الجمعة , نوفمبر 22 2024

غزة لن تنسى مذابح صبرا وشاتيلا؟
د. فايز أبو شمالة*
مع بداية المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، طالب الصهاينة برحيل رجال المقاومة الفلسطينية من غزة، ومغادرتها سالمين إلى أي بقعة أرض يختارون، وقد ظن الصهاينة أن بمقدورهم، ومع المزيد من حرب الإبادة، أن يضغطوا على رجال المقاومة، حتى الانكسار، ومن ثم طلب النجاة بأرواحهم من جحيم غزة.
لقد حسب العدو الإسرائيلي أن المزيد من المجازر والذبح والموت الذي سيُصب على راس غزة، سيجبر المقاومين على ترك أهلهم وذويهم، والنجاة بأنفسهم، مع ضمانة أمريكية وإسرائيلية، ونسي العدو الإسرائيلي أنه يواجه رجالاً عقائديين، لا يهابون الموت، ولا ترد في قاموسهم مفردة الهزيمة أو الاستسلام، وأن عشقهم لفلسطين يطاول أعناق السماء، وأن التضحية في سبيل الله والوطن واجب مقدس، ونسي العدو الإسرائيلي أن رجال غزة قد أعدوا أنفسهم جيداً لمعركة طويلة الأمد، وأن جسامة التضحيات مرتبطة بحجم الأهداف المرجو تحقيقها من المعركة، ونسي العدو الإسرائيلي تجربة شعب فلسطين سنة 1948، يوم وثقوا بالجيوش العربية، وتركوا ديارهم مؤقتاً، كي يفسحوا المجال للجيوش العربية، التي أوهمتهم بتحرير فلسطين من عصابات الصهاينة، فتاهوا في الأرض عشرات السنين، ونسي العدو الإسرائيلي أن الفلسطينيين أصحاب تجربة نزوح مريرة عشية هزيمة 1967، ونسي العدو الإسرائيلي ما حدث في بيروت، سنة 1982، حين وثقوا بالمبعوث الأمريكي فيليب حبيب، وتركوا سلاحهم، وتخلوا عن أهلهم، وركبوا السفن في اتجاه المجهول، فكانت مجازر صبرا وشاتيلا.
لقد تجاوب الفلسطينيون المتحصنون في بيروت للوساطة الأمريكية، ووثقوا بتعهد المبعوث الأمريكي فيليب حبيب، ووثقوا بأمريكا التي ستضمن سلامة المقاتلين الخارجين من بيروت، على ظهر السفن، ووثقوا بالتعهد الأمريكي بأن لا ضير ولا ضيم سيلحق باللاجئين الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا، المخيمات التي شكلت ركيزة عمل الفدائيين الفلسطينيين، وشكلت عنوان الصمود الفلسطيني، وحضن الثورة النابض.
خرج الفدائيون الفلسطينيون من بيروت، بعد أن تخلوا عن سلاحهم، وركبوا ظهر السفن التائهة في عرض البحر، كي يجنبوا أهلهم وأولادهم وأمهاتهم ونساءهم وأطفالهم في مخيمي صبرا وشاتيلا، ويلات القصف الإسرائيلي، خرج الفدائيون الفلسطينيون ومعهم ضمانة أمريكية، وشهادة حسن سير وسلوك من المبعوث الأمريكي، خرجوا إلى المجهول، وتحملوا مشقة اللوعة والفراق والانكسار، حقناً لدماء أطفال صبرا وشاتيلا، ولم يخطر في بال الفدائيين أن العدو الإسرائيلي وحلفاءه يحضرون المذابح والمجازر والموت لسكان مخيمي صبرا وشاتيلا.
لقد ذبح مخيم صبرا بالسكين الأمريكية التي تعهدت لسكانه بالسلامة، ونصبت المشانق لسكان مخيم شاتيلا، وعلقت الأجساد البريئة على حبال الأحقاد الإسرائيلية، التي لم تنس، ولم تغفر للمخيمين الصامدين موقفهم من الثورة الفلسطينية، واحتضانهم للفدائيين الفلسطينيين، وهم يحاربون مغتصب أرض فلسطين.
تجربة 1982، وخروج المقاومين من بيروت لن تتكرر في غزة، ولن يقبل المقاوم أن يخرج من أرض غزة، ليترك أمه وأخته وبنته بين يدي الصهاينة، ولن يقبل طفل فلسطيني في مخيمات غزة ومدنها أن يخرج رجال المقاومة من غزة، طالبين النجاة بأنفسهم، وتاركين من خلفهم شرفهم وعرضهم ووطنهم نهباً للصهاينة.
الشعب الفلسطيني لن يسمح بتكرار تجربة بيروت 1982، وكل المحاولات الإسرائيلية للضغط على رجال المقاومة بهدف تأمين سلامتهم الشخصية، ورحيلهم عن أرض غزة ـ كما يطالب رئيس وزراء العدو نتانياهو ـ هذا المطلب يرفضه أهل غزة، قبل أن يتصدى له رجال المقاومة، وقد عاهدوا الله، وعاهدوا الوطن أن يدافعوا عن كرامة الأمة العربية كلها، وعن مقدسات المسلمين كلها، وعن تاريخ العرب النابض بالكرامة، حتى الرمق الأخير من حياتهم، دون انشطارٍ أو انكسارٍ.
لقد تعلم الفلسطينيون من تجاربهم، وحفظوا الدرس، وأدركوا أن عدوهم الصهيوني يريد أرض فلسطين خالية من السكان، أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، كما يزعمون.
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

إتلاف بضائع وسلع مستوردة مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة

اليمن الحرالاخباري/ اتلفت الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة فرع محافظة الحديدة وبالتعاون مع ديوان …