الخميس , مارس 28 2024
الرئيسية / اراء / بطاقةٌ حمراء للكيان!

بطاقةٌ حمراء للكيان!

زهير حليم أندراوس*
أولاً: من نوافل القول إنّ المُشاركة في الانتخابات العامّة التي تجري في دولة الاحتلال هي حقٌّ لكلّ إنسانٍ عربيٍّ في مناطق الـ48، الّذين فُرِضت عليهم الجنسيّة الإسرائيليّة، ليبقوا في فلسطين، مُحاوِلين قدر المُستطاع وربّما أكثر القبض على الجمر، رغم المؤامرات التي تُحاك ضدّهم من قبل الاحتلال، باعتبارهم “قنبلةً ديمغرافيّةً موقوتة”.
ثانيًا: الدروس المُستفادة من خلال التشبث بأرضنا ووطننا تُلزِمنا أنْ نسأل أنفسنا، قبل الآخرين: هل من جدوى في التمثيل العربيّ-الفلسطينيّ؟ حتى اليوم لم تتمكّن الأحزاب العربيّة من صدّ الهجمات العنصريّة والفاشيّة التي استشرت في كيان الاحتلال، وللتذكير فقط، فإنّ قانون القوميّة، الذي يُعتبَر الأكثر فاشيّةً، تمّ سنّه عندما كان عدد النواب العرب 13، ولم يتمكّنوا من منعه، ويجب أنْ نطرح السؤال وبقوّةٍ: ماذا نعمل في كنيست، يُلزِم مُنتخبيه قبل كلّ شيءٍ بأداء قسم اليمين لإسرائيل، التي قامت على أنقاض شعبنا العربيّ-الفلسطينيّ في أخطر جريمةٍ شهدها التاريخ؟
ثالثًا: الخبث والدهاء في الكيان يدفعان ماكينة الدعاية الصهيونيّة، التي تعمل على مدار الساعة لشيطنة العرب والاستئساد عليهم، يدفعها إلى “استغلال واستثمار” تواجد العرب في الكنيست لتزعم زورًا وبُهتانًا بأنّها دولةً ديمقراطيّةً وتسمح لكلّ “مواطنيها” بالترشّح والانتخاب، وهذا الزعم هو كاذب من ألفه حتى يائه، ذلك أنّ إسرائيل هي ديمقراطيّة لليهود، ويهوديّة للعرب، إنّها دولة جميع فاشييها وعنصرييها وقنّاصيها، وبالتالي، لماذا نمنحها هذه الجائزة المجانيّة؟
ad
رابعًا: لا غضاضة بالتذكير بأنّ الترشّح والتصويت للكنيست هو اعترافُ ضمنيٌّ بوجود إسرائيل، وبصورةٍ غيرُ مُباشرةٍ منحها شهادة التأهيل بأنّها ليست كيانًا استعماريًا، مدعومًا من الثالوث غير المُقدّس: الإمبريالية، بقيادة رأس الأفعى أمريكا، الصهيونيّة والرجعيّة العربيّة، التي باتت تُهروِل إلى التطبيع مع هذا الكيان، وفي المُقابِل قدّمت وما زالت تُقدّم أبناء الشعب العربيّ- الفلسطينيّ على مذابح السلام أوْ الاستسلام كالأيتام على موائد اللئام، وبالتالي نجزِم نحنُ الّذين نعيش داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر، أنّه لا ناقة لنا ولا بعير في انتخابات برلمان بني صهيون.
خامسًا: علينا كأبناء الأقليّة العربيّة-الفلسطينيّة في أراضي الـ48، علينا أنْ نبحث عن طرقٍ أخرى للنضال ضدّ هذه الدولة التي لا تعترِف بنا، وأنْ نشرع في التخطيط لتأسيس البرلمان العربيّ داخِل الخّط الأخضر ليكون الممثِّل الشرعيّ والوحيد لنا، ويتعيَّن علينا إجراء انتخاباتٍ لفلسطينيي الداخل لانتخاب البرلمان بشكلٍ ديمقراطيًّ، والتخلّص من الكنيست، التي قُمنا بتجربتها على مدار 74 عامًا، منذ أنْ حلّت بشعبنا النكبة المنكودة، وكانت النتائج صفر.
سادسًا: علينا العمل بشكلٍ علميٍّ وعمليٍّ على البدء في تشكيل المجتمع العصاميّ، وفي أوّل سُلّم أولوياتنا الاستقلال الاقتصاديّ، وعدم التعلّق بالاقتصاد الإسرائيليّ، الذي يسعى بخطىً حثيثةٍ لإبقائنا فقراء ومُهمّشين، فيما تعمل الأجهزة الأمنيّة على تأجيج الفتن في مناطق الـ48 وزيادة العنف والجريمة في قرانا وبلداتنا ومدننا.
سابعًا: على الكلّ الفلسطينيّ في الداخل رفع البطاقة الحمراء للكيان، وعدم التصويت، لأنّه غير ذلك، سنُواصِل طحن الماء، كما نناشِد السلطة الفلسطينيّة بعدم التدّخل في أمورنا فأهل مكّة أدرى بشعابها، وعليه، من الناحية الوطنيّة أولاً ومن أجل الحفاظ على الثوابت، وفي مقدّمتها حقّ العودة، الذي لا عودة عنه، يتعيّن على الأحزاب العربيّة العودة إلى الجماهير، والتعاضد سويةً ضدّ المُشاركة في انتخابات الكنيست، لأنّ هذا هو الحلّ الوحيد لتلقين إسرائيل الفاشيّة درسًا لن تنساه.
ثامنًا: ها نحن نقترِب من الانتخابات في الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، ومع أنّ المؤمن لا يُلدَغ من جحر مرّتين، إلّا أنّ الأحزاب العربيّة، فشِلت مرّةً أخرى في تشكيل قائمةٍ مُشتركةٍ بسبب خلافٍ على ترتيب المقاعِد، الأمر الذي يقطع الشكّ باليقين أنّ الحديث يجري عن خلاف كراسي وليس عن تبايناتٍ أيديولوجيّةٍ، وهو العامِل المفصليّ الذي يُلقي بظلاله السلبيّة جدًا على المُواطِنين العاديين في مناطق الـ48، وخصوصًا أنّهم يُشكّلون أكثر من 22 بالمائة من سُكّان كيان الاحتلال، ومن هُنا لا يستغربنّ أحدٌ إذا عزفت نسبةً أكبر من أصحاب حقّ الاقتراع في الداخل عن التصويت، لترفع هذه المرّة البطاقة الحمراء أيضًا للأحزاب العربيّة.
تاسعًا: مُقاطعة انتخابات الكنيست من مُنطلقاتٍ مبدئيّةٍ هو موقفٌ مفصليٌّ في الصراع مع الصهيونيّة، ويُعبِّر فيما يُعبِّر عن رفض الكيان كـ”دولة جميع مواطنيها”، أوْ إقامة دولة فلسطينيّة إلى جانب إسرائيل وعاصمتها القدس الشرقيّة، والترويج بأنّ عدم تصويت فلسطينيي الداخل سيؤدّي أوتوماتيكيًا لصعود اليمين، هو طرح شعبويّ لا يليق بنا كأحزابٍ وكأقليّةٍ قوميّةٍ اضطرت لحمل الجنسيّة الإسرائيليّة من أجل البقاء في وطنها فلسطين، فحكومات الكيان المُتعاقبة انتهجت السياسة العنصريّة ضدّنا بهدف اقتلاعنا من وطننا، و”حكومة التغيير” الحالية، هي الأكثر بطشًا وعنفًا وقمعًا.
أخيرًا، لن أُصوِّت لبرلمانٍ يضُمّ قاتلي وجزّاري شعبي العربيّ الفلسطينيّ، لن أُصوِّت لبرلمانٍ حليفٍ لقوى الاستكبار الإرهابيّة وفي مُقدّمتها أمريكا، لن أُصوِّت لبرلمانٍ مُتحالفٍ مع الرجعيّة العربيّة ولن أُصوِّت لبرلمانٍ يقوده مُجرِم ويُنافِسه مُجرِم آخر.
*كاتبٌ فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

خواتيم التآمر!

فؤاد البطاينة* ما زال تاريخ الحركة الصهيونية الخزرية في فلسطين قائما على الحروب منذ بدايات …