السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / اراء / أمريكا الخاسر الأكبر في حرب غزّة!

أمريكا الخاسر الأكبر في حرب غزّة!

ايهاب سلامة*
لم تصل كراهية الشعوب العربية والإسلامية للنظام السياسي الأمريكي مثلما وصلت في عهد الرئيس الصهيوني جو بايدن، الذي دفعت بلاده فاتورة الحرب على قطاع غزة، ودخلت في شراكة دموية مع الكيان النازي الذي ينفذ محرقة جماعية غير مسبوقة في تاريخ البشرية.
الولايات المتحدة لم تكتف بتمويل جرائم الحرب في قطاع غزة، ولا بتسخير جيوشها وأساطيلها وسلاحها وعتادها وإسنادها السياسي والاعلامي واللوجستي للكيان المجرم، بل تطوعت للدفاع عنه، أكثر من دفاعه عن نفسه، ونقضت جميع مشاريع القرارات الأممية الداعية لوقف إطلاق النار، وحقن دماء الأطفال، وشرعنت حرب إبادتهم، وأصرت على منح حكومة الحرب الصهيونية الضوء الأخضر لمواصلة مجازرها التي يندى لها جبين الإنسانية.
العربدة الأمريكية قوضت الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وجيرت القوانين الدولية للتغطية على الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، وأسقطت المنظومة الدولية برمتها، وأفقدتها هيبتها، ومكانتها، وصدقيتها، وحوّلتها من منظومة دولية يفترض بها تطبيق القوانين الدولية وتحقيق العدالة، إلى غطاء قانوني على الجرائم وانتهاكات القوانين الدولية.
لو كانت أحوال الدول العربية والإسلامية غير أحوالها المتردية اليوم، لرأينا لها موقفاً تاريخياً بانسحابات جماعية من هذه المنظومة الفاسدة، فور استخدام الولايات المتحدة ما يسمى بحق النقض الذي أباح لكيان الاحتلال مواصلة إراقة دماء الفلسطينين بكل صلافة ووقاحة، ولوضعت البلاد العربية والإسلامية الولايات المتحدة والغرب بين خيارين اثنين: إما مصالحكم مع ملياري مسلم بقدرات بلادهم ومقدراتها، أو مع كيان مارق من بضعة ملايين مهاجر. فالقوي لا يعرف سوى لغة القوة، ويذهب حيثما تذهب مصالحه، لكن حالة وهن الدول العربية والإسلامية هي التي سمحت بهذه الغطرسة عليها وعلى شعوبها.
ربما لا تحسن الإدارة الأمريكية المتصهينة تقدير نتاج الشراكة الدموية مع كيان الإحتلال، وأن الخسائر الاستراتيجية الأمريكية تفوق خسائر الكيان العسكرية والسياسية أضعافاً مضاعفة، بصرف النظر عما ستؤول اليه الحرب. بعد أن فضحت هذه الشراكة أكذوبة القيم الأمريكية، وغذت كراهية الشعوب العربية والإسلامية والعالم الحر كله للنظام الامريكي المتصهين، الذي يكيل بمكيالين، ويخبىء أنيابه تحت شعارات القوانين الدولية، والديمقراطية الزائفة، وحقوق الإنسان، والعدالة، وأصبحت دول العالم المقموعة تترقب لحظة الإنهيار الأمريكي، ليزول ثقله عن صدورها.
الحضارة الغربية المتصهينة سقطت كلها في وحل غزة، وكشفت قبح قيمها الزائفة، وهي تمارس نفاقها السياسي الفج، وازدواجية معاييرها، بدعمها المطلق للجرائم الصهيونية، وإغلاق عيونها على انتهاك كيان الإحتلال لجميع القوانين الدولية، من حرب الإبادة، وسياسة التجويع، والفصل العنصري، والتطهير العرقي، وذبح الأطفال والنساء، وتدمير المساجد والكنائس، وقصف المستشفيات والمدارس، وقائمة لا تنتهي من الجرائم الإرهابية التي تجرمها القوانين الدولية الموضوعة من الحضارة الغربية المنافقة ذاتها.
النفاق الأمريكي والغربي بالتعامل مع الحرب في اوكرانيا، بخلاف التعامل مع الحرب على غزة، أسقط الحضارة الغربية وأدانها بذات المبررات والذرائع التي سوغتها واستخدمتها بنفسها، وفضحت معاييرها القبيحة تماماً، واوقعتهم في شر أعمالهم، ولن تتمكن مياه المحيطات من تطهير أيديهم الملطخة بدماء الأطفال الفلسطينيين، ولا محي بصماتهم عن مسرح الجريمة لعقود طويلة قادمة.
لقد أصبح العالم اليوم في أمس حاجة إلى صحوة تغير قواعد اللعبة الدولية، من نظام عالمي تتفرد به الولايات المتحدة، إلى نظام عالمي متعدد الاقطاب، يلجم التغول والغطرسة الأمريكية التي لا تبالي بحقوق الآخر، وتسخر قواها وهيمنتها لمصالحها وأطماعها فقط، على حساب دول وشعوب العالم المستضعفة.
شعوب العالم الإسلامي، تتطلع منذ عقود غابرة إلى بلورة نظام إسلامي عالمي متجدد، يكون لاعباً فاعلاً ومؤثراً في الساحة الدولية، وليس مفعولاً به كما هو حال دولهم منذ سنين طويلة، ويكون قادراً على الدفاع عن قضايا شعوبه ومصالحهم، ويعي من يعي، أن أول معيقات هذا الحلم الممتد على طول خارطة من سبع وخمسين دولة، وقرابة ملياري انسان، واقتصادات هي الاضخم، هي النظم الإسلامية الحالية ذاتها.
والشعوب تعي أيضاً أن أنظمتها عاجزة عن تقديم شيء لحاضرها ومستقبلها، وعاجزة عن اتخاذ قراراتها بمنأى عن الهيمنة الغربية عليها، مثلما هي عاجزة عن إيجاد حلول لقضاياها المصيرية والسياسية والتنموية، وأصبحت تعي أن العديد من انظمتها وضعت نفسها في الخندق المعادي لأمتها، وتنفذ اجنداته الخبيثة وتعليماته.
معضلة الوطن العربي والإسلامي، أنه يقبع في مناطق تعج بالاطماع الكونية، والمشاريع السياسية الخارجية، دون أن يكون له مشروعه السياسي الخاص، فتحول إلى مسرح كبير للقوى الغربية والأجنبية المتصارعة على ثرواته واشلائه، يتفرج على ما يفعل به، دون أن يتمكن من الفعل ورد الفعل، لغياب الارادة، ووحدة الموقف والكلمة، والأهم غياب المشروع السياسي المشترك.
أما غزة التي تدافع عن بوابة الأمة الإسلامية كلها اليوم، ستتكرر أحداثها في أي قطر عربي وإسلامي، إذا ظل الموقف العربي والإسلامي متراخياً ومتخاذلاً في إسنادها ودعم مقاومتها ووقف العدوان البربري على أهلها.. وستذكر “بقية الثيران” التي تخلت عن الفلسطيني وتركته وحيداً، أنها ستؤكل حتماً إذا ما أكل “الثور الأبيض”!
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …