الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / دبلوماسية المغرب في مهب الريح!

دبلوماسية المغرب في مهب الريح!

أنس السبطي*
للوهلة الأولى ظن الكثيرون أنهم أمام إعادة تداول لتلك الصورة القديمة لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على الفضاء الإلكتروني والتي استفزت المغاربة حينئذ وذلك بغرض النيل منه والتشكيك في نواياه تجاه المغرب، ليتبين في الأخير أننا بصدد صورة أخرى تحمل نفس رسالة سابقتها وبشكل أشد سفورا، فلئن كانت الصورة التي التقطها نتنياهو أمام خريطة العالم والتي تفصل الصحراء عن خريطة المغرب قد تبدو عند البعض غير مقصودة، والذين اعتبروا اعتذار الكيان عنها تصحيحا لموقفه من قضية الوحدة الترابية، فإن خرجته الاستعراضية وهو يحمل صورة لخريطة العالم العربي دون الصحراء الغربية ينفي عنه صفة العفوية ويؤكد حقيقة الموقف الصهيوني من قضية المغرب الأولى.
الأمر متوقع من الطرف الإسرائيلي، فهو ليس في وارد أن يتبنى قضية شعب آخر هو الذي اعتاد أن يأخذ ولا يعطي، فكل العالم ملزم بخدمته وهو لا يرى لغيره أي حق، فحتى التحالفات التي يعقدها هي دائما ما تصب في اتجاه واحد هي مصالحه حصرا، حتى إنه يتصف بالجحود مع ولي نعمته الأمريكي ويكثر من إظهار التذمر تجاهه لأهون سبب رغم أنه لا يشكل في المعادلة الإقليمية والدولية شيئا ذا قيمة لولا غطاء الأمريكان السياسي وإسنادهم العسكري، وسوابقه في تجسس مخابراته عليهم وعلى حلفائه الغربيين معروفة، وهو ما يكشف طينته التي لو وعاها القوم ما أبدوا دهشتهم من تقلب الموقف الإسرائيلي تجاه موضوع الصحراء الغربية وما ورطوا بلدهم في تحالف مشبوه تحول إلى تبعية عمياء له.
العتب يقع في نهاية المطاف على من راهن على الإسرائيلي وظن أنه أتى بحل سحري سينهي مشكلته من جذورها فتضخم سلوكه واستعدى الجميع، فإذ به يغرق البلاد في وحل الأزمات فمنذ التطبيع إلى اليوم سجل المغرب الرسمي رقما قياسيا في الأزمات الدبلوماسية دون أن يتقدم خطوة واحدة في مسار حسم قضية الوحدة الترابية.

لقد شكلت خرجة نتنياهو الأخيرة ضربة موجعة للدبلوماسية المغربية وهي ثاني ضربة تتلقاها بعد عدم اعتراف البيت الأبيض بمغربية الصحراء وبعد أن تبددت أوهام إقامة القنصلية الأمريكية في الداخلة، الشيء الذي يسائل أساليب الدبلوماسية المغربية القائمة على عنصر الاستقواء بالأطراف العالمية النافذة، والتي لا مصلحة لها في حسم ورقة ابتزاز ثمينة تلوي بها ذراع المغرب إلى أبد الآبدين مهما قدم لها من تنازلات.
المغرب أضعف نفسه بنفسه وبدل أن يقطف ثمار صفقته إذ به يخرج منها بوفاض خاوية، وفوق ذلك فقد احتفظ بعارها حيث أقر بمتاجرته بأعدل قضية كونية، فلا هو حقق المكاسب المأمولة ولا هو احتفظ بشرف ابتعاده عن الكيان الإرهابي، مما كشف عن تواضع الدبلوماسيين المغاربة وسذاجتهم هم الذين اعتقدوا في وقت سابق أنهم ضربوا خصومهم “ضربة معلم” باستنجادهم باللوبي اليهودي العالمي.
النتيجة أن نتنياهو قابل تودد المسؤولين المغاربة له بالاحتقار والذي لم يعد يقيم لهم أي اعتبار، فبعد أن اطمأن من مستويات اختراقه العالية للمغرب سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا نكص على كل التزاماته كأنه متأكد من احتشام ردود الجانب المغربي على استفزازاته، ذلك أن رئيس الوزراء الصهيوني وفي لسلوكه مع كل متسولي ربط العلاقات معه من العرب والمسلمين الذين يتعامل معهم بالعجرفة والاستعلاء كأنهم خدم عنده.
الكرة في ملعب النظام المغربي الذي يجب أن يقطع مع الصفحات القاتمة التي سجلها في تاريخ البلاد، والتي لا تشرف أي مغربي متعلق بأرض الأقصى وحريص على سيادة بلده، وما نحتاجه يتجاوز العتاب الذليل من طرفه إلى غضب حقيقي يقطع مع انتكاسة اتفاق دجنبر 2020 سيء الذكر خصوصا بعد استنفاذ كل أوراق المطبعين وانكشاف السراب الذي لهثوا وراءه طويلا.
*كاتب مغربي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …