واحزاب شكلية ترزح تحت نعل الحكومة واحذية الاجهزة الامنية.
الاردن وكيانه السياسي وامنه واستقراره على مفترق طرق خطير في الوقت الذي يستمر عجز الحكومة عن الاشتباك والتعامل مع قضايا الناس والتداعيات الاجتماعية والانسانية للاوضاع الاقتصادية المأساوية التي يعاني منها الوطن.
الحكومة الحالية استنفذت كل ما لديها ولم تفلح في انجاز واحد غير التعامل مع جائحة كورونا، ونعتقد ان كل ما يصدر عن الحكومة من تصريحات وتطمينات لا يعدو كونه تزويق وممالئة وهروب، لا بل عجز عن معالجة المشكلات.
اخيرا ان وفاة المواطن الاردني زيد دبش في سجن ماركا قضية كبيرة، ويستحق ان يقال فيها رئيس الحكومة وليس فقط مدير الامن العام، هذا اذا ثبت بالتحقيق من جهة مستقلة ان الوفاة جاءت بسبب التعذيب. هذه ليست المرة الأولى التي يموت فيها مواطنون تحت التعذيب في فقد مات عدد معتبر من الاردنيين في السجون ولم نسمع قط بنتائج تحقيق ادانت المسئولين عن هذه الجرائم. احتجاز المواطنين بسبب ارائهم وكتاباتهم هو بحد ذاته جريمه، وتعذيب السجناء واهانة كراماتهم ايضا جريمة، وتقييد حريات الناس جريمة ،وسلب حقوق الموظفين في جامعاتنا ومؤسساتنا جريمة، وشراء الذمم جريمة وتشجيع السحيجة والمنافقين والمخبرين ومكافأتهم يدمر نسيج الدولة ويفقد مواطنيها الانتماء ويدفع بالاردن للانزلاق نحو الدولة البوليسية فهل من مدكر…….
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

أولويات الردّع “التكنولوجي” !

  العميد. محمد الحسيني* مهما حاول الكثيرون توصيف ما حصل في لبنان يوم 17 سبتمبر/ …