الخميس , مارس 28 2024
الرئيسية / اراء / أهمية الوثائق العبرية عن جرائم الحرب الصهيونية المفتوحة في فلسطين!

أهمية الوثائق العبرية عن جرائم الحرب الصهيونية المفتوحة في فلسطين!

نواف الزرو*
في الجوهر وفي الصميم، نحن أمام أكثر خمسة وسبعين عاما من سياسات التطهير العرقي وجرائم الحرب الصهيونية المفتوحة في فلسطين، ولم يحرك العالم ساكنا، و”لم يظهر العين الحمرا كما يظهرها في أماكن أخرى، “ولم تتحرك الجنائية الدولية أبدا، فأين إذن الجنائية الدولية عن محاسبة مجرمي الحرب الصهاينة…؟!
في سياق الإرهاب الصهيوني، قليلة جدا هي التقارير الدولية التي تتجرأ على رفع الصوت باتهام “إسرائيل” باقتراف جرائم حرب ضد الفلسطينيين، واتهامها بالقيام بالتدمير المنهجي للمجتمع الحضاري الفلسطيني، ومن هذه التقارير، هو ذلك التقرير الذي أعدته منظمة “أصدقاء الإنسان” الدولية ومقرها جنيف واتهم “إسرائيل باستباحة المؤسسات الأهلية المدنية في القطاع لا سيما المؤسسات التعليمية ورياض الأطفال”، وتضمن التقرير التوثيقي حول الانتهاكات التي اقترفتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في حربها الأخيرة على قطاع غزة، والكشف عن “قيام إسرائيل بتدمير 182 مؤسسة أهلية تعمل على خدمة المواطنين في القطاع”، وحمل التقرير عنوان “تدمير المجتمع المدني منهجيا”، وقال: “إنه خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي طال الكثير من السكان المدنيين والمواقع المدنية الفلسطينية، عمدت قوات الاحتلال إلى قصف العشرات من المنظمات والجمعيات الأهلية الفلسطينية بصواريخ وقنابل ثقيلة، كما لجأت إلى اقتحام بعضها ما أدى إلى تدميرها بشكل كلي أو جزئي في معظم الحالات أو إلى مصادرة وتخريب محتوياتها. وبين التقرير أن أكثر الجمعيات الأهلية تضررا من ناحية العدد، كانت رياض الأطفال وعددها، 72 ثم النوادي الرياضية وعددها 32″، وإلى جانب ذلك، دمرت67 مدرسة بشكل عام، منها 36 تتبع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وقد تم قصف بعض المدارس وهي تعج بالأطفال والفارين من القصف، ما أدى إلى مقتل 45 فلسطينيا في مدرسة الفاخورة وحدها، شمالي قطاع غزة، بتاريخ السادس من يناير الماضي.
ونتساءل هنا: ألا تشكل هذه الوثيقة الدولية لوحدها “لائحة اتهام صريحة ضد دولة الاحتلال تستدعي محاكمتها، ذلك على افتراض أن هناك عدالة دولية..؟!”.
ولكن – إلى ذلك، نتابع بعضا من الوثائق والشهادات الأخرى المتعلقة بالتدمير المنهجي للمجتمع الفلسطيني والتي كنا اشرنا إليها مرارا في دراسات سابقة ونستحضرها هنا ثانية للتذكير دائما:
ففي سياق نهج التدمير الشامل لفلسطين أيضا كان الدكتور وليد مصطفى وهو باحث متابع متخصص، قد أكد من جهته في دراسته التي نشرت بعنوان “التدمير الجماعي للقرى الفلسطينية”: “أن 62.6% من مجموع القرى الفلسطينية التي كانت موجودة في فلسطين قد هدمت على أيدي السلطات الصهيونية، وإذا أخذ بعين الاعتبار أن بعض أقضية فلسطين لم تقع بأكملها تحت سيطرة العدو عام 1948، نجد أن الـ 468 قرية التي هدمت قبل 1967، قد شكلت 78.4% من مجموع القرى الفلسطينية الـ 598 التي خضعت للسيطرة الصهيونية في ذلك العام”، وجاء في جداول الدراسة الموثقة “أن عدد المواقع الفلسطينية التي كانت قائمة في فلسطين حسب التقسيم الإداري لعام 1931، بلغ 755 موقعاً، هدم منها خلال عام 48 (472) موقعاً، وقد بلغ عدد بيوتها آنذاك 52812 بيتاً، وبلغ عدد سكانها حسب إحصاء 338428.1945 نسمة”.
جاء في تقرير للكاتب الإسرائيلي “تسفرير رينات” نشر في هآرتس بعنوان: “أين اختفت القرى العربية؟”.
“إن المؤرخين الناقدين للحركة الصهيونية بصورة خاصة، مثل الدكتور ايلان بابيه، يقولون أن اختفاء القرى الفلسطينية من مواقعها هو جزء من سياسة منهجية مبرمجة لطمس وجودها من أجل بلورة تاريخ جديد يتلاءم مع الرواية الصهيونية التي تدعي أن البلاد كانت فارغة وأنها تحولت إلى أرض خضراء مزدهرة بسبب نشاطات الكيرن كييمت وأمثالها”، ويقول الدكتور ايلان في البحث: أن تاريخ فلسطين يُنقل إلى عهد التلمود القديم”.
وجاء في دراسة أخرى أجرتها في السنوات الأخيرة ناغا كيدمون (في إطار دراسات السلام والتطوير بتكليف من جامعة غوتبرغ في السويد وبتوجيه البروفيسور أورن يفتحال من جامعة بن غوريون) وجدت “أن أحراش الكيرن كييمت التي تشمل (86) قرية فلسطينية، وتطلق عليها بأنها “مغربية”، وفي أغلبية المواقع توجد لافتات إرشادية، إلا أن 15 في المائة فقط تتطرق إلى القرية العربية في الموقع، وأغلبية النصوص في الكراسات والصحف والإعلانات لا تتطرق لاسم القرى الفلسطينية إطلاقا، ولا تتطرق إلى كونها عربية”.
وفي هذا السياق على نحو حصري كشفت صحيفة “هآرتس العبرية النقاب عن “حملة مبيتة لتفجير المساجد”، حيث أشار مراسل الصحيفة وهو ميرون رفافورت إلى “أن إسرائيل هدمت ما لا يقل عن 120 مسجدا في القرى الفلسطينية التي احتلتها العام 1948، اضافة الى بعض الكنائس المسيحية، بل إنها هدمت خلال الحملة عدة كنس (أماكن العبادة اليهودية)”، ويوضح “بأن هذا الهدم الذي تم في كثير من الأحيان بعمليات تفجير بالديناميت كان غرضه القضاء على أي أثر عربي في البلاد والعمل بأكبر قدر ممكن للحفاظ فقط على ما تبقى من آثار يهودية فيها ومحو أي أثر عربي فيها، وكأن الإسرائيليون يريدون أن يقولوا أن هذه البلاد لليهود فقط، ولم يكن فيها أي أثر عربي”.
ويضيف رفافورت في تقريره الموسع المقتبس من كتاب صدر مؤخرا في لندن لباحث إسرائيلي في علم الآثار يدعى راز كلتر، قوله أنه “لم يفاجأ بما فعله الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في ذلك الوقت من ترحيل وتدمير، لأنه “لو كان العرب هم الذين انتصروا، لما فعلوا غير ذلك”.
ويقتبس رفافورت من كتاب كلتر: “إن ما حدث تدمير جذري لمدن وقرى، وتدمير لحضارة كاملة، بحاضرها وبماضيها، ومن معالم للحياة خلال 3000 سنة، وحتى الكنس الباقية في الأحياء العربية التي هدمت، فسيفساء وقلاعا، ولولا بعض الناس المجانين في هذا الموضوع أمثال ييفين وغيره لكانوا مسحوا كل شيء على وجه الأرض”، ويؤكد “بأن الهدم كان يهدف إلى القضاء على بقايا الوجود العربي الذي أزعج القادة الإسرائيليين”.
وهكذا إذن: تظهر الوثائق المفرج عنها من أرشيف الجيش الإسرائيلي: “أن الجيش الإسرائيلي عمل منذ قيام الدولة العبرية في العام 1948 على إزالة آثار قرى وبلدات عربية تم تهجير سكانها ومحوها من الوجود وتنفيذ حملات غايتها تفجير مساجد وأضرحة أولياء بأوامر صادرة عن قائد الجبهة الجنوبية في حينه موشيه ديّان، الذي حول حسب المؤرخ الإسرائيلي: فلسطين إلى صحراء مدمرة لطمس الحضارة العربية التي كانت قائمة وإقامة إسرائيل عليها”.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك جملة لا حصر لها من الوثائق الإسرائيلية والفلسطينية والبريطانية، فإنه يمكن التأكيد أن سياسة التهديم الشامل للمدن والقرى الفلسطينية، وسياسة الترحيل الشامل للشعب الفلسطيني اعتبرت ركيزة أساسية من ركائز الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل.
كما اعتبرت هذه السياسة من أشد الأسرار صونا في الحياة الإسرائيلية كما يؤكد البروفسور الإسرائيلي “إسرائيل شاحاك” قائلاً: “قبل العام 1948وضمن نطاق الأراضي المقامة عليها دولة إسرائيل، تعد المسألة من أشد الأسرار صونا في الحياة الإسرائيلية، فلا توجد نشرة أو كتاب أو كراس يتحدث عن عددها أو مواقعها، وهذا أمر مقصود، وذلك من أجل أن تكون الأسطورة الرسمية المقبولة عن بلاد فارغة، قابلة للتعميم في المدارس الإسرائيلية، ولروايتها للزوار والسياح”.
ولذلك نقول ربما تكون الوثائق العبرية/الصهيونية المتعلقة بالنكبة ومشهد التطهير العرقي والتدمير الشامل لفلسطين على أيدي التنظيمات والدولة الصهيونية، التي يكشف عنها تباعا على مراحل زمنية متباعدة، من أهم الوثائق التي من شأنها إدانة جنرالات تلك التنظيمات والدولة الصهيونية باقتراف جرائم حرب مع سبق التبييت والتخطيط، بل وتجلبهم إلى الجنايات الدولية لو جد جد العالم.
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ماذا جنينا من السلام مع إسرائيل؟!

المهندس. سليم البطاينة! ذات يوم سُئل الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) عن اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية …