الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / زيارة الرئيس سعيّد إلى إيران!

زيارة الرئيس سعيّد إلى إيران!

امال سبتي*
في خطوة غير مسبوقة، قام الرئيس التونسي قيس سعيد بزيارة رسمية إلى إيران، حيث التقى بالإمام الخامنئي. هذه الزيارة التي تمت في وقت حساس تعكس تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية التونسية ورغبتها في إعادة توجيه بوصلة علاقاتها الدولية. اللقاء مع شخصية دينية وسياسية مرموقة مثل الإمام الخامنئي له دلالات عميقة في السياسة الخارجية التونسية، حيث يشير إلى سعي تونس لتحقيق توازن أكبر في علاقاتها الدولية وتجنب الانحياز لطرف دون آخر.

التحول في السياسة الخارجية التونسية

تونس، منذ وصول قيس سعيد إلى السلطة، اتخذت مساراً جديداً في سياستها الخارجية يتمثل في إنهاء الانحياز الكامل للغرب. لقد كان واضحاً من خلال رفض تونس المتكرر لعدة مقترحات من صندوق النقد الدولي بخصوص تلقي مساعدات مالية. هذا الرفض يعكس رفض تونس للضغوط الاقتصادية التي تمارسها القوى الغربية، خاصة فرنسا والولايات المتحدة، على الدول النامية.

أ. انهاء الانحياز الكامل للغرب

لقد كان لتونس تاريخ طويل من العلاقات الوثيقة مع الغرب، وخاصة فرنسا، بحكم الروابط التاريخية والاستعمارية. ومع ذلك، فإن الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتغيرة دفعت تونس إلى إعادة تقييم هذه العلاقات. تحت قيادة قيس سعيد، بدأت تونس في تقليل اعتمادها على الدعم الغربي والتحول نحو تحقيق استقلالية أكبر في قراراتها.

ب. رغبة تونس في تنويع علاقاتها الدولية

إحدى السمات البارزة في السياسة الخارجية الجديدة لتونس هي السعي لتنويع علاقاتها الدولية. هذا لا يعني قطع العلاقات مع الغرب، بل بناء علاقات متوازنة مع كل من الشرق والغرب. الزيارة إلى إيران تعد مثالاً على هذه الاستراتيجية، حيث تسعى تونس لتعزيز علاقاتها مع دول الشرق الأوسط وآسيا لتوسيع خياراتها الاقتصادية والسياسية.

ج. تحقيق استقلالية أكبر في القرارات السياسية

تحقيق استقلالية أكبر في القرارات السياسية يمثل محوراً رئيسياً في رؤية قيس سعيد للسياسة الخارجية. تونس تسعى لتحرير نفسها من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب، ما يتطلب اتخاذ قرارات جريئة ومستقلة قد لا تكون دائماً في مصلحة القوى الكبرى. هذا النهج يظهر في رفض تونس للعروض المالية من صندوق النقد الدولي، والذي غالباً ما يرتبط بشروط تقشفية تؤثر سلباً على الاقتصاد والمجتمع.

دلالات الزيارة وآفاقها المستقبلية

أ. رسالة السياسية للدول الغربية

زيارة الرئيس قيس سعيد إلى إيران تحمل رسالة سياسية قوية للدول الغربية. إنها إشارة إلى أن تونس لن تكون بعد الآن رهينة للسياسات الغربية وأنها مستعدة لاتخاذ مسار مستقل في علاقاتها الدولية. هذا يمكن أن يؤدي إلى إعادة تقييم الدول الغربية لعلاقاتها مع تونس، حيث ستضطر هذه الدول للتعامل مع تونس كشريك مستقل وليس كتابع.

ب. بناء علاقات متوازنة مع الشرق والغرب

بناء علاقات متوازنة مع الشرق والغرب يمثل استراتيجية حيوية لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي. التعاون مع دول الشرق الأوسط وآسيا يمكن أن يوفر لتونس فرصاً جديدة للاستثمار والتجارة، مما يساعد في تحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة. العلاقات المتوازنة تضمن أن تونس لا تعتمد بشكل مفرط على أي جهة واحدة، مما يعزز من قدرتها على المناورة السياسية والاقتصادية.

ج. مستقبل السياسة الخارجية التونسية نحو المزيد من الاستقلالية والتوازن

إذا استمرت تونس في هذا النهج، فمن المرجح أن نرى مزيداً من الاستقلالية في سياستها الخارجية. هذا سيمكن تونس من اتخاذ قرارات تخدم مصالحها الوطنية بشكل أفضل دون الخضوع للضغوط الخارجية. السياسة الخارجية المتوازنة تعني أن تونس ستتمكن من الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع القوى الدولية، مما يعزز من موقفها على الساحة الدولية.

الخاتمة

في النهاية، يمكن تلخيص أهم نتائج هذا التحول في السياسة الخارجية التونسية بأن تونس تسعى لتحقيق استقلالية أكبر في قراراتها السياسية والاقتصادية، وتنويع علاقاتها الدولية بعيداً عن الانحياز لأي طرف بعينه. هذه الخطوة التاريخية يمكن أن تكون بداية لمسار جديد في السياسة الخارجية التونسية، يؤدي إلى تحقيق توازن واستقلالية أكبر في تعاملها مع القوى الدولية.

تعد زيارة الرئيس قيس سعيد لإيران خطوة جريئة وتاريخية، تعكس رغبة تونس في أن تكون صاحبة قرارها ومستقلة في سياستها الخارجية. هذا التحول يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية بعيدة المدى على مستقبل تونس، ويعزز من مكانتها على الساحة الدولية كدولة ذات سيادة واستقلالية في قراراتها. من المؤكد أن هذه الخطوة ستعزز من قدرة تونس على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بروح من الثقة والاستقلالية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي وتحقيق التنمية المستدامة.

*كاتبة تونسية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …