اليمن الحر الاخباري/ متابعات
صادف اليوم الجمعة الأولى من رجب 1442 هجرية، والتي يتخذ منها أهل اليمن عيداً دينياً يعبّرون فيه عن حمدهم لله تعالى على نعمة الإسلام بمظاهر من الابتهاج وإحيائها باحتفالات وابتهالات وموشحات دينية وإنشادية.
وتشكل جمعة رجب بالنسبة لليمنيين، حدثاً مهماً لتجديد العهد والولاء والارتباط بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ واستحضار الفضائل التي اعتاد أهل اليمن منذ القدم إحيائها بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام والتوسع على الأهل بالذبائح ولبس الثياب الجديدة.
وكانت مختلف مناطق اليمن قد احيت امس وخلال الايام الماضية فعاليات مختلفة احتفاء بهذه المناسبة العظيمة
ويٌحيي اليمنيون الجمعة الأولى من رجب الحرام، ذكرى دخولهم في دين الله أفواجاً، لما تمثله هذه الذكرى من أهمية في تعزيز الارتباط بالهوية الإيمانية ودورهم في حمل راية الإسلام والعقيدة ونشرها إلى أرجاء المعمورة.
وتشكل جمعة رجب بالنسبة لليمنيين، حدثاً مهماً لتجديد العهد والولاء والارتباط بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ واستحضار الفضائل التي اعتاد أهل اليمن منذ القدم إحيائها بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام والتوسع على الأهل بالذبائح ولبس الثياب الجديدة.
وفي ظل استمرار العدوان ومحاولة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي طمس الهوية الإيمانية اليمنية، اعتاد أهل اليمن إحياء ذكرى جمعة رجب والاحتفال بها خاصة في المساجد واعتبار هذه المناسبة يوماً مشرقاً في تاريخهم.
يجد اليمنيون في عيد جمعة رجب مناسبة خاصة نقلتهم نقلة نوعية من الكفر والشرك والإلحاد إلى عبادة الواحد الأحد، بخلاف عيدي الفطر والأضحى اللذان يعتبران عيدان لجميع المسلمين، بينما عيد جمعة رجب خاص بأهل اليمن، يٌحتفى بها في مناطق واسعة من البلاد.
ينفرد أهل اليمن بخصوصية في إحياء يوم جمعة رجب باعتباره جزء من مورثهم الثقافي وهويتهم الإيمانية التي تؤكد ارتباطهم بالرسالة المحمدية منذ دخولهم في الإسلام.
ويعيش معظم أبناء اليمن بمختلف مشاربهم، أجواء فرح وبهجة، في الجمعة الأولى من شهر رجب بتبادل الزيارات وتفقد الأرحام والأقارب وتفقد الفقراء والمساكين والمحتاجين تجسيداً لقيم التراحم والتكافل الاجتماعي، وتجهيز البخور وأنواع الطيب.
وتحيط بجمعة رجب أجواء ايمانية وروحانية، منذ انطلاق الناس للمساجد لاستماع المواعظ بهذه المناسبة والتي تٌعد من نعم الله على أهل اليمن وتقلدهم الأوسمة والنياشين الربانية والنبوية واستذكار الدروس والعبر في هذه المناسبة.
تتعدد أوجه احتفال أهل اليمن بعيد جمعة رجب بالعاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية، لمكانتها الدينية والتاريخية المرتبطة بدخول الإسلام إلى اليمن ووصول الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه مبعوث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلى صنعاء والصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، إلى منطقة الجند.
جمعة رجب حدث تاريخي
يقول نائب وزير الأوقاف والإرشاد العلامة فؤاد ناجي” ذكرى جمعة رجب حدث تاريخي، دخل أهل اليمن دين الله أفواجا بطريقة مشرفة وهي حالة استثنائية اختلفت فيها بقية بلدان الإسلام التي خضعت للسيف، لكن في اليمن لم يكن فيها فتح، كما هو فتح مكة ومصر والعراق”.
وأضاف” إن اليمنيين خضعوا لمنطق العقل والحكمة والحجة في دعوتهم لدين الله، وهو ليس بغريب عليهم، حيث سجّل القرآن الكريم مواقف مشرفة لهم ومثال ذلك إسلام مملكة سبأ على يد ملكتهم بلقيس لنبي الله سليمان عندما دعاهم إلى دين الله وخضعوا بمنطق الحجة والعقل”.
ولفت العلامة ناجي إلى أن مواقف أهل اليمن الحكيمة والمشرفة استمرت على مر التاريخ، حتى فجر الدعوة الإسلامية التي انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل اليمن ياسر بن عامر وولده عمار ياسر وسمية الذين كانوا من أوائل من استشهد في تاريخ الإسلام.
وقال” أنصار رسول الله عليه الصلاة والسلام من قبيلتي الأوس والخزرج بعد التحاقهم في الإسلام، كانوا يمثلون قاعدة صلبة لانطلاق دين الله في بدايته الأولى ودرع واقي للإسلام ورسوله ودخلوا في الإسلام بطريقة مشرفة استحقوا أن يكونوا أنصاراً لدين الله”.
وتطرق نائب وزير الأوقاف إلى توالي المواقف الحكيمة لأهل اليمن حتى دخلوا في دين الله أفواجا في السنة الثامنة من الهجرة في الجمعة الأولى من رجب، على يد مبعوث النبي عليه الصلاة والسلام الخاص إلى اليمن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأضاف” ما إن وصل الإمام علي إلى صنعاء وحط رحاله والتقى بعلية القوم من أبناء اليمن وقرأ عليهم رسالة الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى انخرطوا في دين الله أفواجاً وقد سجّل القرآن الكريم تلك اللحظة بسورة النصر التي اعتبرت دخول اليمنيون الإسلام نصراً وتحولاً كبيراً في تاريخ الدعوة الإسلامية ونزل قوله تعالى “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا “.
تجديد الهوية الإيمانية
وأوضح العلامة ناجي أن احتفال اليمنيين بجمعة رجب، هو شكر لله على نعمة الإسلام وتجديد بالسير على العهد والهوية الإيمانية التي عنونها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بلغه بإسلام أهل اليمن، فسلم عليهم ثلاثاً.
واعتبر دخول أهل اليمن في دين الله، نصراً مؤزراً لأمة الإسلام وتحولاً في تاريخ الرسالة وإضافة نوعية للأمة الإسلامية على يد النبي عليه الصلاة والسلام.
وبين نائب وزير الأوقاف أن اليمنيين ظلوا يذودون عن الإسلام والإيمان حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلاقتهم وطيدة مع الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه.
فيما أشار مفتي الديار اليمنية رئيس رابطة علماء اليمن العلامة شمس الدين شرف الدين في ندوة بالجامع الكبير بصنعاء إلى الأهمية التي تكتسبها جمعة رجب الحرام، ذكرى دخول اليمنيين في الإسلام.
وقال “إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ فجر الإسلام، أكد أن الدين سيكون له كلمته في أنحاء المعمورة على أيدي رجال من أهل اليمن، فقال وأمدني بملوك حمير يأتون فيأخذون مال الله ويقاتلون في سبيل الله، وقوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم وأشار بيديه لليمن”.
جمعة رجب عيد يٌحتفى به
بدوره أكد وكيل وزارة الأوقاف المساعد الشيخ جبري إبراهيم حسن، أهمية إحياء جمعة رجب وإبراز مظاهر هذه الذكرى، تعبيراً عن فرحة أهل اليمن بدخولهم في الإسلام.
وقال ” لليمنيين مع ذكرى جمعة رجب، مناسبة عظيمة وجليلة، هذا الشهر الكريم فيه دخل اليمنيون الإسلام وجاء الإمام علي إلى اليمن والتقى بالقبائل وأحب اليمن واليمنيين وأحبوه، ورحبوا به، ولا تجد جبل من الجبال ولا سهل من السهول إلا ومآثر الإمام علي موجودة فيه، وذلك يدل على حبهم لدين الله ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته”.
وأشار الشيخ جبري إلى أن أول جمعة من رجب عند أهل اليمن عيد يحتفى به، يتطيب الجميع فيه ويلبسون الثياب الجديدة، ويعتبرونها جمعة طيبة مباركة لما أنعم الله به عليهم بدخولهم الإسلام ودخول اليمن الإسلام.
خصوصية جمعة رجب
الوكيل المساعد لوزارة الأوقاف عبدالوهاب المهدي، أشار إلى أن ذكرى جمعة رجب، تحتل أهمية ومكانة لدى أهل اليمن لخصوصيتها في نفوسهم بدخولهم الإسلام ومناصرتهم للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ولفت إلى الدلالات من ذكرى جمعة رجب والاستفادة منها في تعزيز الأخوة والتلاحم بين أبناء المجتمع اليمني، في ظل استمرار العدوان ومحاولته طمس هوية وتاريخ وحضارة اليمن.
وعبر الوكيل المهدي عن اعتزاز أبناء اليمن بهويتهم الإيمانية .. مشيراً إلى أن إحياء اليمنيين لهذه الذكرى، استذكاراً لدورهم الكبير في نشر الإسلام ومناصرته والدفاع عنه.
شهر رجب نفحات إيمانية
أمين عام المجلس الأعلى للأوقاف الشيخ مقبل الكدهي، أشار إلى تميز شهر رجب عند أهل اليمن بالنكهة التاريخية والنفحات الإيمانية والمحمدية والقرآنية.
وقال “جاء الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه إلى اليمن ما سل سيفاً على الإطلاق، حيث دخل اليمنيون في دين الله أفواجاً، فبعث رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال يا رسول إن همدان دخلت الإسلام عن بكرة أبيها فدعا النبي عليه الصلاة والسلام فقال “اللهم اجمع شملهم وانصرهم على من عاداهم ولا تنكس شوكتهم”.
وأكد الشيخ الكدهي أن الاحتفال بجمعة رجب إحياء للهوية الإيمانية اليمنية والقيم الإنسانية التي اتصف بها أهل اليمن كما وصفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان”.
تسجيل الموقف
من جهته أشار نائب رئيس جامعة دار العلوم الشرعية بمحافظة الحديدة الشيخ علي العضابي إلى أن إسلام أهل اليمن ودخولهم في دين الله أفواجا، صادف في شهر رجب وأول جمعة من رجب .. مبيناً أن الله تعالى أعد أهل اليمن لنصرة الإسلام وكان دخولهم في دين الله من أعظم ما أعز الله به الإسلام والمسلمين.
وأفاد بأن الله تعالى سجلّ إسلام أهل اليمن في كتابه الكريم، على يد أفضل رجل بعد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الإمام علي كرّم الله وجهه قال جل وعلا “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا “.
وقال” إن النبي عليه الصلاة والسلام فرح أيما فرح عندما أرسل إليه الإمام علي يبشره بدخول اليمنيين في الإسلام، وذلك أثناء اجتماعه بهم لقراءة رسالة الرسول عليه الصلاة والسلام، فأسلمت همدان كلها في يوم جمعة أول رجب من شهر رجب”.
ولفت الشيخ العضابي إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يكتف بخبر إسلام أهل اليمن، لكن القرآن الكريم سجلّ ذلك الموقف لعظمته قال تعالى” فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِين”، والملاحظ أن الله تعالى جمع بين الفتح وأهل اليمن في أكثر من أية كريمة احتفاءً بإسلام اليمنيين.
احتفال بالتوحيد والهداية
من جانبه توّقف إمام وخطيب جامع النزيلي صنعاء الشيخ مهدي الغويدي، عند ذكرى جمعة رجب قائلاً “رابع أعظم الأعياد بعد عيدي الفطر والأضحى والمولد النبوي، إنما عيد دخول أهل اليمن في دين الله دون سفك قطرة دم أو تدمير المنازل وغيرها”.
وأضاف” عندما يحتفل اليمنيون بجمعة رجب، إنما احتفال بالتوحيد والهداية والهوية الإيمانية، لأن جمعة رجب من السنة الثامنة لهجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ذكرى دخولهم في الإسلام “.
وتساءل الشيخ الغويدي” ألا يستحق هذا اليوم الحمد والشكر والاحتفال كما قال سبحانه وتعالى ” قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”.
إسلام مبكر لأهل اليمن
لم يكن ما حصل من إسلام اليمنيين في جمعة رجب، يمثل أول دخول لليمنيين في الإسلام، فالتاريخ يحكي عن شخصيات بارزة ووفود من اليمن دخلت في الإسلام مبكراً.
حيث روي أن رجلاً مر بالرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وهو من أرحب من همدان، اسمه عبد الله بن قيس بن أم غزال، عرض عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإسلام فأسلم، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: هل عند قومك من منعة ؟، فقال له عبدالله بن قيس: نعم يا رسول الله، واستأذن رسول الله أن يذهب إلى قومه وواعد رسول الله موسم الحج المقبل، ثم خرج من مكة يريد قومه، فلما عاد إلى قومه َقتله رجل من بني زبيد.
كما ورد أن قيس بن مالك بن أسد بن لأي الأرحبي قدم على رسول الله وهو بمكة، وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتيتك لأؤمن بك وأنصرك، فعرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه الإسلام فأسلم.
وجاء وفد آخر من همدان إلى الرسول فأسلم على يديه، وموقف آخر حصل من إسلام الأوس والخزرج ودورهم التاريخي ونصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
مكانة أهل اليمن
احتل اليمنيون مكانة كبيرة عند رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله سواء ما يتعلق بالأنصار أو بالشعب اليمني، لذلك اختص أبناء هذا البلد بأحب الناس إليه وأكرمهم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مبعوثاً من قبله إليهم يدعوهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان.
وقد روي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما وصل إلى صنعاء قام خطيباً في قبائل همدان واجتمعوا في مكان يسمى اليوم سوق الحلقة شمال الجامع الكبير بصنعاء القديمة، فتأثروا بخطبته وأسلموا وأسلمت همدان عن بكرة أبيها في يوم واحد.
عند ذلك كتب الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلامهم ” فخرّ عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ساجدا، ثم رفع رأسه وقال السلام على همدان”، وتتابع أهل اليمن الدخول في الإسلام أفواجاً.
ورغم محاولات أعداء الأمة وسعيهم طمس الهوية الإيمانية اليمنية وتبديلها بهوية وثقافة لا تتفق مع تعاليم الإسلام، يجدد أبناء اليمن بإحياء ذكرى جمعة رجب تمسكهم بالهوية الإيمانية وتجسيدها سلوكاً وعملاً.