الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / اراء / إسرائيل ..فترة تاريخية وليست قطعة من الجغرافيا!

إسرائيل ..فترة تاريخية وليست قطعة من الجغرافيا!

مصطفى محمد حابس
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للسابع من أكتوبر، وتنفيذ حملة الإبادة الجماعية ضد شعبينا في قطاع غزة و لبنان، يمكن القول بشكل قطعي؛ إن أكبر ضحايا هذا العدوان الفاشي بعد الشعبين الفلسطيني و اللبناني ، هي الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لدرجة أن مسؤولًا أمميًا في أحد تصريحاته قال : “إننا في المؤسسات الدولية بعد السابع من أكتوبر 2023، لن نستطيع الحديث مع أيٍّ كان حول العالم، بخصوص القانون الدولي الإنساني وضرورة الالتزام به”. لا لشيء الا لأنه بعد السابع من أكتوبر 2023، اجتمعت المؤسسات الأممية عشرات المرات، سواء في الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وفي كل مرة كان القرار واضحًا: “المطالبة بوقف العدوان فورًا، اتهام الكيان بارتكاب جرائم حرب، والمطالبة بإغاثة السكان، وتثبيت الحق الفلسطيني في تقرير المصير والدولة المستقلة”. وكانت النتيجة الإجمالية بعد عام من العدوان فشل المجتمع الدولي فشلًا ذريعًا في فرض إرادته على العدو الصهيوني، وكانت الإدارة الأميركية هي العامل الأساس في إفشال الإرادة الدولية من خلال استخدامها حق النقض الفيتو 4 مرات في مجلس الأمن، واحتكار العملية التفاوضية، المنحازة.
علما أنه حتى قبل هذا التاريخ ومنذ عقود كانت و لازالت ” دار لقمان “الأممية” لازالت على حالها، ومشكلات المسلمين وهمومهم واحدة في الأفراح و الأقراح، في الشرق كما في الغرب في الشمال كما في الجنوب … قد تختلف صورها وأشكالها وعناوينها حسب التاريخ و الجغرافية أحيانا ولكن يبقى جوهرها واحدا… ذلك أن العوامل والأسباب والمخططات المرسومة لعالم المسلمين و عامتهم، واحدة !!
وقد تتجاوز هذه المشكلات حدود العالم الإسلامي بأبعاده المعروفة جغرافيًا، فتنتقل مع المسلمين، أفرادًا وجماعات، حيثما حلوا و ارتحلوا… ولعل ما يواجهنا نحن الجاليات الإسلامية في ديار الغرب – اليوم و الحرب تقرع طبولها – أبلغ دليل على ذلك، وإن كانت لمجتمع الاغتراب مشكلات إضافية ذات أوجه متعددة : اجتماعية، اقتصادية وسياسية و ثقافية و.. خذ على سبيل المثال، مواقف صارخة لتصرف العدو الصهيوني هذه الأيام تحديدا في الفترة ( 24 – 30 سبتمبر 2024) في قصر الأمم بمناسبة الاجتماع الــ 79 للجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، كيف يضرب بنيامين نتانياهو- صاحب أطول فترة في منصب رئيس الوزراء بإسرائيل – عرض الحائط القانون الدولي الإنساني، أمام حكام العام و رؤساء الدول، ناهيك عن موقف زعماء أوروبا و أمريكا و الغرب عموما في قضيتي فلسطين و أكرانيا، لا ضرر و حرج أن يمحق شعب فلسطين الأعزل عن بكرة أبيه من طرف كيان الدولة العبرية النووية بمساهمة و مباركة أمريكا و حلفائها، في حين نصرة أوكرانيا بالمال و دعمها حتى بالسلاح من طرف القوى العظمى وذلك حتى على حساب قوت مواطنيها !!.
لعبة الأمم في قصر الأمم، عنوانها : ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين
إنها ببساطة ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين وهو مفهوم سياسي صيغ بهيئته الحديثة منذ عام 1912، الذي يشير إلى مجموعة من المبادئ التي تتضمن أحكاما مختلفة لمجموعة من الناس مقارنة مع مجموعة أخرى مهما كانت عدتهم و عتادهم، ويمكن وصفها بأنها نوع من التحيز الظالمة لأنها تنتهك مقولة أساسية في الفقه القانوني الحديث : ” ان جميع الأطراف يجب أن تقف على قدم المساواة أمام القانون”. والكيل بمكيالين أيضا يُعدّ انتهاكا لمبدأ العدالة المعروفة باسم الحياد في دنيا الناس في دولة مثل سويسرا التي انقلبت على مبادئها في القضية الفلسطينية، والذي يقوم على أساس افتراض أن نفس المعايير ينبغي أن تطبق على جميع الناس في العالم الواحد، ومن هذا المنطلق نشأت واقعة الكيل بمكيالين، أي ان الدولة تهرع لنصرة المظلوم حينما يتطابق هذا الفعل مع مصلحتها الخاصة، وتحجم عن ذلك أو حتى تقف مع الظالم عندما يكون الوقوف مع المظلوم متعارض مع مصلحتها الخاصة أو متقاطع مع استراتيجيتها العامة. ومن الطبيعي أن يكون السلوك المبني على المصلحة الخاصة متعارض مع أسس العدالة وإحقاق الحق ونصرة المظلوم.
إذ أن تجربة الحرب المجنونة في غزة اليوم، تمثّل الدرس الأكثر وضوحاً حيال نمط التفكير عند أهل القرار في كيان الاحتلال. الأمر لا يتعلق فقط بالقوة النارية، بل في الأهداف أيضاً. بمعنى أنّ كل حديث يصدر في الإعلام أو حتى في الأروقة الديبلوماسية عن أن إسرائيل تريد التخلّص من تهديد حزب الله لسكان المستعمرات الشمالية من اسرائيل، لا يمثل على الإطلاق الهدف الفعلي لهذه الحرب. الأميركيون يغطون العملية العسكرية الإسرائيلية، ويوفرون الدعم للعمليات، مبررين ما يحصل بأنه انتقام ممّا فعله حزب الله اللبناني على مدار السنوات الماضية، أو أنه وقائي لأن حزب الله يخطط لمهاجمة إسرائيل. لكنّ واشنطن توفر الدعم للمهمة الأكثر أهمية، والتي تستهدف تدمير لبنان الدولة المريضة، ومؤسساتها العسكرية والسياسية والمدنية والاجتماعية، وصولاً إلى شطب المقاومة اللبنانية من المعادلة في لبنان. مع هدف آخر، يعتقدون أنه سيكون تحصيل حاصل، إذ تريد أميركا وإسرائيل ودول عربية وإقليمية التخلّص من دور حزب الله وتأثيره في ساحات المواجهة الأخرى. وتحديداً في سوريا والعراق واليمن وصولاً إلى إيران نفسها..
وهذا ما دعت اليه أمريكا تصريحا لا تلميحا غير ما مرة، وقد تداولت وسائل الاعلام تلك التصريحات النارية و الضربات تحت الحزام العلنية و التي صرح بها دون حياء و لا اعتبار هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق منذ أزيد من 13 سنة، و تداولتها وسائل الإعلام طولا و عرضا، نقلا عن حوار له، تحت عنوان:
!!” الحرب العالمية الثالثة قادمة والمسلمون سيتحولون فيها إلى رماد”
حيث أدلى بتاريخ 27 نوفمبر عام2011، بتصريحات مدوية وخطيرة، و كررها أخيرا بتبجح منذ عامين أو ثلاث قبل وفاته، وذلك بعدما ابتلعه صمت طويل حتى كاد الناس ينسون وجوده، وقال كيسنجر في حوار أجرته معه جريدة “ديلي سكيب”، “إن الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب وإيران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب، التي سيكون على إسرائيل خلالها أن تقتل أكبر عدد ممكن من العرب وتحتل نصف الشرق الأوسط”
وأضاف المتحدث ذاته قائلا: “لقد أبلغنا الجيش الأمريكي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الاستراتيجية، لنا خصوصا أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهي ضرب إيران”.
وزاد قائلا: “عندما تتحرك الصين وروسيا و تستيقظ من غفوتها سيكون (الانفجار الكبير) والحرب الكبرى قد قامت، ولن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي إسرائيل وأمريكا. .وسيكون على إسرائيل خلالها القتال بكل ما أوتيت من قوة وسلاح، لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط”.
وأضاف كيسينجر منذرا بأن “طبول الحرب تدق بالفعل في الشرق الأوسط، و الأصم فقط هو من لا يسمعها”، مبرزا أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي – من وجهة نظره – فسوف تسيطر إسرائيل على نصف منطقة الشرق الأوسط.
وأشار كيسنجر إلى أن الشباب الأمريكي و الأوروبي قد تلقوا تدريبات جيدة خلال القتال في السنوات العشر الماضية، و عندما ستصدر لهم الأوامر بالخروج إلى الشوارع لمحاربة تلك (الذقون المجنونة) – حسب تعبيره – فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم [يقصد المسلمين] إلى رماد.
كما صرح كيسينجر أيضا بأن “أمريكا وإسرائيل قد جهزتا نعشاً لروسيا وإيران، وستكون إيران هي المسمار الأخير في هذا النعش، بعدما منحتهم أمريكا فرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة. بعدها ستسقطان للأبد، لتتمكن أمريكا من بناء مجتمع عالمي جديد، لن يكون فيه مكان سوى لحكومة واحدة تتمتع بالقوة الخارقة”.
و أكد كيسنجر أنه حلم كثيراً بتلك اللحظة التي تتحقق فيها رؤيته هذه للأحداث. ولمن لا يعرف هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وأحد أشهر أباطرة الحكم العالمي ومهندسي النظام العالمي الجديد، الذي عمر أكثر من 100 سنة ، حيث ولد عام 1923 في ألمانيا لأسرة يهودية، و توفي العام الماضي بتاريخ 29 نوفمبر 2023.
القتل والاغتيال باتت عقيدة العقلية اليهودية الصهيونية، عبر التاريخ:
شخصية مصبوغة بالدم وبنت عقيدتها على الكره لوجود الآخرين واعتمدت مبدأ تشويه الآخر ووصفه بصفات تبيح لهم محو المعادين واستباحة دماءَهم و أعراضهم وممتلكاتهم.. نعم هذه هي الشخصية اليهودية المتزاوجة مع الصهيونية، فديانة اليهود المحرفة ” لا تعتبر الآخرين بشراً بل حيوانات بشرية على صورة إنسان كي يخدموا اليهود فقط”.. هذه العقلية جعلتهم يعتمدون مذهب القتل للتخلص من خصومهم واعتبروه منهجاً ربانيا يلتزمون به !!
فقد قال الله عنهم : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ }-21 آل عمران
وقد حفل تاريخهم بالإجرام فقد حاولوا قتل يوسف عليه السلام،
ومن بعده هارون عليه السلام حيث قال الله عنه : : { قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }- 150 الاعراف
وقتلوا يحيى عليه السلام، وتآمروا على عيسى واعتقدوا أنهم قتلوه ولكن الله رفعه إليه
وتآمروا على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عدة مرات فوضعوا له شاة مسمومة وحاولوا إلقاء صخرة من أعلى الحصن عليه، أما على الشعوب المستضعفة فحدث عن البحر ولا حرج يكفينا قول الله فيهم: { كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً”}- سورة المائدة – الآية 64.
هذا كله و أكثر من هذا، لم يأت من فراغ بل من تعاليمهم المدسوسة وعلى ألسنة حاخاماتهم عبر الأجيال !!
هذه العقلية مضت عبر التاريخ تكتب أدبياتها وتحرف ديانتها نحو القتل و الكره للشعوب كلها مما أثار شعوب العالم ضدها فأحرقت كتبها في أوروبا أكثر من عشرين مرة ، وطردوا ، وأصبح اليهودي عنواناً للشر والمرض ، والربا والزنا وكل ما هو قبيح في هذا الكون !!
وهذا ما تمخض عنه استنساخ الحروب الصليبية في المشرق والإتيان باليهود الصهاينة ليكونوا كياناً وظيفياً لخدمة الصهيونية المتزاوجة مع الغرب الصليبي لخدمة التوجه الاستعماري للدول الغربية ومنه انبثقت الماسونية (البناؤون) وما لها من ملحقات، واعتبرت السيطرة والقوة والمال وسيلة للوصول إلى حكم العالم، وأسقطت منظومة الأخلاق في تعاملها مع الخصم واستخدمت الحروب والقتل والحصار للوصول لأهدافها !! ولا اعتبار للدين عندها في إباحية مستمدة من التاريخ الصهيوني، لأن الدين وسيلة وليس غاية، والمبدأ لديها إباحة كل الوسائل للوصول للأهداف، و هذا ما يلمحه جليا كل إنسان تعامل معهم في الغرب.. و لله في خلقه شؤون !! هذه لمحة سريعة ومختصرة عن العقلية اليهودية الصهيونية، أما اليهودية كديانة و قليل هم معتنقوها، فهم مساكين أصواتهم مغمورة و هم متهمون بالخيانة العظمى للدين و الرب والوطن!!
حين يصبح الخبر ” نحن”، هنا تتجسد المأساة في أعمق أعماقنا، ماذا نقول و قد بحت أصواتنا؟ ماذا نكتب، و قد جفت محبرتنا؟ لمن نشتكي ومن يسمع شكوانا !!
و نحن منذ عقود في بلاد الغرب كمسلمين وكبشر بفطرتنا ناهيك عن ديننا، نشعر بأوجاع الآخرين، مهما كان أصلهم و فصلهم و دينهم، نتألم لآلامهم ونحزن لحزنهم، و كملاحظين نكتب أخبارهم ونبكي لحالهم و نتأسف لوضعهم، تلك هي تربية مدرسة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)!! ولكن حين يصبح الخبر ” بيتنا نحن” ليس كأفراد أو عائلات، بل قطعة منا، وطننا الإسلامي و بلادنا العربية، هنا تتجسد المأساة في أعمق أعماقنا. نموت ألف ميتة مع كل كلمة نخطها، ونشهق ألف شهقة مع كل فاصلة نكتبها. ولا نجد في النقط نهاية للآلام، بل هي بداية لصرخة تمتد من أعماق الروح، حتى تشقق صدورنا. في تلك اللحظات، يصبح الألم شخصيًا، يغمرنا من كل جانب، ونجد أنفسنا نعيش الحكاية بكل تفاصيلها، لا كرواةٍ، بل كأبطال محاصرين في حبكتها.. ماذا نقول و قد بحت أصواتنا؟ ماذا نكتب، و قد جف حبرنا؟ لمن نشتكي ومن يسمع شكوانا ؟ و ديار الغرب الموحشة، تكيل لنا بمكيالين و تكيد حتى لشعوبها، لكن على كل مسلم و إنسان حر في هذه الظروف الصعبة، أن لا يبخل بجهد ووقته وماله لإخواننا المضطهدين في تلك البقعة المباركة ، عملا بقول الشاعر الحكيم ( أحمد مطر)، في هذه القاعدة البديهية المختصرة في أبيات ثلاث، حيث اوصنا منشدا بقوله :
وإذا تركت أخاك تأكله الذِّئابُ *** فاعلم بأنَّك يا أخاه ستُستَطابُ
ويجيء دورك بعده في لحظة *** إن لم يجئْكَ الذِّئب تنهشكَ الكلابُ
إن تأكلِ النِّيرانُ غرفة منزلٍ *** فالغرفة الأخرى سيدركها الخرابُ!
مطمئنين لوعد الله سبحانه لنصرة المستضعفين في كل بر و بحر، مستبصرين بكلمات حكيمة لشيخنا الجليل الشاعر العلامة الإمام أحمد سحنون، رحمه الله، تلخصها هذه الأبيات المعبرة عن إيمان صادق – لا يداخله شك – بقدوم فجر صادق مهما كان ظلام الليل الدامس وكيد الأعداء و البغاة، منشدا ذات يوم عن سنة تداول الأيام بين الناس :
سيمضي نهار و يأتي نهار*** وينتصر الحق أي انتصار
ويندحر الظلم أي اندحار*** و يمضي البلاء و يأتي السلام
فلا يطمئن دعاة الظلام *** و لا يقنطن هداة الأنام
سيقب هذا العبوس ابتسام***فما الانحراف طريق الدوام
و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل ..

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!

محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …