الأحد , سبتمبر 8 2024
الرئيسية / اراء / يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

 

د. أماني سعد ياسين*
ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم!
نعم، ما شعرتُ بالأمل يوماً كهذا اليوم وأنا أشاهد الآلاف من الطلبة يعتصمون ويتظاهرون ويندّدون بالجرائم الصهيونية الإرهابية بحق الشعب الفلسطيني ضد حكومتهم حكومة البيت الأبيض الراعية والممولة لهذا الإرهاب الوحشي الذي لم نشهد له مثيلاً في القرن الواحد والعشرين!
نعم، ما شعرتُ بالأمل يوماً كهذا اليوم وأنا أشاهد طالبةً شابّةً أمريكية وهي توبّخ رئيسة جامعتها جامعة كولومبيا الشهيرة المصرية الأصل (!!) لاستدعائها قوّات الشرطة الأمريكية لفضّ اعتصام الطلبة المسالمين الذين اعتصموا فقط وفقط لأجل وقف المجازر الوحشية ضد أطفال غزة وطالبوا بوقف التمويل والدعم للكيان الصهيوني القاتل للأطفال والخارج عن القانون والمتحدّي لكلّ الشرائع الدينية والإنسانية!
ما شعرت بالأمل كهذا اليوم وأنا أشاهد شرارة هذه التجمعات الطلابية وهي تنتقل من بلد إلى بلد في إشارة إلى تغيُّر وتبدّل في بوصلة الوعي العالمي والحس العالمي وخصوصاً الشبابي بقضية فلسطين هذه القضية التي لم تكن أبداً وليدة اليوم بل هي قضية شعبٍ اغتُصبت أرضه وقُتل وشُرّد ونُكّل فيه منذ أكثر من خمس وسبعين عاماً!
ولئن اغتُصبت فلسطين من أهلها وقُتل وشُرّد سكانها إلى الدول المجاورة بفعل الإرهاب والابادة والمجازر الصهيونية الوحشية في العام 1948 فإنّ ذلك كلّه كان بعيداً عن أعين الشهود في كل أنحاء العالم وحتى في عالمنا العربي والإسلامي بحيث لم تكن هناك كاميرات ووسائل تواصل اجتماعي لتنقل وتوثّق لنا فظاعة تلك المجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في دير ياسين وحيفا ويافا وعلى امتداد أرض فلسطين المحتلّة. فلم تكن هناك تسجيلات وفيديوهات تنقل الإبادات الجماعية للفلسطينيين واحتلال منازلهم فيما بعد وخطف أطفال الفلسطينيين لكي يربيهم المحتلون الصهاينة على أنهم منهم بل ليقوموا بتجنيدهم فيما بعد ليقاتلوا أهلهم وأبناء جلدتهم وهم أبناء أصحاب الأرض! ما كانت لتشهد تلك البلاد البعيدة مجازر هؤلاء الوحوش القتلة ولا كانت لترفّ أعينهم وهم يشاهدون في ذلك الوقت تلك المجازر الدموية بحق أناسٍ جُلّ ذنبهم أنهم سكّانُ بلدٍ كان آمناً حتّى طمعت فيه أعين الطامعين المحتلين لأن تلك الجرائم جرت كلّها من دون توثيق ولا كاميرات ولا وسائل تنقلها. لم يشهد العالم كواليس تلك المؤامرة الصهيونية الكبرى وكيف وعد المستعمر حينها وبشخطة قلم أو بضغطة زر كما يُقال بأن تلك الأرض ستكون للصهاينة المحتلين أما شعب تلك الأرض المسكين فلم يقف ذلك المستعمر المتكبر لحظةً واحدةً ليفكر الى أين سيذهب وكيف سيترك سكّأن تلك الأرض أرضهم وأموالهم وكل ما لهم بل لم يقف ذلك المستعمر لحظة واحدة ليفكر كيف يمكن أن يسرق بلداً كاملاً من أهله. لقد أتى الامر من المستعمر ليُقتل شعب تلك الأرض وليُهجّر وليُذبح وتُنتهك أعراضه لا يهم بل ليذهب أصحابُ الأرض تلك إلى الجحيم! تلك حضارتهم وتلك كانت فكرتهم حينذاك وأعدّوا لها كلَّ عدّة واستنفروا لها كل وسيلة شيطانية وجُيّشت الجيوش والأساطيل وجمعوا لها ما استطاعوا من الأموال والعتاد وجمعوا جمعَهم المشؤوم من كل بقاع الأرض ليحتلوا أرض فلسطين ويستوطنوا أطهر بقعة أرض تلك الأرض التي شهدت ولادة المسيح وعروج رسول الله محمّد صلوات الله عليهما.
فما كان ممن أتى إلى تلك الأرض كلاجئين هاربين إلّا أن قاموا باحتلال الأرض بعدما ارتكبوا المجازر وقتلوا مئات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ وحرقوا الممتلكات وارتكبوا أشنع الجرائم وشرّدوا الملايين من سكان فلسطين ليحتلوا بلداً ليس ببلدهم وليستوطنوا أرضاً ليست بأرضهم وليسكنوا بيوتاً ليست لهم في أكبر سرقةٍ شهدها التاريخ. ولو كان الناس اليوم يقفون متعجّبين ويتظاهرون مستنكرين ويرفعون الصوت مندّدين كما في هذه التجمعات الطلابية الكبيرة التي اكتسحت الجامعات الأميركية والاوروبية كما اكتسحت شوارع كبريات الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكذلك في كل العالم فلأن هذا هو رد الفعل الطبيعي جداً. فمن الطبيعي أن يرفض الناس قتل وذبح الأطفال والنساء ومن الطبيعي أن يندّد الناس وأي بشري بالجرائم الوحشية وقتل الأبرياء في غزة كما في كل فلسطين بل الأكثر من طبيعي أن يدين هؤلاء ويرفضوا الجرائم الوحشية للمستوطنين الصهاينة الذين ما زالوا يرتكبون المجازر بحق الفلسطينيين ويسرقون أراضي الفلسطينيين في الضفة والقدس ونابلس وحيفا ويحتلون منازلهم ويدمرون مساجدهم وكنائسهم وكل أثرٍ لهم في هذه الأرض. هذا هو الطبيعي في ظل انفتاح العالم بحيث أصبح كقريةٍ صغيرة حيث يشهد كل إنسان في كل المعمورة على مجازر هؤلاء القتلة المجرمين يومياَ فيشاهدون أشلاء الأطفال الفلسطينيين المقطّعة ويرون آثار العربدة والإجرام الصهيوني بحقّ كل من يتنفس في قطاع غزة. فجأةً ظهر للعالم أجمع كيف أن الفلسطيني مستباحة أرضه وروحه وكل ماله وأولاده وووو.
هذا هو الطبيعي أما ما هو غير طبيعي فهو أن يسكت كثير من الناس هنا وهناك على جرائم هذا الكيان القاتل للأطفال بعدما انتشرت في العالم أجمع صور وحشيته وبربريته وبعدما رأى الجميع أشلاء الأطفال المقطعة وجثث المدنيين المرمية على الأرض هنا وهناك على أرض غزة هذا غير المدافن الجماعية التي كُشفت وكل ذلك إنما يشير الى إبادة جماعية مكتملة الأوصاف والشروط. هذه الجرائم والانتهاكات هي فعل هذا الكيان المجرم المدعوم أمريكياً ولو طُبّق القانون الدولي فعلياً فإنّ من يدعم القاتل قاتل ومن يسلّحه ويموّله هو شريك أساس في القتل والاجرام وفي كل الانتهاكات التي ارتُكبت على أرض فلسطين. ولكن نرى اليوم وبعد هذا الكم من المجازر الدموية والقتل الجماعي نرى أنّ ما يحصل اليوم هو حالة ترقب وانتظار من العالم الذي يستنكر من ناحية المجازر الوحشية للصهاينة فيما هو من ناحية أخرى يعطي مزيداً من الوقت لآلة القتل الصهيونية وهو ينتظر ما ستؤول اليه الأمور في هذه الحرب فإن انتصر الصهاينة المعتدين سكت الجميع واستتب الامر وهدأت الامور وانتقل الجميع الى المرحلة التالية وهي التي لا ينفك يتحدث عنها المعتدي الاسرائيلي منذ اليوم الأول للحرب وهي “اليوم التالي للحرب”. أما في حال عدم تحقّق ما يصبو له العدو الاسرائيلي من نصر مطلق لا زال يتحدث به في كل آنٍ وحين فحينها تذهب الأمور الى تسوية ما وذلك بحسب موازين القوى وهو ما فتئ يهرب منه الاسرائيلي وهو يحاول أن يقنع أصدقاءه في الغرب أنه بمقدوره أن يخمد ثورة شعبٍ اشتعلت في السابع من اكتوبر من جمرٍ طالما كان مشتعلاً تحت الرماد! ولكن هيهات ! ها قد مرت اشهرٌ ثمانية منذ بدء هذه الحرب الوحشية لم يترك فيها الصهيوني المحتل وسيلةً اجراميةً الا استعملها ولكنه لم يستطع ان يُركع شعباً مستضعفاً كلّ ذنبه أنه يطالب بحقه المشروع في أرضه أرض فلسطين! هي حرب حقٍّ وباطل لا يمكن لها أن تنطفئ اليوم طالما هناك طفل فلسطيني يطالب بحقّه ولهذا فإنّ هؤلاء لا يخجلون من أن يسمّوا الاشياء بأسمائها وهم يعرفون ويقولون أن هذا الطفل الفلسطيني هو مشروع مجاهد فلسطيني مطالب بحقه وأرضه!
ما يبعث الأمل اليوم هو ليس فقط الفلسطيني العارف بحقه المجاهد في سبيل تحرير أرضه وهو حقٌّ مشروع لكل من احتُلّت أرضه شاء من شاء ذلك وأبى من أبى بل إنّ ما يبعث الأمل اليوم هو نور هذه الحقيقة الذي توهّج وسطع في العالم أجمع فانبعث نوراً ساطعاً في قلوب طلبةٍ وشبابٍ ونساءٍ وشيوخ على امتداد العالم أجمع! هذه النور المضئ والحقيقة الساطعة والمعرفة هي التي ستضئ الطريق لمستقبلٍ أفضل للمنطقة كلّها ولما بعد بعد هذه المنطقة. إنّ ما سعى إليه هؤلاء المجرمون من طمسٍ للحقيقة ودفن لكل أثرٍ فلسطيني في أرض فلسطين تبدّد في ثوانٍ معدودات مع انطلاق شرارة ثورة هذا الشعب الذي ظُلم واضطهد ونُكّل به على مدى سنواتٍ طوال منذ العام 1948 ! لقد ظهر للعالم اليوم حقيقة الوجود الاستيطاني البغيض لهؤلاء المحتلين على امتداد أرض فلسطين وما عاد بامكان هذا الكيان إخفاء بشاعة وجهه الذي طالما حاول اخفاءه تحت قناعٍ مزيّف على أنه الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فإذا بحقيقة هذا الاحتلال الاجرامية الوحشية البغيضة تظهر للعالم أجمع بأبشع صورها. لقد ظهر وجهه الحقيقي بشكلٍ لم يعد يمكن ترميمه وخصوصاً مع وجود مواقع تواصل لم تكن موجودة سابقاً وهذا هو اليوم التحدّي الأكبر للاحتلال، فإن كسب الحرب كيف يرمّم وجهه البغيض وإن لم يكسب فالمشكلة أكبر وأعظم وفي انتظار ذلك يجب على كل انسانٍ انسان في هذا الكون أن يحمل في قلبه وبيديه صور أطفال فلسطين وأن يحمل رسالتهم ودماءهم على الأكفّ في كل موطنٍ وموقفٍ وُجِد فيه علّ الحقّ يعود يوماً، أليس الصبح بقريب ؟!!
*كاتبة لبنانية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نتنياهو كذّاب وفاشي بامتياز!

د. جاسم يونس الحريري* في28 نوفمبر2011 وبسبب خطأ فني في تقنية الاتصالات كشف عن فحوى …