فاطمة عواد الجبوري*
منذ إنشاء الكيان المغتصب على أراضي فلسطين المحتلة حولّت الولايات المتحدة والغرب منطقة الشرق الأوسط إلى وكر للجواسيس والعملاء الذين يعملون ليلاً ونهاراً لتأمين الدعم لإسرائيل من جهة ومنع أي تحرك عربي رسمي أو غير رسمي ضد المصالح الإسرائيلية. ولا تقتصر هذه العمليات على هذا النمط من الجواسيس بل اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجيات معقدة منها دبلوماسية ومنها سياسية ومنها اقتصادية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الدعم لإسرائيل.
إلى جانب المكاسب العديدة التي حققتها عملية طوفان الأقصى سواء على مستوى حشد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية أو من خلال إظهار الضعف العسكري الإسرائيلي إلا أن هناك جانباً مهماً أخراً أظهرته عمليات طوفان الأقصى وهو كيف تحوّلت السفارات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى حامٍ وداعمٍ قوي لإسرائيل.
إذا ما أردنا أن نفهم هذا التحرك الدبلوماسي الأمريكي ضد القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط علينا أن نختار دولتين مهمتين في دعم القضية الفلسطينية الأولى هي العراق والتي يتركز دعمها على الضربات العسكرية التي تمارسها المقاومة الإسلامية في العراق ضد القواعد الأمريكية والدولة الثانية هي الكويت التي قدمت وتقدم دعماً سياسياً منقطع النظير للقضية الفلسطينية.
إن الرابط الخفي بين هاتين الدولتين هو أن الولايات المتحدة نقلت سفيرتها في الكويت السيدة “آلينا رومانوسكي” إلى العراق حيث بدأت عملها هناك منذ حزيران 2022. السفيرة الأمريكية تلقت تعليمها في جامعة تل أبيب وعملت في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومن ثم عملت أيضاً كمدير قُطري لإسرائيل. ويبدو بأنّ مهمة السفيرة الأمريكية في العراق تتلخص في وقف الهجمات العراقية على القواعد الأمريكية من قبل الفصائل العراقية. حيث تشير التقارير الأمريكية إلى تعرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا إلى أكثر من 61 هجوماً على الأقل خلال شهر واحد فقط.
منذ البداية أعلنت الفصائل العراقية استهدافها للقوات الأمريكية وذلك لمنع الولايات المتحدة وثنيها عن التدخل المباشر في الحرب على قطاع غزة وبالإضافة إلى ذلك فإن العراق يسعى كذلك من خلال هذه الهجمات إلى تصفية الوجود الأمريكي في العراق وسوريا ومن ثم تصفية هذا الوجود من الشرق الأوسط بشكل كامل.
وأما الكويت فإن منصب السفير الأمريكي كان شاغرا لمدة عام ونصف تقريباً وذلك لإن الولايات المتحدة نقلت السفيرة الأمريكية إلى العراق. وفيما بعد مارست الولايات المتحدة ضغوطاً على الكويت لقبول السفيرة الجديدة وهي “كارين ساساهارا”. وبالعودة إلى بروفايل السفيرة الرسمي ستجد أنها شغلت منصب القنصل العام الأمريكي في القدس المحتلة بين 2018 و2019 بعد أن قام ترامب بنقل عاصمة الولايات المتحدة إلى القدس. وستجد كذلك أنها عملت كرئيس قسم في مكتب الاستخبارات والبحوث الأمريكي.
مارست الولايات المتحدة ضغوط لقبول تعيين السفيرة الجديدة خصوصا بعد رفض مجموعة كبيرة من نواب مجلس الأمة الكويتي هذا التعيين وازداد هذا الرفض من الجانب الكويتي بعد عملية طوفان الأقصى وفي هذا السياق كتب الدكتور عبد الكريم الكندري (النائب في مجلس الأمة الكويتي) على موقع Xبأنه يجب على وزير الخارجية رفض اعتماد أوراق تعيين كارين ساساهارا التي وافق عليها مجلس الشيوخ كسفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة الأميركية لدى الكويت التي شغلت سابقاً منصب القنصل العام بالقدس المحتلة. اعتراضا على موقف الإدارة الأمريكية التي تسلح الكيان الصهيوني وتشاركه بجرائمه.
بعد عملية طوفان الأقصى أصبح من الواضح جداً كيف أن الولايات المتحدة سخرت جميع مواردها وسفاراتها لتقديم الدعم لإسرائيل وتقويض الدور العربي في تأييد الشعب الفلسطيني والدفاع عن أهل قطاع غزة الذي يتعرضون إلى الإبادة الجماعية هناك، وفي هذا المقال بحثنا في دولتين محورتين في تقديم مثل هذا الدعم هما العراق والكويت ولذلك فإنه على الموقف الرسمي والشعبي أن يكونوا حذرين مما يسمى السفارات الأمريكية فهي تقوم بمهمات مشبوهة يجري تغطية اسمها باسم المهمات الدبلوماسية.
*كاتبة وباحثة عراقية
شاهد أيضاً
مسؤولون دوليون يؤيّدون مذكرتيْ محكمة “لاهاي” ويؤكدون التعاون لاعتقال مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت
اليمن الحر الاخباري/ متابعات أعلن عدد من المسؤولين الدوليين والجهات والمنظّمات حول العالم ترحيبهم بصدور …