السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / أخبار / اليمن على مفترق طرق!

اليمن على مفترق طرق!

اليمن على مفترق طرق!
▪ فيصل مكرم*
▪ما لم يجلس المُتصارعون اليمنيون على طاولة مُفاوضات جدية وبدون شروط مُسبقة باستثناء مصالح وطنهم وشعبهم، فإن اليمن سيبقى على حاله مُدمرًا ومُهمشًا ومُتخلفًا وغير مُستقر، وسيظل الشعب اليمني هو الذي يدفع ثمن حروب جرى خوضها باسمه وصراعات وأزمات متوالية -يقال إنها في مصلحته وتُعبّر عن إرادته- في حين واقع اليمن اليوم لا علاقة له بكل ما يتعارض ومصالح شعبه وتطلعات أبنائه نحو حياة كريمة ووطن آمن ومُستقر، فالبلد عمليًا مُقسم جغرافيًا وعسكريًا وسياسيًا بين القوى والنخب المُتصارعة التي تتحكم في واقعه المأساوي وتُمارس كل أشكال الفظاظة والتشدد في التعاطي مع كل الجهود الإقليمية والدولية والأممية لفض الاشتباك فيما بينها وجمعها على طاولة التفاوض حول خريطة طريق واضحة ومُحددة المعالم للخروج باليمن من شرنقة أزماته المُستدامة وإحلال السلام في ربوعه واحترام حقوق شعبه المشروعة في العدالة والمساواة وإعادة دولته بمؤسساتها الدستورية التي باتت منذ نحو عقد من الصراع والحرب شبه مفقودة وربما مفقودة تمامًا.
▪يتساءل اليمنيون وعلى مختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والعقائدية والقبلية والمناطقية عن المكاسب التي يمكن أن يجنيها اليمن من اتفاق الصين بين السعودية وإيران على عودة العلاقات الثنائية بينهما، وحين يطرح اليمنيون هذا السؤال فهو تأكيد على أن الشعب اليمني فَقَدَ الثقة في نخبه والقوى التي تبحث عن مصالحها وأهوائها وأحقادها، ما يعني بأن الشعب اليمني يضع آمالًا على الخارج في حل معضلات بلده، ويعتقد بأن تلك الحلول تأتي عبر توافقات وتفاهمات إقليمية وليست بيد أطراف الأزمة من القوى اليمنية، كونها هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه من دمار ومآسٍ كارثية، وهنا تكمن المعضلة الكبرى، حيث أسهمت تراكمات ومسارات أزمات اليمن في تكريس هذا الانطباع في الذهنية الجمعية بين اليمنيين بأن مُستقبل بلدهم مرهون بما سيؤول إليه الاتفاق بين الرياض وإيران، وهذا التفكير لا شك بأنه يفتقد الإدراك الحقيقي لطبيعة العلاقات بين الدول وأولويات مصالحها الاقتصادية والأمنية وسباق النفوذ في المنطقة والإقليم والعالم وفي ظروف مُعقدة من التوترات الدولية العابرة للحدود والقارات، وأن مجرد التفكير في أن ملف الصراع في اليمن هو المُتحكم في المُتغيرات الإقليمية وفي علاقات دوله على المدى المنظور أو البعيد ينافي المنطق، ذلك أن اتفاق الصين بين الرياض وطهران يمكن الرهان عليه كعامل مُساعد ومُحفز لإنهاء الصراع وإحلال السلام في اليمن، ولكن لا يجوز أن يتم الرهان عليه بصورة مُطلقة، وبالتالي تأتي مسؤولية أطراف الصراع في الاستفادة من المُتغيرات الإقليمية في التعجيل بمفاوضات يمنية-يمنية برعاية أممية وإقليمية لإنهاء الصراع وإعادة السلام والاستقرار إلى وطنهم
▪الحرب هي أكبر كارثة قد يتعرض لها أي بلد، فمع اندلاع الاشتباكات تتوقف عجلة التنمية عن الدوران، ويفقد الناس ملاذاتهم الآمنة، ويصبح البلد مُهددًا بالانهيار وفقدان السيادة واتساع دائرة المُعاناة والمآسي الإنسانية، وكلما تصاعدت وتيرتها تصبح حروبًا بالوكالة، وحينها يصبح الشعب والوطن هما الخاسرين الوحيدين، ولعل الشعب اليمني يستحق حياة كريمة ووطنًا آمنًا، ودولة ترعى مصالحه وعدالة يحميها الدستور والقانون، فاليمن غني بموارده في بحره وبره، وثري بتراثه وحضارته، ويمتلك من الثروات ما يجعل منه بلدًا مُزدهرًا وشعبه مُنتجًا وليس مُتسولًا يقتات على مُساعدات الآخرين، وعلى القوى والنخب المُتصارعة أن تُقدم تنازلات مُتبادلة وتُقدم مصالح وطنها على كل مصالح تُحققها من الحرب أو اللاحرب واللاسلام، وما يحدث من مُقاربات بين دول الإقليم سيلقي بظلاله على ملف الصراع في اليمن لأن عودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد سيكون لها أولويات في تلك المُقاربات ومن غير المُستبعد أن يصبحَ اليمن ضمن منظومة الإقليم الاقتصادية والسياسية ولاعبًا مُهمًا في استقرار وأمن اليمن، وهذا يتحقق بيد اليمنيين أنفسهم خاصة أن الحرب أرهقت أطرافها، ولا بد أن ينتقل اليمنيون بوطنهم إلى مرحلة جديدة من الشراكة في الثروة والسلطة وتعود عجلة التنمية إلى الدوران من جديد، رغم صعوبة الأمر على المُستفيدين من الحرب واللاسلام إلا أن الشعب اليمني لن يترك مصيره ومُستقبل أجياله وسيادة وطنه بيد من يُجيدون إشعال الحروب وإثارة الفتن ويُتقنون ألعاب الدمار، ثم يتكسبون من مُعاناته وآلامه، ولعل سؤال اليمنيين عن الفوائد التي يمكن أن تعود بالنفع على اليمن من اتفاق الصين بين الرياض وطهران يعكس عدم ثقتهم بالمُتصارعين، ومن يفرضون عليه واقعًا يرفضونه ولم يعودوا يحتملون بقاءه جاثمًا على رئتي وطنهم ويخونهم كل يوم، وعلى كل قوى الصراع في اليمن أن يوقنوا بأن الشعوب التي تخشى الموت تموت ألف مرة، أما اليمنيون فليسوا كذلك ولم يكونوا عبر تاريخهم.

*نقلا عن جريدة الراية

fmukaram@gmail.com
@fmukaram تويتر

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …