فاطمة الجبوري*
القارئ العربي الذي يتسمر الأن أمام شاشة التلفاز ليسمع نشرات الأخبار وهي تنقل الأخبار عن إيران وأعمال الشغب هناك، هلّا تأملت معي لدقيقة واحدة الفيديوهات التي تعرضها هذه القنوات المضللة تأملاً حيادياً ودقيقاً؟؟ هل تلاحظ معي أن هذا السيناريو هو سيناريو مشابه لما حدث في سوريا وليبيا واليمن والعراق. مجموعة قليلة من مثيري الشغب يضرمون النار في الأبنية الحكومية ويعتدون على النساء ومن ثم يحرقون الأموال العامة والخاصة!!
ألا تلاحظ كذلك بأنّ كل تجمعاتهم تأتي في الليل، في سبيل التمويه على الأعداد القليلة المشاركة وفي سبيل إلحاق خسائر أكبر بالممتلكات. ومن ثم ألا تلاحظ الزخم الذي يضفيه الإعلام المعادي للقضية الفلسطينية أولا وللجمهورية الإسلامية ثانياً على أعمال الشغب هذه؟؟
ad
كل هذه المقدمة هي محاولة لإيجاد إطار نظري لعملية مقارنة بين ما حدث في سوريا من دمار وبين ما يحدث في إيران اليوم. تصوير الفيديوهات، الزخم الإعلامي الكاذب، حرق الأموال العامة والخاصة، استهداف المواطنين الأبرياء، استهداف قوى الجيش والأمن… إلخ. كل هذه مشتركات تقود إلى مصدر واحد هو إسرائيل.
فشلت إسرائيل وعلى الرغم من جهود أكثر من عشر سنوات وإنفاق مليارات الدولارات في إسقاط دولة المواجهة سوريا. فهي تدخلت بشكل مباشر في الحرب في سوريا ودعمت الجماعات المسلحة بالمال والعتاد، كما ساعدت هذه الجماعات الإرهابية عسكريا من خلال استهداف قوات الجيش السوري عبر الصواريخ والطائرات الحربية. كما قامت إسرائيل بمعالجة جرحى داعش وجبهة النصرة على الأراضي الإسرائيلية. كل هذه الجهود فشلت أمام مقاومة الشعب السوري والجيش السوري ودعم الحكومة والشعب الإيراني لسوريا في الوقوف أمام هذه المؤامرة.
اليوم يبدو بأنّ الدور جاء على إيران لتدفع فاتورة وقوفها إلى جانب الشعوب المظلومة وإفشال المخططات الإسرائيلية والأمريكية.
ولكن يبدو بأننا العرب لا نعرف الشعب الإيراني جيداً، هذا الشعب الذي يرفض التدخل الخارجي بجميع أشكاله، هذا الشعب الذي يعرف كيف يتفاهم مع حكومته حول المواضيع الخلافية، هذا الشعب القادر على خوض حوار دائم ومستمر للوصول إلى نتائج مشتركة مع الحكومة.
لقد سمعت أصوات الأشخاص الذين احتجوا واقتنع هؤلاء وعادوا إلى بيوتهم بانتظار أن تسنح للحكومة الفرصة لمعالجة القضايا العالقة. ومن هنا يظهر وعي هذا الشعب العظيم في ترك المجال للحكومة بالتصدي لأعمال الشغب التي تنتشر في البلاد بدعم أمريكي-إسرائيلي.
واهمة هي إسرائيل حين تظن أنها قادرة على أن تسقط إيران من الداخل، ولذلك لإن الشعب والحكومة الإيرانية يشتركان في كل شيء فهما يشتركان في الثورة الإسلامية والدين الإسلامي ودعم المقاومة ورفض المشاريع الإسرائلية والأمريكية. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعبها اختارا هذا الطريق منذ أكثر من 40 عاماً وهما لن يتراجعا عن المضي قدما في تقويض المشاريع الإسرائيلية الفاشلة في تحويل دولنا إلى دول فاشلة وغير قادرة على حماية نفسها. أكثر ما يخيف إسرائيل اليوم هو إيران قوية وموحدة أمام مشاريعها. ولذلك نقول لهم: “حتى في أحلامكم لن تسقط هذه الدولة وهذا الشعب العظيم، وأنتم إلى زوال”.
*كاتبة وباحثة عراقية
شاهد أيضاً
الصراع الجاري واهمية التروي في الاستخلاصات والنتائج!
د. بلال اللقيس* تناور الإدارة الأمريكية – الإسرائيلية بين عدة مقاربات في التعاطي مع …