د. كمال ميرزا*
إلى جانب المماطلة وشراء الوقت بدماء الفلسطينيين لحين الانتهاء من بناء ميناء “الاحتلال” الأمريكي، وترتيبات تقطيع أوصال قطاع غزّة وإعادة بسط السيطرة عليه.. فإنّ التركيز الإعلامي الحالي على مسألة اجتياح رفح هو في أوجه عدة سياسة دعائية خبيثة ومُغرضة تسعى إلى:
أولاً، اختزال كلّ ما يحدث في سؤال هل يُقدِم الكيان الصهيوني على اجتياح رفح أم لا؟ وكأنّ القتال والصراع والإبادة والتهجير ستبدأ توّاً، وكأنّ كلّ ما سبق لم يكن أو غير موجود.
ثانياً، التهوين من شأن جميع الجرائم والموبقات التي اقترفها الكيان الصهيوني على مدار الأشهر الماضية، والتعمية عليها، ولفت الأنظار عنها وعن ضرورة محاسبة الكيان وعصابة حربه عليها.. وكذلك التعمية على إخفاقات الكيان وهزائمه خلال هذه المدّة.
ثالثاً، التمويه على حقيقة أنّ رفح نفسها هي منذ اليوم الأول جزء من حرب الإبادة والتهجير المُمنهجة التي يشنّها العدو الصهيوني على عموم غزّة والشعب الفلسطيني، وأنّ القصف والنسف والقتل والدمار لم تتوقف لحظة في رفح شأنها شأن بقية مناطق القطاع.
رابعاً، التمويه على حقيقة الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه أهالي رفح ونازحوها حالياً بفعل الإجرام الصهيو – أمريكي، وكأنّ المعاناة هي شيء يمكن أن يحدث تالياً في حال اجتياح المدينة، وليس حقيقة مأساوية ماثلة على أرض الواقع الآن.
خامساً، الحفاظ على “برستيج” الكيان الصهيوني وقوّات إجرامه، وكأنّه هو المنتصر وصاحب اليد الطولى في الميدان، وكأنّه هو مَن بحاجة لاسترضائه وإقناعه بالتكرّم والتلطّف وعدم اجتياح رفح.. ولو استطاع الكيان اجتياح رفح وإخضاعها لما وفّر ذلك، ولكنه يخشى هو وأعوانه الأثمان الفادحة التي سيضطر لدفعها دون القدرة على الحسم كما حدث في “خان يونس” وسائر مناطق القطاع.
سادساً، إرساء أساس خبيث وخسيس للتفاوض: نحن من طرفنا لا نجتاح رفح.. وأنتم من طرفكم تُسلّمون وتستسلمون وترضون بأي صيغ وترتيبات حقيرة تُلقى إليكم بتواطؤ غربي وعربي رخيص!
“اجتياح رفح” هو ما يحدث منذ أول طلقة أُطلقت على “بيت حانون” أو “بيت لاهيا” وغيرها من مناطق القطاع، وكلّ الحديث الإعلامي الدائر حالياً عن “اجتياح رفح” هدفه التمويه على حقيقة أنّ قطاع غزّة كلّه رفح، وأنّ يد الإجرام الصهيو – أميركية يجب بترها وكفّ شرورها ليس فقط عن رفح، بل وعن كامل قطاع غزّة والضفة الغربية وفلسطين المحتلّة وسائر المنطقة والعالم!
*كاتب اردني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …