الإثنين , ديسمبر 11 2023
الرئيسية / اراء / أمريكا تفقد هيمنتها والعالم نحو التعددية

أمريكا تفقد هيمنتها والعالم نحو التعددية

د.حسناء نصر الحسين*
بكلمة موجهة للداخل الروسي كما هي موجهة بشكل أكبر بكثير للغرب الأمريكي أطلق الرئيس فلاديمير بوتين عن استراتيجية بلاده الجديدة لمواجهة الغرب الأمريكي ليعلن مرحلة جديدة أكثر قوة واصرارا على حماية حدود بلاده وأمنها من الاستهداف الأمريكي الغربي الممنهج لكسر روسيا وتفتيتها فإعلان التعبئة العسكرية ولو كانت بشكلها الجزئي ما هي الا حالة التأهب القصوى التي يريد من خلالها القيصر الروسي الرد على أعدائه عبر استراتيجية الحرب المفتوحة التي كان قد بدأها الامريكي والغربي على كل الجبهات عبر دعم اوكرانيا الغير محدود بأقوى انواع الاسلحة المتطورة والعقوبات الاقتصادية التي لم تأخذ بعين الاعتبار انعكاساتها على شعوب دولهم ايضا .
وما تصريح بوتين الواضح بأن روسيا ستستخدم كل الامكانيات والوسائل المتاحة لمواجهة أي تهديد وهذا يعني ان الترسانة النووية وهي من ضمن الامكانيات والوسائل الروسية التي ستدخل في حسم هذه المعركة بالإضافة لترسانات الاسلحة المتقدمة تكنولوجيا والمتطورة على مستوى القوى الصاروخية عالميا .
هللت امريكا ومن خلفها لانسحاب القوات الروسية من خاركوف واعتبرت هذا الانسحاب التكتيكي هزيمة مدوية لروسيا وقلنا في مقال سابق ان هذا انسحاب وليس هزيمة ليكن هذا الانسحاب مقدمة لاعلان استراتيجية جديدة في هذه الحرب الي تقودها امريكا والغرب واسرائيل واجهزة استخباراتها وقادتها العسكريين من قلب اوكرانيا وبسلاح امريكي غربي بعد ان فشلت فشلا كبيرا في تحشيد دول العالم خلف المشروع الامريكي الغربي الذي يقضي بعزل روسيا اقتصاديا وعسكريا ودبلوماسيا عن الساحة العالمية وكان واضحا ان كل هذه المساعي التي قادتها امريكا كان وما زال الهدف منها ضرب الوجود الروسي كقوة على الساحة الدولية من بوابة منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وانهاء وجودها كعضو دائم له كامل الصلاحيات في مجلس الأمن وأهمها حق استخدام الفيتو الذي عرقل بشكل كبير تمرير المشاريع الامريكية الغربية في الحرب الأوكرانية وغيرها من الملفات على الساحة الدولية وهذه الرغبة الأمريكية عبرت عنها صراحة سفيرة واشنطن في مجلس الامن جرينفيلد عندما قالت لو كان الأمر بأيدينا لنظرنا في كيفية طرد روسيا من مجلس الأمن ولكنها عضو دائم .
هذا العداء الامريكي الغربي الذي يرافقه تدخل مباشر في الحرب الروسية الاوكرانية والحرب الشاملة التي خاضتها واشنطن ، على روسيا دفع روسيا لإعادة رسم الخرائط والمخططات العسكرية لمرحلة قادمة وقد تأخذ شكل حرب عالمية ثالثة ذراتها ستصل الى كل مكان .
ادركت واشنطن جدية بوتين في كل كلمة قالها في خطابه الموجه للشعب الروسي وان بوتين لن يصمت عن مساسها بالحدود الروسية والامن الروسي وتدرك جيدا ان بوتين لن يتوانى عن استخدام هذا السلاح المميت لردع أعدائه ، وهذا يؤكده ما صرح به الرئيس الامريكي جو بايدين في الامس الذي اكد فيه على ان واشنطن ترغب في انتهاء الحرب في اوكرانيا بشروط عادلة ويشدد على اهمية عدم السماح باندلاع حرب نووية ، متناسيا تاريخ بلاده باستخدام السلاح النووي في هيروشيما وناغازاكي والاسلحة الفتاكة الاخرى في العراق وغيره من دول العالم .
ليلحقه تصريح أخر لحلف الناتو بأن النزاع في اوكرانيا سينتهي على طاولة المفاوضات ، وهذه التصريحات المتلاحقة لواشنطن والناتو ما هي الا استشعارا مسبقا بما تحمله قادم الأيام من رد روسي على هذه الدول ستقلب الموازين وتأخذهم جميعا الى طاولة مفاوضات تعيد لروسيا الاتحادية حقوقها التاريخية التي كان قد نادى بها بوتين في خطاب التعبئة العسكرية .
طالما تعاملت واشنطن مع المجتمع الدولي كبيره وصغيره بلغة القوة والتهديد وفرض ارادتها عبر ما تمتلكه من فائق القوة العسكرية والاقتصادية والتي انعكست على المنظمة الدولية وهيمنت عليها ، لكنها ادركت جيدا وبعد سبعة اشهر من حربها مع روسيا ان روسيا الاتحادية لديها اوراق قوة في نفس الميادين التي استخدمتها واشنطن في هذه الحرب وقرأت جيدا توجهات بوتين في هذه الحرب مما جعلها للعودة الى التصريحات التي تشي بالتهدئة عبر الحلول الدبلوماسية والمفاوضات وعي التي كانت وما زالت تعرقل مسارها.
امريكا التي رفضت وحاربت اي مطالب دولية واقليمية لإحداث اي تغيير في هيكلية مجلس الأمن للحفاظ على هيمنها عليه ها هي اليوم تطالب وعلى لسان رئيسها جو بايدن لزيادة عدد الدول الأعضاء وغير الدائمين في مجلس والحث على الامتناع عن استخدام حق النقض الفيتو الا في الحالات الاستثنائية ، وفي هذا دليل على هزيمتها في هذا الميدان وفي هذا المنبر الأممي ، وان كان في هذا المطلب الامريكي خبث ومكر امريكي .
العالم يعيش حالة من المتغيرات المتسارعة واعادة لرسم الخرائط العالمية ، وولادة تكتلات وتحالفات اكثر تماسك وصلابة مصحوبة بمطالب دولية ومجتمعية في احداث تغيير في هيكلية النظام الدولي الذي تقوده مكنات التوحش الامريكية الغربية وهذا ما سيكون عنوان المرحلة المقبلة من الحرب الشاملة بين روسيا الاتحادية ومن معها وامريكا ومن معها .
*باحثة في العلاقات الدولية – دمشق

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

النكبة الثانية قادمة!

د.رجب السقيري* عندما قرر نتنياهو وشركاؤه في حكومة الحرب الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر الماضي …