السبت , يوليو 27 2024
الرئيسية / اراء / ساعة الانقلاب على نتنياهو!

ساعة الانقلاب على نتنياهو!

د. كمال ميرزا*
“نتنياهو” يعرقل المفاوضات وأي جهود جديّة للتوصّل لاتفاق هدنة خدمةً لمصالحه الشخصية..
“نتنياهو” يرفض تجديد مفاوضات الأسرى..

“نتنياهو” ليس لديه خطة محدّدة لكيفية الخروج من غزّة..
“نتنياهو” ليس لديه تصوّر واضح المعالم لليوم التالي للحرب في غزّة..
نظريّاً هذه الانتقادات أو الاتهامات صحيحة وسارية المفعول منذ الأسابيع الأولى لحرب الإبادة والتهجير التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزّة.
ولكن في الآونة الأخيرة، ومع دخولنا في الشهر الثامن من الإجرام الصهيوني المتواصل، أصبحت هذه الانتقادات تتردّد كثيراً وبوتيرة غير مسبوقة عبر وسائل الإعلام والفضاء التواصلي، ليس فقط نقلاً عن خصوم “نتنياهو” ومعارضيه، بل نقلاً عن لسان أعضاء في عصابة حربه، ولسان حلفائه الذين دعموه طوال الأشهر الماضية وفي مقدّمتهم الأمريكان!
وكأنّنا بلسان حال المسؤولين الأمريكيين عندما يردّدون مثل هذه الانتقادات في مثل هذا التوقيت بالذات وهو يقول: نتنياهو ليس لديه تصوّر واضح لليوم التالي للحرب في غزّة.. ولكن نحن لدينا تصوّر!
لا عجب إذن أنّ الزيادة في “ضخ” مثل هذه الانتقادات قد تزامنت مع الانتهاء من تشييد الميناء الأمريكي العائم الذي يوصف تمويهاً وتحايلاً بـ “الإنساني”، ودخول هذا الميناء الخدعة رسميّاً حيّز “العمل” و”الخدمة” معزّزاً بترسانة عسكرية “تحميه”!
الأمر لا يقتصر على انتقاد “نتنياهو”، فالحديث الأممي والحقوقي عن وقف الحرب زاد..
واجتماع العرب الذين تواروا منكفئين منذ قمّة الرياض، وحديثهم الجريء والصريح وبـ “المشرمحي” بعد قمّة المنامة عن ضرورة نشر قوّات “حفظ سلام” دوليّة في غزّة..
والتسريبات حول موافقة دول عربية في مقدّمتها مصر على المشاركة في إدارة القطاع بعد الحرب تحت مظلة أي قوة دولية يتم تشكيلها لهذه الغاية..
كلّ هذا طفا على السطح، وزاد، وأصبح أحاديث وتصريحات وتحليلات يتمّ تداولها يوميّاً بالتزامن مع بدء تشغيل الميناء الأمريكي العائم!
جميع ما تقدّم هي مؤشرات إلى أنّ حرب الإبادة والتهجير ستنتقل إلى مرحلة جديدة تتولّى فيها الولايات المتحدة الأمريكية زمام المبادرة بنفسها، بعد أن كانت حرباً بالوكالة يخوضها الكيان الصهيوني بالأصالة عن صنّاعه وداعميه الغربيين.
هذا الكلام يعني بالنسبة لـ “نتنياهو” أنّه قد آن الأوان لكي يتنحّى، بالتي هي أحسن أو بالتي هي أسوأ، وهو ما ينسجم ويتناغم ويتماهى مع ما يلي:
ـ أولاً: أنّ نتنياهو قد أخذ فرصته بالصاع الوافي كي يثبت جدارته، ويُتمّ المهمة القذرة المُتوقّعة منه والمُتمثّلة في القضاء على المقاومة، وطرد أهالي قطاع غزّة، وإعادة احتلال القطاع وسلب ثرواته ومقدّراته.. وذلك كجزء من المخطط الأكبر لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً الذي سيشمل أيضاً فلسطينيي الضفة وفلسطينيي الـ (48).
ـ ثانياً: أنّ نتنياهو قد بذل كلّ ما في وسعه من أجل تنفيذ مخطط الإبادة والتهجير، واستنزاف المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية إلى أقصى درجة ممكنة، ولكنّه قد بلغ حالياً مداه، وما عاد لديه القدرة على تقديم المزيد بهذا الخصوص.
ـ ثالثاً: أنّ ورقة نتنياهو قد احترقت واستُنفدت، والضرر المترتب على الاستمرار في دعمه وتغطيته وتبرير تصرفاته أكبر من الفائدة المتحقّقة من الإبقاء عليه.
ـ رابعاً: أنّ التخلّص نهائيّاً من اليمين “الإسرائيلي” المتطرّف الذي يمثّله “نتنياهو” هو أساساً غاية إستراتيجية أمريكية على المدى الطويل، بكون هذا اليمين هو الممانع الحقيقي الوحيد المتبقّي في العالم لحلّ الدولتين، وللتسويات والترتيبات النهائية التي تضمرها أمريكا من أجل ترميم وإعادة إنتاج همينتها ونفوذها ومصالحها في المنطقة.
بكلمات أخرى، فإنّ إطلاق يدّ “نتنياهو” وعصابة حربه طوال الفترة الماضية هو محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد: التخلّص من المقاومة أو استنزافها قدر الإمكان، والتخلّص من “نتنياهو” ويمينه المتطرّف في نفس الوقت!
إجراءات أخرى مثل قانون تجنييد المتدينين المتشدّدين “الحريديم” يمكن النظر إليها من هذه الزاوية أيضاً، زاوية التخلص من اليمين اليهودي باعتبار أنّ السرديّة الدينيّة قد استوفت الغرض منها، وأنّ الحقبة التالية ستقوم على سرديّة مختلفة قوامها التعايش السلمي والرخاء والازدهار والأخوّة الإبراهيميّة (والعداء لإيران وكلّ مَن يقف في صفّها)!
والمؤتمر الصحفي المسرحي لعضو كابينت الحرب الوزير “بيني جانتس” يأتي في هذا السياق أيضاً؛ فمهلة العشرين يوماً التي حدّدها لـ “نتنياهو” هي مناورة سمجة جديدة لشراء الوقت بدماء الفلسطينيين لحين نجاح الأمريكان في تثبيت موطئ قدمهم عبر مينائهم العائم الذي بدأ بالعمل للتوّ. والمطالب التي اشترطها “جانتس” على “نتنياهو” تلتقي بقدرة قادر مع جوهر الخطة الأمريكية العربية لليوم الأول بعد للحرب التي تمّ تسريب حيثياتها عبر وسائل الإعلام!
وأخيراً وليس آخراً نوبة المراجل التي انتابت المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة توقيف بحق “تتنياهو” (والسنوار) مع أنّ المحكمة قد التزمت الصمت حدّ البَكَم طوال المدة الماضية..
الكرة في المرحلة القادمة ستكون في ملعب “نتنياهو” وأعضاء ائتلافه المتشددين أمثال “بن غفير” و”سموتريتش” وأركان عصابة حربه؛ هل سيتنحّون بهدوء؟ أم أنّهم سيضطرون الأمريكان لتنحيتهم بالطريقة الصعبة؟!
رجاؤنا أنّ عنجهية وغطرسة وغرور “نتنياهو” ستجعله ينحون للخيار الثاني، وعندها “فخّار يكسّر بعضه”؛ فمن ناحية لعلّه يلقى مصيراً مهيناً أو ميتةً منحطّةً تليق بكلب مسعور ومأجور مثله، ومن ناحية أخرى أي خلافات تدبّ في المعسكر الصهيو – أمريكي هي في مصلحة المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
والمؤشرات المبدئية أنّ “نتنياهو” وعصابته سيكابرون و”يقاوحون” وذلك من خلال قرارهم بتوسيع العملية العسكرية في رفح، ولا ضير، فأي شيء ينجزونه في هذه الأثناء هو بالنسبة للأمريكان “خير وبركة”!
الدرس الذي يبدو أنّ رموز الأنظمة العربية لم يعوه ولم يستوعبوه لغاية الآن بالرغم من كثرة الأمثلة التاريخية.. هو أنّ التخلّص من “نتنياهو” يعني حكماً التخلّص منهم وطيّ صفحاتهم هم أيضاً!
ولن يشفع لهؤلاء “الحلفاء” موافقتهم على التصوّرات والسيناريوهات الأمريكية للمرحلة التالية وتواطؤهم معها، فمتى ما نجحت أمريكا في تحقيق مخططاتها لا سمح الله، فإنّ حلفاءها هؤلاء سيصبحون عبئاً لا بدّ من التخلّص منه في أسرع وقت ممكن؛ فأسماؤهم قد تلطّخت وصفحاتهم قد أسودّت، ومحاولة تبييضها عبءٌ سياسيّ ودعائيّ مُكلفٌ لا طائل منه، والحلّ الأسهل هو الإتيان بأسماء جديدة بصفحات ناصعة كي يتم ابتداء المرحلة الجديدة معها “ع نظافة” و”ميّه بيضا”!
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

يوم عرف العالم حقيقة الكيان!

  د. أماني سعد ياسين* ما شعرت بالأمل يوماً كهذا اليوم! نعم، ما شعرتُ بالأمل …