الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / غزّة في صدارة المشهد!

غزّة في صدارة المشهد!

عدنان نصار*
لم تنعقد جلسة للرجال ، أو حلقة للشباب ، أو مجلس للنساء ، أو موعد لإقامة الصلاة ، او قداس ، إلا وكانت غزة على البند الأول من جدول الحديث ..فمن الجلسات ما يدعو لله بنصر غزة ، ومنها ما يدعو لسحق الطغاة الصهاينة ..ومن الجلسات ما يدخل في حلقة ذكر لله وحوقلة واستغفار، بعد كل هذا الدم المراق في غزة ، يقابله صمت غربي مخجل، يوازيه صمت عربي ،سمي مسكون بالاسئلة ..اسئلة كبيرة تجيء على لسان الناس اجمعين .؟!
فحديث الشارع الشعبي العربي من جرش مدينة اردنية ، إلى قرطاج في المغرب ، يحمل مفردات الزفرات الطويلة ، وآهات مملوءة بالألم ، ووهج نار يعشعش في الضلوع ، وضيق في الصدور ..أسئلة لا تبحث عن الإجابة ، بل تذهب إلى ما هو ابعد من ذلك ..فالإجابة على أسئلة الصمت الغربي والعربي ، باتت معروفة ومكشوفة ..، والاجابة على أسئلة الصمت العربي الرسمي باتت صادمة أكثر مما ينبغي ، وجارحة أكثر مما يجب ..، وهو بلا شك شعور شعبي عربي عام وضع كل أسئلته المتعلقة بالصمت المخيف ،في سلة وأعتبر الشارع الشعبي ان اي إجابة رسمية على أسئلة الناس تبقى مجرد فاكهة فاسدة أصابها “العفن” لا نشفي غليل قوم صابرين ..!
يبدو أن الأرض على رحابتها ،ضاقت بأسئلة الناس ..وصعب جدا على الرجال -الرجال ان يقبلوا الإهانة أو مس الكرامة ..فالعربي أصلا قائم على خليط مهيب من الفروسية والكرامة ، وتركيبته أقرب ما تكون إلى النسور ، الذين يفضلون الإنتحار على الإهانة.!
قال الحاج أبو العبد ، وهو يعدل من جلسته قبل بدء انعقاد الحديث : ماذا يريد العدو منا أكثر مما اخذ ، واضاف الرجل الذي يقف على مشارف السبعين : صرنا نشعر بالقهر بعد الحرج ، ولم يعد عندنا خلق لرؤية ما يجري على القضائيات ..وأردف ابو العبد يصف الحال ببيت شعر:”إذا أقبلت باض الحسام على الوتد ، وأن أدبرت قطعت جنازير الحديد “!! ..لم يرق الكلام لبعض الحاضرين واعتبروا ما قاله الحاج مجرد “طلاسم” في زمن الصمت .! تململ الحضور ونقلوا الحديث عن مجزرة النصيرات التي ارتكبها جيش الاحتلال ظهر السبت الفائت ..قال احد الحاضرين الحج ابو سعده ، في المجلس المنعقد في احدى مضافات القرية دون تدخل من محرر المقال بلهجة الرجل المحكية :” الله أكبر يا جماعة ، مشان تنقذ أربعة أسرى صهاينة بتكون الضحية ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ..يا أخوان والحديث للستيني ابو سعده لهدرجة دمنا رخيص ..الله اكبر.”!
ما يحدث في الشارع الشعبي العربي ، من تململ ، وما يطرح من أسئلة فاق المألوف في الطرح ، وتخطى حاجز الكلام الهاديء ، فعلى ما يبدو أن الصوت العالي لم يعد يجد معه السوط .!
شعبيا على المستوى العربي ، لم يعد اللعب على العواطف مفيد ، ولا للكلمات اي دور ..صار الإنسان العربي يبحث عن الفعل ويبحث عن إجابات على أسئلة يبدو أنها امتلكت جرعة قوية من الجرأة في طرح الأسئلة الكبيرة :” لمصلحة من هذا كل هذا الصمت العربي الرسمي..”؟!
لم تعد الموجات المؤثرة على الاعصاب ، التي يشتغل عليها العالم الغربي ، بقيادة امريكا لها اي تأثير على الشعب العربي بكل مكوناته وجغرافيته ..فموجات الإستفزاز الصهيوني -الأمريكي للشعور العربي بكل معتقداته الديتية باتت هي الأقرب للذاكرة العربية ، وهي الملازمة للاعصاب العربية ، وهي الأكثر مساحة من حيث المخزون في تاريخ الانسان العربي..فما تدعو اليه هذه الموجات الإستفزازية هو “الإستسلام والخنوع” من إجل إرضاء القائمين على أكبر قاعدة أمريكية في منطقتنا وأقصد بذلك الإحتلال في فلسطين العربية ..فهي عمليا دولة إحتلال وحماية لأكبر قاعدة امريكية .!!
الشارع الشعبي بكل تفرعاته ،يعرف ذلك جبدا ..وبدرك الشارع ذاته ان أمريكا وأقصد ساستها بيدهم كل شيء ..لكنهم يصرون على الإمساك بلغة القتل والقذائف ، ويتركون لغة الانسانية والسلام .
والشارع الشعبي العربي بكل ثقافاته ، يعرف ايضا حكاية امريكا مع “الهنود الحمر” ..ويعرف زيف “مشعل الحرية” ..الشارع الشعبي بعرف الكثير ، ويطرح أسئلة لا تخشى في الحق لومة لائم .. فالكريم لا يخشى عبثية اللئيم ، ولا يجلس الحر على موائد العبيد ..!
*كاتب وصحفي اردني.

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …