بقلم/العميد / عبدالله الحكيم#
تم أعلان يوم السجين من قبل المجلس السياسي الأعلى بقرار جمهوري أصدره الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام الله عليه في العام ٢٠١٦م.. بهدف توجيه الجهات المختصة بالدولة ومسؤوليها ومؤسسات المجتمع المدني ورجال المال والأعمال وكذلك المنظمات الدولية والوطنية بالأهتمام بالسجون والنهوض بأوضاعها ومعالجة وتحسين أحوال نزلائها…الخ.
_وبالرغم من مرور أربعة أعوام منذ تخصيص يوم الثامن من رمضان يوما للسجين اليمني ومن خلال الإحتفالات المتعاقبة بهذا اليوم في السنوات الأربع الماضية الذي كان يحضرها كبار مسؤولي الدولة وفي مقدمتهم رئيس الحكومة والوزراء وقيادات الجهات ذات العلاقة وعدد من المنظمات الدولية والأهلية وعدد من الوجهاء من الشخصيات الإجتماعية ورجال المال والأعمال وبالرغم من الخطابات الرنانة التي ألقيت خلال هذه الإحتفالات ومارافقها من تقديم خطط وبرامج تحوي في طياتها الحلول العاجلة والمزمنة لحل أوضاع السجون ومعالجة أوضاع نزلائها من جميع الجوانب .. حينها أذكر أن الجميع ألتزم بالقيام بواجبه الديني والوطني تجاه هذه الشريحة الضعيفة المغلوبه على آمرها في الحصول على آدنى حقوقها وسمعت الكثير من الوعود بالتبرع من أكثر من شخصية حكومية وإجتماعية وعلى أثر كل تلك الإحتفالات والتجمعات وضعت الكثير من التوصيات والمعالجات والحلول وشكلت العديد من اللجان التنظيمية والتنفيذية والذي كنت أعتقد من خلال متابعتي لكل تلك المنتديات الإحتفالية والمخرجات الورقية أنه لن يطل علينا العام الرابع لهذه المبادرة النبيلة إلا وسجوننا إصلاحيات حقيقية من حيث البنى التحتية للمباني والمرافق ومن حيث البنية التنظيمية الإدارية والتخصصية وأن منتجات السجون قد غزت كثير من الأسواق المحلية وأن مؤسساتنا العقآبية أصبحت تقدم أفضل الخدمات التي تلبي أدنى الإحتياجات الإنسانية للنزلاء وفي مقدمتها الرعاية الصحية وتحسين الظروف الإيوائية الطبيعية التي تتوافق مع آدمية الإنسان وكرامته وفقا لنصوص الشرع والقانون والقواعد الإخلاقية وقبل هذا وذاك كنت أعتقد جازما أن العدالة الجنائية سوف تتحقق في أبهى صورها وأن مؤسستنا القضائية ممثلة في النيابة والقضاء ستتجاوز كل الأخطاء وتقوم كل الإعوجاجات بما من شأنه أخراج كل المسجونين ظلما والذين مضى على بقائهم خلف القضبان سنيين عديدة تجاوز بعضها العشر سنوات وهم ينتظرون أستكمال إجراءات التحقيق والمحاكمة أو تنفيذ أحكام صدرت بحقهم أو أن هذه المؤسسات أوجدت حلول مستدأمة لمشكلة السجناء المعسرين المحبوسين على ذمة حقوق خاصة للغير وليس بمقدورهم سدادها ….الخ.
_غير أن كل ذلك لم يحصل بحسب توقعات الكثير فالعدالة الجنائية ضائعة والرعاية الصحية مفقودة وخدمات الإيواء ضعيفة وكثير من السجون ومراكز الإحتجاز غير إنسانية نظرا لوجود أعداد كبيرة من النزلاء يفوق قدرتها الإستيعابية ولم يطرأ عليها أي تغيير في عمليات التوسعة والإضافة العملية في ظل غياب شبه كامل لموازنة تشغيلية تستجيب للإحتياجات وكذلك غياب مشاركة حقيقية فاعلة من المنظمات والمؤسسات ورجال المال والأعمال بالرغم من الجهود التي تبذلها قيادة وزارة الداخلية ومصلحةالسجون لدى المؤسسات الرسمية والأهلية إلا أن الدعم المقدم لإسناد موازنة مصلحة السجون لتنفيذ خططها كان دون المستوى المطلوب باستثناء دعم حصري في تحسين مستوى الغذاء المقدم للنزلاء. _أما مايخص الجانب القضائي وتحقيق العدالة الجنائية فالوضع باق على ماهو عليه وكل ذلك يدعونا جميعا للتعامل مع الوضع الإنساني المتردي للسجون بكل شفافية ومصداقية وبتحرر من المجاملات والمماحكات والإتكالية وبروح من المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية أساسها الخوف من الله وأحترام القوانين والأنظمة والسطوع بالحق وألتماس العدل ومجانبة الظلم ورعاية حقوق السجناء وحمايتها في كل مراحل إجراءات العدالة الجنائية.
_فالوضع ياسادتي الأفاضل لم يعد يتحمل الكثير من الإنتهكات والتجاوزات ولن يتم تجاوزة بالإحتفالات والخطابات وتشكيل اللجان وأصدار الوعود ودق الصدور أو تقديم دعم نسبي في جانب معين وإهمال بقية الجوانب المشكلة ياسادة واضحة مثل عين الشمس.. السجون لن تتغير أوضاعها إلا بمباني ومرافق تتوافق مع القانون وبموازنة تشغيلية تغطي كافة الخدمات وبنظام أداري موحد ينطلق مع المعايير القانونية ويلغي المزاجية ويحد من العشوائية والتهرب من المسؤولة والمساجين بحاجة مأسة لتحقيق العدالة وأزاحة الظلم عن كاهلهم ورعايتهم بمايكفل أحترام آدميتهم وتلبية احتياجاتهم ليس المعيشية فقط وأنما تلك المتعلقة بإعادة اصلاحهم وتهذيبهم واكسابهم المهن والمهارات الفنية والعلمية الكفيلة بإعادة أدماجهم في المجتمع .. فهل الجميع مستعدون مسؤولين وشركاء بتحقيق هذه المطالب المشروعة بعيدا عن الدعايات والإحتفالات والترقيعات أم أن الوضع سيستمر حسب المعتاد ويكون شهر رمضان هو الشماعة التي نعلق عليها تحقيق أحلام السجناء في حياة إنسانية كريمة دون ترجمة لهذه الأحلام على أرض الواقع.
# مديرعام حقوق الإنسان بجهازالمفتش العام بوزارة الداخلية