د.حسناء نصر الحسين*
لم تكن الأيام القليلة الماضية التي تلت استهداف الكيان الصهيوني للقنصلية الإيرانية والتي تعد انتهاك صارخا للسيادة الإيرانية بكل ما حملته من محاولات أمريكية غربية هدفت لامتصاص الغضب الإيراني لناحية طبيعة الرد على هذا الاعتداء بما يحفظ للكيان اليد الطولى في هذه اللعبة الدولية التي لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط هي رقعة الشطرنج الأكثر أهمية لهذه الدول لاسيما أمريكا وذراعها اليمنى إسرائيل، الا أن الثمن الذي طالبت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية اعتبرته أمريكا وإسرائيل اكبر من الاعتداء على القنصلية واستشهاد قادة ومستشارين من الصف الأول، المتمثل بإيقاف حرب الكيان وجرائمه بحق أهلنا في فلسطين المحتلة ، ليأتي الرد الإيراني على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والتي تهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية اكبر من كل التوقعات التي وضعتها حكومة الكيان وسياسييه ووزراء حربه ، بل فاق التوقعات الأمريكية لناحية طبيعة الرد الإيراني وقوته ، لتضيء المسيرات الإيرانية والصواريخ الآتية من طهران سماء فلسطين المحتلة في خطوة لم يشهدها العالم منذ حرب تشرين التحريرية عام ١٩٧٣ ، بما يجعل المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات لتطورات الرد الإيراني المدعوم بجهات إسناد طوفان الأقصى والذي سيكبد الكيان خسائر معنوية بالدرجة الأولى لناحية السمعة التي طالها الطوفان منذ السابع من أكتوبر ، وما تلاها من عمليات استفزازية للكيان المدعوم أمريكيا وبريطانيا وغربيا لجر إيران إلى هذه اللحظة المفصلية من تاريخ المنطقة والتي حملت في عناوينها الأساسية اختبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مرتكزاتها الأساسية التي شكلت رافعة اساسية للثورة الإسلامية الإيرانية، من هنا جاء الرد الإيراني منسجما مع أهداف الثورة الإسلامية في إيران وأهمها القضية الفلسطينية ومقارعة الكيان الاسرائيلي في أكثر من جغرافية على مستوى الإقليم ليكبر هذا الرد ليشمل الجغرافية السياسية المباشرة للكيان وهذا ما يشكل متغيرا كبيرا في قواعد الاشتباك بين محور المقاومة والكيان الاسرائيلي .
على الرغم من كل المحاولات الأمريكية البريطانية واذيالها في دول جوار فلسطين المحتلة الا أن المسيرات الإيرانية والصواريخ وصلت للعمق الاسرائيلي متخذة من سماء دمشق معبرا لرسم خارطة طريق عنوانها العبور المشرف إلى القدس في الوقت التي اغلقت فيه عدة دول ومنها الاردن وتركيا مجالها الجوي أمام صواريخ ومسيرات الكرامة والتحرير القادمة من إيران.
جاء الرد الإيراني المثقل بالدعم من محور المقاومة والاستنفار الكبير لقواتها ، ليضع أمريكا وإسرائيل أمام معضلة أمنية كبيرة في المنطقة إما ان تتقبل الرد الإيراني المزلزل للكيان او أن تذهب بالمنطقة برمتها إلى حرب مفتوحة لن تستطيع التكهن بنتائجها وما سيترتب عليها من متغيرات على رقعة الشطرنج الإقليمية والتي ستترك اثرها بشكل واضح على طبيعة الصراع الدولي بين اللاعبين الكبار .
حاولت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان حشر إيران في الزاوية بعد الاعتداء على القنصلية الإيرانية فهم راهنوا طيلة هذه الفترة على المفاوضات التي ستخفف من طبيعة الرد الإيراني بالإضافة للاستثمار بضعف الرد لناحية ضرب المصداقية الإيرانية والضرر بسمعتها داخليا واقليميا ودوليا ، من هنا جاء الرد الإيراني في العمق الاسرائيلي بحسابات دقيقة افشلت المخططات الأمريكية الإسرائيلية للنيل من هيبة وسمعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويضعف فرص إيران في أي مفاوضات مستقبلية اقليمية .
وفي الختام نستطيع أن نقول ان الرد الإيراني الآتي من سماء دمشق سيترك اثره الكبير على الإقليم كما سيكون له اثره البالغ على حكومة الكيان ووجوده وسنرى مطارات الكيان ومعابره تعج بالهجرة العكسية فمشهدية مسيرات وصواريخ الثأر والنار في سماء فلسطين المحتلة أبلغ من الكلام فهل ستتسع دائرة النار ام أن المعتدي بعد هذا الرد سيعمل جاهدا على إطفائها ؟.
*كاتبة سورية وباحثة في العلاقات الدولية
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …