السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / اراء / لسنا وحدنا من يواجه حلف الشيطان!

لسنا وحدنا من يواجه حلف الشيطان!

خالد شحام*
في بعض الأحيان تحتاج أن تتمكن من تجميع فتات الأمل من حطام السياسة كي تتمكن من إعاة تجميع ايمانك وتثبيت ما تؤمن به ، هذا الأمل البسيط هو قطعة الخشب المتبقية الطافية التي تسمح لك بالنجـــاة في بحر هذا العالم الغارق ، ، ثلاثة أخبار صغيرة وأكثر يمكننا أن نجمعها قرب بعضها البعض لنرى من خلالها بصيص أمل وتثبيتا للرؤيا والإيمان وسط عتمات المسرح العالمي الذي يبدو لنا أنه قد أغلق الهواء عنا وحجب نور الشمس وضياء الأمل عن أرواحنا:
الخبر الأول: ختمت يوم الجمعة الماضي قمة دول منظمة شانغهاي الثانية والعشرين والتي عقدت في مدينة سمرقند الأوزبكية بالموافقة على حزمة قرارات تبدو للمطلع العادي سياقا تقليديا ولكنها في ظل المنعطفات الحادة التي يشهدها العالم تمثل منعطفا وحجر أساس لمتغيرات لا يمكن الاستهانة بها ، بيان قمة سمرقند وقعت عليه كل من روسيا، والصين، وكازاخستان، وطاجكستان، وقرغيزستان، وباكستان، والهند، وأوزبكستان وتم الاعلان ضمنه عن خطوط مشتركة في التعاون الأمني والدفاعي والدعم الروسي المفتوح لحزم الدول ذات العلاقة ، هذه القمة وفي ظل هذه الظروف لا يمكن تلخيصها إلا بالعبارة البسيطة التي أدلى بها الرئيس الصيني “العمل معا لتعزيز نظام دولي يتحرك في اتجاه أكثر عدلاً وعقلانية” لا داعي لأن ينطق الرئيس الروسي أو الصيني بما نري أن نسمعه جهرا وعلانية ولكن المؤتمر يقول بملىء الصوت : كفى ! لقد حان الوقت لوضع حـد لهذا الجنون الأمريكي المتهور الذي سيقودنا جميعا نحو الهاوية !
الخبر الثاني : في زاوية أخرى من العالم وفي خبر صغيرآخر ، يرفض رئيس تشيلي ( جابرييل بوريك ) اعتماد أوراق السفير الصهيوني في بلاده وتأجيل ذلك لوقت قادم وتم الإعلان بأن هذا الرفض جاء بسبب اعمال القتل الدموية التي ترتكبتها دولة الكيان بحق الفلسطينين في غزة وقد نددت الصحافة الصهيونية بهذا السلوك واعتبرته إهانة غير مسبوقة !
الخبر الثالث : تعثر بيع مقاتلات فالكون 35 للإمارات العربية والمستندة في الأصل لاتفاقيات مع التاجر ترامب ، الصفقة تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار ثمنها ل 50 طائرة من هذا الطراز ، حجة الولايات المتحدة التي تبرر المماطلة وتشدد الشروط تعلن على أنها لن تسمح بخدش التفوق الاسرائيلي في المنطقة ، لكن عدة تقارير إخبارية تؤكد أن المخاوف الأمريكية من الحضور الصيني واتفاقيات التعاون التقني في الاتصالات بين الصين – الإمارات وخشية الولايات المتحدة من الوقوع ضحية للتجسس هو المبرر الاساسي خلافا لما يعلن .
ما الذي تكشفه هذه الصور الصغيرة عندا تجتمع معا وتتحالف معا في وعي المتابع العالمي والعربي ؟
العبارة المعتادة التي نسمعها منذ فترة ليست وجيزة حول سقوط نظرية القطب القوي الواحد تترجم اليوم إلى برامج مواجهة وتشكيل تحالفات جادة نابعة من تحالفات كانت خاملة ولكن الان تم ايقاظها بفعل الظلم والإجحاف والإذلال والتهديد الخطير المتعمد الذي تمارسه الولايات المتحدة ضد هذا العالم بأكمله ، أرجو أن نتذكر جيدا أن مصطلح ( قوة سيبريا 2 ) الذي أطلقه بوتين حول خط الغاز المتوجه نحو الصين سيصنع متغيرات جديدة وركن أساس لتغيرات كبيرة قادمة في هذا العالم الذي تورطت فيه الولايات المتحدة .
إن سطوة الولايات المتحدة والحلف الصهيو- أمريكي ليس قدرا حتميا ولا هو مصير مكتوب لا فكاك منه ، إنه شيء قابل للكسر مثل الزجاج وقابل للمواجهة مثله مثل أي مارقين عبر التاريخ كما كانت بريطانيا وفرنسا والبرتغال واسبانيا والمانيا ذات يوم ، إن التحالف مع الولايات المتحدة والتبعية العمياء والخضوع المتكامل لرغباتها وسياساتها ليس قدرا محتوما لا يمكن الفكاك منه ويتضح كل يوم أنه أشد خطرا .
إن الشعب الفلسطيي ليس وحيدا حتى لو تخلى عنه العرب ، لا زال في هذا العالم الكثير من الشرفاء الذين لن يوقفهم الاخطبوط الصهيوني الذي يريد أن ُيفِهم الجميع بأنه في كل مكان وزمان ويده الطولى تتغلغل في أبعد بقاع العالم، لا زال في هذا العالم إحساس إنساني ووطني لا هوية ولا جنسية ولا دين يحده أو يسيسه ، إنه الإحساس العالمي بعدالة قضية فلسطين وعدالة حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه وتعمق الشعور ببلوغ الإجرام الصهيوني والاعتداءات الصهيونية وتجاوزها كل الحدود وتفوقها على النازية المتطرفة في أفعالها وما رسالة الرئيس جابرييل وغيرها الكثير إلا برهان على ذلك .
إن الحلف الصهيو- أمريكي لا أمان له ولا ثقة فيه ولا نجاة منه حتى لو تحالفت معه وظننت أن النجاة والديمومة بيديه ، إنه بيت العنكبوت الذي لا أمان ولا ضمان ولا اتفاقيات ولا صفقات ولا مستقبل معه لأنه قائم على الاعتداء والخديعة والدم والاستيلاء ، إنه حلف قائم على ابتزاز ( الحليف ) وخداعه حتى رميه جافا إنه التطبيق الحي للآية الكريمة المبشرة ( وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) .
كما أن التطبيع لن يشفع بالنجاة للراكضين وراءه فإن كثرة المطبعين لن تمنح حلف الشيطان لا القوة ولا صكوك الغفران بحق القضايا العربية حتى وإن طال الزمن ، الدم الفلسطيني واليمني والعراقي والليبي والسوري والمصري واللبناني لن يذهب هدرا مهما طال الزمان ، أن الخيانة العربية الرسمية لقضايا الامة العربية قد تمنح هؤلاء فسحة من فرحة كاذبة وسراب واهم ولكنها لا تكفي لتحقيق حلم الهيمنة الصهيو-أمريكي بمسح ذاكرة الشعوب وتعديل قبولها لتتحول إلى المستسلم للمصير الذي تفرضه قوى الاستعمار الجديد ، إن المساقات السياسية وتعثر علاقات التطبيع رغم محاولات التودد والمحبة المبالغ فيها لن تشفع لكل هؤلاء بالخسارة على المحورين : محور الشيطان الذي يركضون وراءه ومحور الشعوب التي سيركضون منها عندما تقع الواقعة .
قد نعاني نحن كشعوب عربية من كوابيس ليلية وسنوية طويلة الحضور بسبب الهزائم المتتالية واعتقال العقل العربي لكن كوابيس هؤلاء أشد هولا وأشد رعبا لأن كوابيس الطغاة لا تشبه كوابيس الضحايا ، كابوس فلسطين الذي يؤرق سراق التاريخ والأرض يتضخم كل يوم في منامهم ، القتل والتجبر والاعتقال وتطويق الشعوب العربية ومحاصرتها اقتصاديا وثقافيا وتركيع المفكرين والشرفاء لن يكون إلا مزيدا من النار التي ستحرقهم وتمسح وجودهم من بلادنا.
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …