السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / اراء / مصر: ثلاثية المحاماه.. والعدالة.. وتراجع الدولة

مصر: ثلاثية المحاماه.. والعدالة.. وتراجع الدولة

د. محمد فياض*
في السنوات الأخيرة بدأت تتجلى نتائج ماذهبت إليه الحكومات في القاهرة عبر عشرات السنين. . بوصلتَي السياسة الخارجية والداخلية. . والتي إئتَمَرَت بها من خارج الجغرافيا. راهنت حكوماتنا على الخارج العدو وفق قواعد الإنصياع لاقواعد المصالح. وكان من البديهي أن لاتظهر تلك الأزمات إلا بعد أحيان كثيرة. . فلا انتبَهَت أنظمة الحكم إلى خصوصية الحالة المصرية والتي لا تتشابه مع غيرها عبر التاريخ. . ولا عقدَت تلك الأنظمة النيّة أن تراجع مواقفها وتعود إلى الشعب ليصحح لها البوصلة ويعفيها من المساءلة التي هي ٱتية لا محالة. اذا ما وضعنا في الإعتبار تغيّر الأجيال ووعيها وقدرتها الأقل على الصبر مع نظام يطلبه إلى يوم القيامة. . وكان يفترض هذا أن يذهب النظام وهو يفكر في إدارة الملفات المصرية أن يعتبرها كذلك. . مصرية وبامتياز. . لكن الذهاب بكل الملفات إلى الأجنبي لرهن الحاضر والمستقبل لقاء حفنة من الدولارات والتنكيل الأجنبي بالشعب المصري عبر فرض شروطه والتدخل السافر في أبسط حياة المصريين بمنتوجات البطش الإقتصادي الذي وصلت حرارته إلى درجة الغليان.. وبتسليم نظام الحكم لهذا المسلك.. الإستدانة. . إنما يسلمنا أمام الحائط. . جميعاً. . شعب وحكومة. . وطنيون وخونة. صاحب السلطة وجوقة من النخبة الإقتصادية والسياسية. . ثلة من تجار الأوطان. . ليسوا رجال أعمال.. من يضغطون على الصندوق الدولي ليضع شروطه ضد مصر الحاضر والمستقبل ويقبل نظام الحكم. . ؟ .
لماذا. . ؟؟!
هل تجوع مصر. ؟ . بالقطع لن يحدث. لكن سياسات كثيرة باتت في حاجة إلى مراجعة عميقة والٱن. .
ماحدث في السياسة من تجريف ووأد متعمد بحجة أن قطار التنمية يفرض أن نلتفت عن كل الإصلاحات السياسية. . من يقول هذا جاهل لم يقرأ حرفاً في كتاب المطالعة في إبتدائية بناء الدول.
وماحدث في الإقتصاد_الريعي_ يثبت فشل الذهنية المصرية في التخطيط الاستراتيجي لنهضة دولة. . ومانتج من كوارث في سبل مواجهة الأزمة يعطي أكثر من مدلول على الإصرار على المضي قُدُماً في طريق الإنتحار الإقليمي والوطني ويفتح بلادنا على كل البوابات التي نكره. .
أن يكون مبرر ماوصل إليه حال الشعب العظيم للسنوات العجاف. مع إحترام المتغير أن عددها مرشح للمزيد والمجهول والسبب تلك الخناقة العبقرية التي يديرها القيصر في الفناء الأمامي من بلاده لتربية النظام القطبي واستعادة التعددية القطبية مع صناع الموت والخراب والفيروسات القاتلة للبشرية دون تمييز. . وأن إرجاع أزمتنا التي حلت بنا مرجعها هذه الخناقة في قارة ثانية مع قارة ثالثة. . هناك بعيداً عنا. . مبرر الحكم نرفضه. . إنها سياساته المنحازة بالخطأ والذي جربها سلفه مبارك واخترعها قبله السادات وفشلت . . وتكريس الفشل ليس خطأً . بل خطيئة. ربما يدعي البعض ممن لايقرؤون السياسات أن زمن السادات كان مختلفاً وزمن مبارك كان مختلفاً. . ونقول لهم زمن واحد لأن السياسات والانحياز في مصر واحد عندهم جميعاً. . كل الذي حدث أن التربة المصرية العفية في قواها الفكرية والبنيوية والإجتماعية والمجتمعية والوعيوية. . كانت تتحمل وتقوم ولم تمرض. . وفي زمن ٱخر دبّ المرض وضعفت مكونات المقاومة. . وهاجت السياسات للقضاء على ماتبقى فكان الهدف التعليم والإعلام والثقافة والصحة لنصل إلى حالة متردية لاتملك لا أدوات المقاومة ولا حتى قناعة بحتميتها. . . فوصلتا إلى الٱن منذ ركبت مصر قطار كامب ديفيد. .
لدينا حلول. ؟ . ولكل أزمات بلادنا. . ؟ وبعقولنا المصرية. . ؟ وبنفس إمكانياتنا وقدراتنا الوطنية. . ؟ . الإجابة: نعم. .
وإن بدأنا. . متى نحصد النتائج. . ؟
الإجابة: أقل من عامين. . كيف ؟؟
إن أردنا ذلك وذهبنا إليه بجرأة. .
عديدة هي حزمة أوجاع الشعب المصري العظيم في هذه الأيام.
ومازلنا نتحدث عن ماطفح فوق السطح. .
وهل هناك شيء ما تحت السطح وظهوره يشكل خطراً كبيراً. . ؟
نعم بل ويشكل خطراً داهماً. . لايقدر عليه إلا الله.
لاتموت الدول. . بل تموت الحكومات. . الشعوب لاتموت وقادرة في كل الظروف على دفع فواتير خياراتها. . دعمها ورفضها وتصحيحها. . والشعب المصري عهدناه وتشهد الكرة الأرضية كلها طويل الصبر. . لكنه يقدر ولاينسى. ويشهد التاريخ أن هذا الشعب لا يحترم حكومات حنثت بالقسم معه. . بل يحترم ويقدس أرضه. . يفكر كثيراً كيف يحافظ على أرضه ويقتص حقوقه. .
والدولة التي قررت الإنسحاب من كل شيء دون أن تستشير صاحب الحق. مالك السلطة. هي دولة يجب مراجعتها ودليلي الدستوري أن الشعب وقد أعطى نظام الحكم في أي بلد في العالم تفويضاً لإدارة شؤونه إنما ليس تفويضاً مطلقاً لا في الزمن ولا في التصرفات. . وأي حكومة تبيع أملاك شعبها وهي مفوضة لإدارتها لصالحه. . أو ترهن قراره السيادي لدى الأجنبي تغطية على فشلها في الإدارة. . هي محض حكومة مؤامرة. . ولايحيق المكر السيء إلا بأهله. .
فلتتخارج الدولة من كل شيء. ولتسلم قوت المصريين وعلاجهم وتعليمهم ومقدراتهم للأجنبي ورديفه في مصر الذين نسميهم مجازاً رجال أعمال.
تخارجو من كل شيء. . وليس إلا مشوار طويل سيطال المؤسسات. . السلطات. . سيطال قدس الاقداس في بلادي. وهاهي الحكومة تنصاع لروشتة الصندوق وتقرر نزولاً على رغبة رجال المال وتطرح شركات إقتصاد القوات المسلحة في البورصة. . ووضع كل العائد للنشاط الاقتصادي الخاص لدى وزارة المالية لنكشف عن كل شيء ونُستباح. . والقادم في تقديري وإن كان إلى الأسوأ لكنني لست بهذا التشاؤم رغم سوداوية القراءة للمشهد. . فالقادم لن يمر. .
فلتتراجع الدولة ولتمارس الحكومة تقزيم الوطن واختصار الشعب المصري في ثلة من المنتفعين بالبقرة الحلوب. . ثم ربما يعتقد القاريء أننا ذهبنا بعيداً عن العنوان. . لم نذهب فقضيتنا في مصر واحدة. . و يتبدى في قلب المشاهدة تلك الهجمة الشرسة الممنهجة ضد المحامين
والسؤال:. هو الأمر في حقيقته. . لماذا المحامي ؟ . الإجابة لاتخرج عن كون المستهدف هي المحاماه. . ولماذا أيضاً ؟ . . وهل يملك حُكمٌ رشيد مجرد التفكير في خصم مهنة المحاماه من لزوم تحقيق العدل. . ؟ وهل تمكنت الحكومة من القضاء على العدالة وتفرغ الجهابزة الذين يكرهون مصر للتصويب على. . العدل. . ؟؟!وحتى يمكننا الإنصاف ونحن نُسَطّر هذه الكتابة إن في بلادي كل شيءٍ يسلمنا لكل شيء. . وكل الأشياء ارتبطت ارتباط العلة بالمعلول والسبب بالنتيجة بأدوات الخارج. . ورقة النقد. . روشتة بنك النقد . . خبراء الصندوق. . إشاداتهم وتعليماتهم. . زياراتهم التفتيشية على المسلك الإقتصادي المصري.
حتى عندما ترغب حكوماتنا أن تحتفل لاتحتفل بواحدة من الأعياد القومية أو حتى الوطنية. . بل تقيم الافراح والليالي الملاح لأن الإشادات الدولية بنمو الإقتصاد الوطني وتحسن أداء الدولة قد استخدمت فيه المنظمات ذات الصلة عبارات يلوكها إعلام المعمورة لمئات الساعات من هواء الفضائيات. . وثلة من المحسوبين على التحليل الإستراتيجي يملؤون الدنيا صَخَباً. . وتبريكات لشعب مصر. .
يحدث هذا دون ثمة خجل أو حتى خشية على الدماء واحتراماً مفترضاً كنا نظنه في ذواتهم. . وبعض الظن إثم عظيم.
وفي خضم الفرح يسقط المصريون تحت عجلات الفقر والعوز. . يكابد المصريون للبقاء على قيد الحياة.
ويحتاجون أكثر من أي وقت مضى لمحامين يدافعون عن هذه الأمة. يكنسون وعبر ساحات القضاء حزم التشريعات التي تصدر بليل منها ما يتجاوز السلطات الواردة نصوص الدستور وتمزق الجسد المصري وتوزعه على القبائل. . أي قبائل. . ولايعرف الحكم أقداس. . بل كل شيء يقبل التسعير والبيع.
وهنا يتم الهجوم على المحاماه. ويستخدم الحكم أدواته للزج بالمحامين في زنازين البطش والتنكيل القانوني. . ويقيني أن الجميع يدرك اللعبة. . ويعي أن المحامي هو أحد أهم أضلاع العدل. . وأن القضاء الجالس وسلطة التحقيق معاً ودون المحامي تتوقف السلطة القضائية في عملها عند العتبات الفاصلة بين غرفة المداولة وبين منصة القاعة. . ويخرس الحاجب فلاهو يقدر على إعلاء صوته: محكمة. . .
ولم تأتِ ساعة بدء الجلسات. .
إذن كيف والأمر بالأهمية هذه يدفع الحكم المنظومة إلى الزاوية. . ؟!!
هل لدى الحكم بدائل. . وهل لم يعد لدينا حاجة لإقامة العدل عبر سلطة قضائية حقيقية. . ؟!
الواقع المؤلم أن الدولة ماضية في إستخدام البرلمان لأقصى جهد ممكن. . لاستصدار حزمة من التشريعات يرى الحكم ضرورتها ودون صداع من رجال القانون أو حتى من لقاءات السياسة.
وتبقى مظاهر الدولة متجلية في ثلاثية إهانة المحاماه بالاعتداء على المحامي بداية من إعتباره تاجراً وأعمال المحاماه سلعة. مروراً بحبس المحامين والحط من قدرهم دون أدنى وعي بخطورة ذلك على الناتج المجتمعي وسلب الشعب أداة التقاضي وافتراض الإستقرار الجمعي باللجوء لتحكيم القانون. . ودفعهم إلى اقتضاء الحقوق بطرائق نرجوها ألا تجد مناخاً في بلادنا. . وفي مناخات تعج بانعكاسات السلبية المفرطة والكدر العام لناتج سياسات الحكم في كافة المناحي الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وتعجيل تخارج الدولة وتسريع البيع بأبخس الأثمان لغير المصريين ولعدم قدرة الشعب على الشراء والحكم يتصرف في الأصول المملوكة لشعب مصر ودون إذن من صاحب الملكية.
وما الإعتداء على المحاماه من الحكم بالفاتورة السلعية للمهنة المقدسة. . وفتح الشِبَاك لإدخال المحامي بعد الٱخر في السجون ودونما حياد مفترَض وتحقيقات تنتصر بالتطبيق لماهية القاعدة القانونية. إلا خطوة على الطريق الذي لايتقاطع أبداً ولو بالمصادفة مع أبجديات الذهاب إلى دولةٍ للمستقبل.
وهل القادم أسوَد ؟؟
الإجابة: لا… إن الشعوب لاتعرف تلك الإجابات الكابوسية المدمرة.. فالشعب هو السيد ويقرر السيد متى يضع الجميع في المربع اللائق.
*كاتب مصري

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …