السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / اراء / لا لحرق كتاب الله.. ولهذه الأسباب لا نحبكم!

لا لحرق كتاب الله.. ولهذه الأسباب لا نحبكم!

وجيدة حافي*
جريمة أخرى تُرتكب في حق المُسلمين والعرب الذي إكتفى حُكامهم بالتنديد والشجب، مروا على الأمر وكأنه لا شيء، وتركوا الأمر لشعوبهم التي خرجت وأحرقت العلم السويدي وطالبت بالعقاب وقطع العلاقات وغيرها من المطالب المشروعة التي تبقى حُلما مشروعا صعب التحقق مع حُكام يحسبون للآخر ألف حساب، ويتغاضون على أمور حساسة ومهمة لنا كعرب ومسلمين، فماذا كان سيحدث لو أن مُسلما أحرق التوراة والإنجيل؟ كانت القيامة ستقوم، العنف والتهديدات ستطال المُسلمين في كل العالم، والعُقوبات تُفرض ويستعملها الآخر كذريعة للسيطرة والتحكم فينا أكثر، لكن ولأنهم مُتيقنون من إحترامنا لدينينا ولكل الأديان السماوية الأخرى، فهاهم يستعملون كل الطُرق والأساليب لجرنا إلى ما لا يُحمد عُقباه، والقرآن الكريم كان أحد ألاعيبهم القذرة لجس النبض ومعرفة درجة الغضب والإحتقان عندنا كشُعوب ومُواطنين غيورين على دينهم، لاتهُمنا الإتفاقات والمصالح التي يتغنى بها حُكامنا وولاة أُمورنا، فحرق القرآن الكريم جريمة لا تُغتفر لفاعلها ولكل من دافع عنه وسمح له بالتمادي في فعلته دون عقاب ولا ردع، ولكن لأن الرجل مريض ومُختل عقليا ومُتطرف يميني هدفه لفت الأنظار والشُهرة وغيرها من الأسباب التي درج الإعلام الغربي إستعمالها عند الحديث عن الجهة الفاعلة، فلا داعي أن ننتظر ردة فعل سويدية قوية، فالسويد إكتفت بالتعاطف معنا بعد هذا الحادث المأساوي، وعبرت لنا عن أسفها عما حدث، ونُقطة للسطر.
وهنا نعود لسؤال الصحفي الأمريكي “توماس فريدمان الذي تساءل عن سبب كُره المُسلمين لهم بعد حادثة 11 سبتمبر الشهيرة، ونقول للغرب لماذا تكرهوننا وتُضايقوننا؟ فنحن لا نُريد إلا العيش بسلام وأمن بعيدا عن الحسابات الضيقة والبعيدة، صحيح أن البعض شوه صورة إسلامنا بأفعال لا تُمت بصلة للإسلام، وآخرون تمادوا في تحقير وإهانة المرأة، والتمييز بين مُواطنيهم وعدم إحترامهم، كما يفعل البعض عندكم والمُلقبون بالمُتطرفين والعنصريين، ونحن بهذا نكون سواسية ولا أحد أحسن من الآخر، لأننا في نهاية المطاف بشر نُخطئ ونُصيب، رُبما نحن عالقون في الوحل، لكن هذا لا يعني أننا إرهابيون وجهلة كما ينعتنا البعض منكم، فالديمقراطية التي تُسبحون بها صُبحا وعشية تفرض عليكم إحترام الآخر في كل شيئ، والدين خط أحمر لا يُمكن تجاوزه والتعدي عليه، والقرآن الكريم الذي يعبث به البعض منكم ويستفز من خلاله مشاعر مليار مُسلم، مُقدس ووجب إحترامه وحفظه لا تقطيعه وحرقه كما فعل ويفعل جهلتكم، فهو كتاب الله المُعجز عند المُسلمين، المُعظم والمُنزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فلو عرف “بالودان” دأب النتائج الوخيمة لفعلته الشنيعة عند رب العباد، لما أقدم عليها، لكن كُفره وعدم إيمانه بالدين الإسلامي وبرسالة رسوله مُحمد عليه الصلاة والسلام يمنعانه عن هذا.
فهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها هذا الفعل الشنيع، فقد سبق لنفس الرجل أن قام بنفس الفعل الأرعن سنة 2022 في السويد رغم رفض السُلطات السويدية منحه الترخيص، و2019 في الدانمارك، في الثالث من يوليو 2023 أقدم “لارس ثورون “زعيم حركة النرويج على حرق المصحف الشريف في حي تعيش فيه جالية إسلامية كبيرة بضواحي “أُوسلو” والمُشكل أنه في كل مرة يتم إستفزاز مشاعرنا كمُسلمين لا أحد من وُلاة أُمورنا تحرك تحركا إيجابيا ينم عن شجاعة وتحدي للدُول التي لا تحترم ديننا وتلجأ في كل مرة إلى تجديد خطاب العنصرية وكراهية الأجانب والكراهية الدينية والعرقية في أُوروبا وخارجها، فصراحة موقف حُكامنا العرب كان في غير محله، فلو كانت التنديدات والإدانات فعلت فعلتها لما وصلت القضية الفلسطينية إلى حالة الإنسداد، ولتوقف آل صهيون وحُلفائهم عن مُضايقة أصحاب الأرض وقتلهم، ولما تجرأ “بالودان” وغيره على تكرار العملية، فالمفروض أن ردة الفعل تكون أقوى وتُطبق على أٍرض الواقع لتكون السويد وشعبها درسا ومثالا للمُعتدي والظالم، فلما لا نُطبق العُقوبات الإقتصادية ونحضر المنتوجات التي تأتي من أي دولة تتطاول دينيا علينا بقصد أو دون قصد، ونُوقف التعاون الدبلوماسي معها، لكي يكونوا عبرة لمن لا يُعتبر، فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، والدوس على دين الأخر بإسم الديمقراطية وحرية التعبير غير مقبول ومرفوض نهائيا، فمثلما أصدرت البرلمانات الغربية قوانين تُجرم إنكار المحرقة اليهودية، لما لا تفعل الشيء نفسه مع القرآن الكريم، وتفرض عُقوبات صارمة على مُرتكبي الجُرم، ولماذا يتم تجريم حرق علم المثليين في السويد، ولا يتم مُعاقبة حارق كتاب الله الكريم لملياري مُسلم؟ هذه الأسئلة وغيرها مُوجهة للرؤساء العرب الذين أبانوا عن موقف هزيل وغير مُشرف، مُقارنة بمواطنيهم في الداخل والخارج الذين وقفوا وقفة رجل واحد وخرجوا ليُعبروا عن إشمئزازهم مما حدث، وعدم رضاهم عن الذين إختاروهم يوما ليكونوا صوتهم وصورتهم.
وأخيرا نقول أن الصمت حكمة، لكن صمتكم يا حُكامنا لم يكن حكمة، بل خوف ورهبة، ولي ذراع إستشعرناه، وبهكذا رد سيتم حرق القرآن الكريم مرارا وتكرار في ظل تغول اليمين المُتطرف، وغياب قيادات عربية شُجاعة، وهيمنة أمريكا على أوروبا والحرب الأوكرانية، وستواصل اللوبيات الصهيونية مُحاربتنا ونشر فكرة “الإسلاموفيبيا” والخاسر الوحيد هو نحن في كل أنحاء العالم، فتحركوا وتوحدوا وإتفقوا ولو لمرة واحدة.
*كاتبة جزائرية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …