الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / الأنظمة العربية.. وجيوشها.. والحرب القادمة!

الأنظمة العربية.. وجيوشها.. والحرب القادمة!

د. كمال ميرزا*
لماذا توجد هناك جيوش؟ الجيوش موجودة لكي تحارب!
فإذا كان القتال مستعرا، والإبادة محتدمة، والقصف والنسف لا يكلّان ولا يملّان، والتجويع والتعطيش مستمرّان، والتشريد والتهجير على قدم وساق، والأطفال يُوءدون، والحرائر تُغتصَب، والكهول يُقتلون، والشباب يُعدمون، والأرض تُسوّى بالأرض.. والجيوش “مكانك سِر” لا تقاتل، فماذا يعني هذا؟
يعني أنّ هذه الجيوش لا تعتبر هذه الحرب حربها! فما حربها إذن؟
قد يتذاكى أحدهم ويقول: مهمة الجيوش أن تدافع!
حسنا، سنتذاكى على هذا الذكيّ ونعدّل السؤال: إذا كان كلّ ما هو مذكور أعلاه يحدث، والجيوش “مكانك سِرْ” لا تهبّ للدفاع والذود والنُصرة، فماذا يعني هذا؟
يعني أنّ ما يُباد وما يتمّ إفناؤه لا يعني هذه الجيوش، وليس جزءا من عقيدتها القتالية لتدافع عنه! فما هي عقيدتها القتالية؟
قد يتذاكي هذا الشخص أكثر فيقول: مهمة الجيوش أن تدافع عن أوطانها!
حسنا، إذا لم تكن فلسطين وطناً، والقدس وطناً، والأقصى وطناً، والضفة وطناً، والـ (48) وطناً، وغزّة وطناً، وبيت حانون وطناً، وبيت لاهيا وطناً، وجباليا وطناً، والشجاعية وطناً، والبريج وطناً، والشاطئ وطناً، والزيتون وطناً، وتلّ الهوى وطناً، وجحر الديك وطناً، ودير البلح وطناً، والنصيرات وطناً، والقرارة وطناً، والزوايدة وطناً، وعبسان وطناً، وخزاعة وطناً، وخان يونس وطناً، والفالوجة وطناً، ورفح وطناً… فما هو الوطن إذن؟
هل نصطحب خرائط “سايكس بيكو” و”سان ريمو” معنا إلى القبر، ونحتفظ بها مطويةً بعناية تحت إبطنا الأيمن، لنفردها أمام الله يوم القيامة حين يسألنا ونقول له: هنا، داخل هذه الخطوط، هذا هو الوطن، وليس علينا فيمَن هم خارج هذه الخطوط حَرَج!
هل نصطحب ميثاق جامعة الدول العربية؟
هل نصطحب ملاحق “كامب ديفيد” و”أوسلو” و”وادي عربة”؟
هل نصطحب “مبادرة السلام العربية”، والبيان الختامي لقمّة الرياض العربية الإسلامية الموحّدة؟
من الأغاني التي شاعت في المجتمع الصهيوني بعد حرب أكتوبر (73)، وشكّلت وعي ومخيال وعقيدة أجيال كاملة من المحتلّين الصهاينة، أغنيةٌ تقول كلماتها:
(حين نتنزّه نكون ثلاثة: أنا وأنتِ والحرب القادمة.. وحين ننام معاً نكون ثلاثة: أنا وأنتِ والحرب القادمة)!
لماذا يوجد عند العرب (والمسلمين) جيوش؟ ولأيّ شيء يدّخرونها؟ هل يدّخرونها لحرب قادمة؟!
هذه هي الحرب القادمة!
هذا الكلام ليس ضربا من التطهّر بالمعنى الدرامي لكلمة تطهّر، وليس اجترارا لتراث طويل من البكائيّات واللطميّات والمراثي.. هذا الكلام عقلانيّ تماما، وموضوعيّ تماما، ومنزوع العاطفة تماما!
المأساة الأكبر في موقف الأنظمة والجيوش العربية والإسلامية إزاء “طوفان الأقصى” عدم إدراكها للآن أنّها بدفاعها عن غزّة وعن فلسطين وعن المقاومة إنّما تدافع عن كينونتها وعن ذاتها وعن بقائها واستمرارها!
أو لعلّها تدرك ذلك ولكنّها تكابر، وتحاول إقناع نفسها: نحن غير! نحن لسنا الآخرين الذين خانهم ذكاؤهم وحساباتهم! الأمريكان ومن لفّ لفيفهم لا يمكن أن يتخلوا عنّا! وأبناء العمومة الصهاينة لا يمكن أن يغرّروا بنا! وخدماتنا الجليلة من قبل ومن بعد ستشفع لنا! وأمولنا وثرواتنا التي نبذلها جزافا ومجّانا ستفتدينا!
هل حقا هم مقتنعون بذلك؟ مشكلة إذا كانوا مقتنعين به، وكارثة إذا كانوا غير مقتنعين ولكنّهم يكذبون على أنفسهم وعلى شعوبهم، أو أنّهم قد تورّطوا وأوغلوا وتجاوزوا نقطة اللاعودة!
إذا لم تستفق الأنظمة والجيوش العربية والإسلامية وتقرّ بأنّ هذه الحرب هي الحرب القادمة، فإنّهم يحكمون على أنفسهم بأن يكونوا هم الحرب القادمة!
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …