د. طارق ليساوي*
إسرائيل اليوم ونخبتها الحاكمة تؤمن إلى حد “الثمالة” والإيمان الأعمى، بهذه النبوءات التوراتية، بل و تعمل على تنفيذها والسير على خطاها ، فقد تابعنا جميعا على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لوزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف “بتسلئيل سموتريتش”، يقول فيه إن حدود إسرائيل يجب أن تمتد لتشمل أراضي من 6 دول عربية. وكان سموتريتش أدلى بتلك التصريحات عام 2016 للقناة الثانية الإسرائيلية، وقتها كان “سموتريتش” عضوا بالكنيست عن حزب “البيت اليهودي”، وجاء في التصريحات أن دولة إسرائيل يجب أن تضم العاصمة السورية دمشق، والأردن وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية والعراق.. وليس غريبا أن نجد أن الرئيس الأمريكي السابق و المرشح الحالي “ترامب” يعد بتوسيع مساحة إسرائيل لأنها بنظره صغيرة جدا !!
البقرات الحمراء:
و لعل في ذلك دعم لأطروحة و أحقية المقاومة الفلسطينية التي فهمت و هضمت ذهنية المحتل الصهيوني و استوعبت و تنبأت لمخططاته التوسعية و الدجالية، و من ذلك استجلاب و استنساخ “البقرات الحمراء” من ولاية تكساس قبل عملية الطوفان بنحو سنة، و التحضير ل”ملك اليهود المنتظر”..و قد أشار الناطق الرسمي باسم المقاومة الفلسطينية “أبو عبيدة”، في كلمة له يوم 14 يناير/كانون الثاني 2024 إلى أن البقرات الحمراء لدى إسرائيل قد أصبحت جاهزة..
ففي عام 2022 تم شحن 5 أبقار مرشحة لأن تكون هي البقرة المنتظرة، من ولاية تكساس من مزرعة سرية تابعة لمعهد “تمبل” في مدينة بيسان شمالي الأغوار..و بحسب تقرير لقناة 12 العبرية فإن ” الحكومة الإسرائيلية قدمت إجراءات استثنائية لهذه البقرات الخمس، إذ لم تخضعها للفحص الإلزامي ولم تضع عليها الأختام الخاصة بالأبقار، وأن هناك شخصيات مثيرة للجدل حول هذه الأبقار، من بينهم الحاخام “يسرائيل أرئيل” الذي كان نائب الحاخام المتطرف “مائير كاهانا” المصنف في إسرائيل نفسها إرهابياً.”.
مقدمة لهدم المسجد الأقصى:
والمؤكد أن شراء إسرائيل “البقرات الحمراء” يعد مقدمة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المقدس المزعوم على أطلاله…
والبقرة الحمراء أو كما يقال لها بالعبرية “بارا أدومَّا”، هي بقرة ينتظرها اليهود من أجل هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث، وتتلخص بأن تكون بقرة ذات لون شعر أحمر كامل، لا يوجد فيها ولو شعرتان من أي لون آخر، لم تحمل ولم تحلب ولم يوضع برقبتها حبل وقد ولدت ولادة طبيعية وربيت على ما يقال إنه “أرض إسرائيل”…عندما تبلغ العامين يمكن استخدامها في عملية تطهير ينبغي أن تجري فوق جبل الزيتون في القدس مقابل المسجد الأقصى، حيث يتم ذبحها بطريقة وطقوس خاصة، ثم حرقها بشعائر مخصوصة، واستخدام رمادها في عملية “تطهير الشعب اليهودي”.
وبحسب ما ذكر في موقع “Messianic Bible” فإن هذه البقرة تقدم إلى الكهنة من أجل ذبحها بعد إضافة خشب الأرز والزوفا والصوف والغزل القرمزي المصبوغ، قبل أن يوضع الرماد المتبقي في إناء يحتوي على ماء نقي جارٍ أو من مياه الأمطار.( أنظر تقرير أعده موقع عربي بوست بتاريخ 14-01-2024 )
ووفقاً للعقيدة اليهودية فإن الماء يرش باستخدام مجموعة من أوراق نبات “الزوفا” على الشخص الذي لامس البقرة من أجل تطهيره من النجاسة… وفي اليومين الثالث والسابع بعد حرق جثة البقرة، يقوم الكاهن الذي ذبح البقرة بالاغتسال بمياه جارية لتطهير نفسه من نجاسة البقرة.
التطهر من نجاسة الموتى:
وفقاً لما ذكره موقع Middle East Monitor، فإن الحاخامية الكبرى لإسرائيل تحرم على اليهود دخول المسجد الأقصى، وهي فتوى قديمة قائمة على فكرة نجاسة الموتى.
فالشريعة اليهودية التي تتبناها الحاخامية الكبرى، تشترط طهارة الشعب قبل السماح له بدخول المسجد الأقصى المبارك، الذي يعبرون عنه بقولهم “الصعود إلى جبل المعبد”.
نهاية الزمان:
ولكي يحصل اليهود على “الطهارة” عليهم انتظار ظهور بقرة حمراء “خالية من العيب” والتي تعتبر، بحسب اليهودية، مركزية للتنبؤ بـ”نهاية الزمان”، وبالتالي تمهيد الطريق لتسريع هدم المسجد الأقصى وإفساح المجال لبناء ما يسمى “الهيكل الثالث”.وقد جاء في كتاب “سفر العدد” وهو أحد الأسفار المقدسة في “التناخ” الكتاب المقدس لدى الديانة اليهودية والعهد القديم لدى المسيحية؛ والذي يعتبر أحد الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى موسى ويشكل جزءاً من التوراة: “هذه فريضة الشريعة التي أمر بها الرب قائلاً: كلم بني إسرائيل أن يأخذوا إليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها، ولم يعل عليها نيرٌ”.
تحالف صهيو-صليبي:
و يعتبر الحاخامات البقرة الحمراء من أسرار التوراة، وأن رمادها سيطهر اليهود من الخطيئة والدنس..ويدعي اليهود أنه منذ أكثر من 2000 عام لم تولد بقرة حمراء بهذه المواصفات مُطلقاً..ووفقاً لما ذكره موقع Forward وهو موقع أمريكي متخصص بأخبار اليهود، فإن ظهور البقرة ليس مهماً لدى اليهود وحسب، وإنما لدى المسيحيين أتباع الطائفة الإنجيلية، التي تبشر لهم بنهاية الزمان، وعودة يسوع إلى الأرض.
هيكل سليمان:
فالصهاينة يحلمون بإحياء مملكة الملك – النبي سليمان عليه الصلاة و السلام، لذلك فالحدود الحقة لصناع الحلم الصهيوني تمتد إلى حدود ” مملكة سليمان” و الغاية التي تحكم العقل الاستراتيجي الصهيوني هو البحث عن هيكل سليمان بل و أسرار و كنوز “نبي الله سليمان” والتي مكنته من تسخير شياطين الجن والإنس لخدمة مشروعه… لكن وبعد قرون من الجهد التنظيري والتحريفي نجحوا إلى –حدما في إقامة وطن لهم- على أرض فلسطين المحتلة، وحدودهم كما يشير علمهم “من البحر إلى النهر”، وسعيهم لإختراق المنطقة العربية وتفتيتها هدف استراتيجي للكيان الصهيوني والغاية تحقيق الحلم الصهيوني…
الصهيونية التصحيحية:
وقد تابعت بالأمس تقارير صحفية نقلا عن وسطاء مصريين بأن مفاوضات وقف إطلاق النار، من المحتمل ان تتوقف إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، فالقيادة الصهيونية المتطرفة و على رأسها النتينياهو أكثر ميلا للرئيس “ترامب” ، فالنتنياهو يعمد إلى سياسة التصعيد و عرقلة أي صفقة محتملة لتبادل الأسرى مع حركة حماس لحين عودة ترامب، وذلك من أجل تحقيق هدفين أولهما -تقديم تلك الصفقة كهدية لترامب في بداية ولايته…وثانيهما – الحصول على ضوء أخضر من أجل ضم أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، وشمال غزة، وشرقها، وذلك في إطار صفقة القرن التي روَّج لها ترامب قبل نهاية ولايته السابقة..
فترامب قبل أيام صرح بأن مساحة إسرائيل صغيرة جدا و ينبغي توسيعها، و لا ينبغي النظر إلى هذا التصريح على أنه دعاية انتخابية و مزايدة على منافستها هاريس، وإنما الأمر أكبر من ذلك ، فهو إيمان أعمى بمعتقدات توراتية و تلمودية فاسدة، و أفكار متطرفة و من ذلك ما يسمى بالصهيونية التصحيحية أو التحريفية التي يؤمن بها نتنياهو و تحالفه الحكومي ، لأن والده بن صهيون نتينياهو من منظري و دعاة هذا التيار المتطرف، وهذا القاسم المشترك مع والد السيد ترامب ” فريد ترامب” الصديق المقرب و الشريك لنتنياهو، و كما يقال فإن الابن سر والده ، و حتى لا أطيل عليكم سأحاول تفصيل هذا الموضوع في المقال الموالي إن شاء الله تعالى .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
*كاتب وأكاديمي مغربي
شاهد أيضاً
ترمب ومعضلات الشرق الأوسط!
د. سنية الحسيني* من الواضح أن الشرق الأوسط الذي خرج منه دونالد ترامب في مطلع …