الثلاثاء , ديسمبر 24 2024
الرئيسية / اراء / هل خُذلت غزة؟!

هل خُذلت غزة؟!

فؤاد البطاينة*
العالم ينتظر رد الكيان على إيران لتداعياته، بينما الكيان وأمريكا ينتظرون تحقيق الهدف الأكبر من الحرب وهو تصفية المقاومة الفلسطينية الغزية وتدمير وتهجير شعب غزة وحصر التمثيل الفلسطيني بسلطة فلسطينية أخرى أكثر عمالة، وصولاً لتصفية القضية الفلسطينية وتهويد كامل فلسطين وما يتبع ذلك من تذليل عوائق تنفيذ ما يسمونه بالشرق الأوسط الجديد وعلى رأسها إيران بدءا بمحورها المقاوم. أو على أدنى أمل منهم أن القضاء على المقاومة الغزية وتصفية القضية وحده سيؤدي لعزل ايران وحزب الله عن فلسطين والقضية الفلسطينية، وليأخذ الصراع في الشرق الأوسط لوناً ومضموناً اخرين وأهدافاً أخرى لا تتعلق بالقضية الفلسطينية، سيما قد برز امام حزب الله مستجد هو الأولوية اللبنانية، وطلبه وقف النار بمعنى التخلي عن تلازم وقف النار في الجبهتين. فهل كل هذا سيحدث.
مجمل الكلام في الفقرة السابقة يتأكد فيما إذا جاء رد الكيان المنتظر على إيران عسكريا عاديا، ويغلق الملف وهو المرجح. وما ينفيه هو إذا جاء رد الكيان عميقاً، كأن يستهدف النووي أو المنشآت النفطية أو القيادة العليا، فعندها قد تجبر إيران على الرد الذي يفتح المجال أمام الحرب الإقليمية، ويكون الكيان في حالة إطلاق إيران ليدها هو الخاسر الأكبر هذه المرة وسيسقط مشروعه، ويتعزز الحضور والدور الإيراني ويعود القرار الفلسطيني للشعب الفلسطيني ممثلا بمقاومته. ولكن رغم أن إيران تمتلك الإرادة والعقيدة القتالية ووسائل الصمود إلا أن التهديد النووي الصهيوني سيبقى يحد من حريتها الهجومية على الكيان ما لم تصنع قنبلتها. بمعنى أنها إذا أقدمت على الحرب الإقليمية فلن تسعى للبطش في الكيان بلا حدود
فاستنزاف غزة ومقاومتها والإكتفاء بالإشادة بصمودها مع الصمت على استفراد الأطلسي بها تجنباً للحرب الإقليمية بأي ثمن، يودي بنا للنتائج الوخيمة على صعيد القضية الفلسطينية ومحور المقاومة والمنطقة. فالحرب الإقليمية التي لا تريدها ايران وأمريكا بأي ثمن، فإن لم تقع، فإن نتنياهو هو من قبض الثمن من أمريكا بتركه ً ينهي مهمته في غزة وكل فلسطين واحتلال جنوب لبنان وقضم سلاح حزب الله بالمشاركة الأمريكية. فهل إيران تفكر بهذا السيناريو وبأنها ستكون الهدف الأكبر والمستهدف لأساسي كأحد شروط تنفيذ مشروع الشرق الأوسط، ما لم ترضخ لاحتوائها طواعية؟ فلن يتركوا إيران بنظامها فإن ليس بالحرب، فمن الداخل استخباريا للوصول لثورة ربيع.
وهذا يقودنا لعلامات استفهام قاتلة حول استراتيجية قيادة محور المقاومة والتي يمكن استدراكها الآن. وكلها برأيي قائمة هروبا أو تجنبا لحرب قليمية. وأهمها هو عدم الرد بالمثل على استهداف المدنيين مع أن هذا يمثل كعب أخيل في الكيان بلا شك. فالكيان كمستعمر وقاعدة عسكرية كبرى متقدمة يفرض نفسه كدولة بوجود المدنيين. وكلهم جاءوا بالإغراءات الحياتية وبشرط ضمان أمنهم فهم غير مرتبطين عاطفيا وعقليا بأرض فلسطين وليس منهم من يقبل الموت من أجلها. وسيفرون عائدين لأوطانهم عند هدم أول بناية على رؤوس ساكنيها. مما يفقد الكيان سبب وجوده المدعى به توراتياً ويردعه. ويكفي القول بأن استهدافهم لمدنيينا هو سبب كل تنازلاتنا السياسية التي لن تتوقف.
وما يلي هذا الخطأ الاستراتيجي هو تحايلنا على مصطلح وحدة الساحات. فمصطلح، محور، عندما يكون عسكرياً أو مقاوماً في حالة حرب لا يتفق مع مصطلح، فصل الساحات، لان هذا يعني استفراد العدو أو المحور المقابل بأطراف المحور الأخرين واحداً تلو الأخر بدءا بالأسهل وبالتالي تفكيك المحور. فوحدة الساحات مرتبط بثلاثة عناصر أولها المشاركة الفعلية في القتال المباشر في مركز الثقل، الذي كان في حالتنا غزة. وثانيها هو الدعم والتمويل والإمداد بكل أشكاله. وثالثها وهو أضعف الإيمان ويتمثل بالدعم الإعلامي واللوجستي والإصطفاف السياسي.
ومعيار الحكم عما إذا كان هناك وحدة ساحات أم لا، في هذا المحور أوذاك يتحدد في ضوء طبيعة العناصر الثلاثة المشار اليها ونسبة توفرها. وبهذا فلا يمكن أن يكون وحدة الساحات بدون توفر عنصرين من تلك العناصر الثلاثة، بمعنى يجب أن يتوفر في أطراف المحور كحد أدنى واحد من العنصرين الأول أو الثاني، وإلّا فالمحور هو مجرد محور سياسي وليس بمحور جهادي أو عسكري قتالي.
فبالنسبة للعنصر الأول، شاهدنا أن حزب الله كقوة ضاربة ورادعة قد اشتبك مع العدو منذ البداية بصفة الإسناد وبقي كما أشرت في مقالات سابقة على وتيرة واحدة من الثقل والعمق غير المؤثرين دون أن يطور استراتيجية إسناده رغم اجتياح العدو لغزة ودخوله في حرب إبادة. وانتظر ليطورها إثر تأزيم الحالة في الجبهة الشمالية كما واكبناها، وذلك في وقت متأخر. أما اليمن فكانت سباقة في استخدام صواريخها بشكل مؤثر على إمدادات العدو وعلى حساباته العسكرية. وبالنتيجة لا أستطيع تفسير موقف حزب الله ولا ما جرى له وهو يعرف بأنه الهدف الثاني.
أما العنصرالثاني، فليس من مؤشر على أن حماس تلقت طلقة أو قطعة سلاح أو مال خلال هذه الحرب المستمرة. فالحصار محكم عيها بعد أن سلمت مصر محور فيلادلفيا ونقاط العبور للكيان بدون مقاومة. ويبقى العنصر الثالث هو المتوفر وهذا لا يكفي.
عودة لغزة، فمن المنطق القول بأننا كشعب عربي عندما نلوم أو نستنجد بنظام عربي أو إسلامي يعترف باحتلال فلسطين ويساعد الكيان على الصمود وفي إبادة الشعب الفلسطيني كدلالة على جبنه ووحشيته وعلى زيف الحضارة الغربية وخطابها وقزمية عمالة أنظمتنا، فإنما نحن عندها كأننا نلوم كيان الإحتلال نفسه ونستنجد به وهو ما لا يصح. ومن المنطق والطبيعي بنفس السياق أن نتوجه بخطابنا الإغاثي كشعب عربي حر الى حلفائنا وحلفاء الحق الفلسطيني والشعب الفلسطيني ومقدسات الإسلام، وكإسلاميين حقيقيين وعروبيين في محور المقاومة. فخذلان غزة، (والخذلان لا يكون من العدو) بل من الصديق والحليف، هو ما كان الخطأ الاستراتيجي ابتداء
إلا أن هذا كان وما زال مشروطاً ومرتبطاً بالتزامات أكثر من أدبية، وعلى رأسها أن يتحرك الشعب العربي في بلدانه مدفوعا بطلائعه ونخبه المدعية بنصرة فلسطين وتأييد ومساندة المقاومة ومحورها ومواجهة المشروع الصهيو – غربي، بالإنتفاض على سياسات أنظمته التطبيعية والتحالفية مع الكيان وإجبارها على الخضوع لإرادة شعوبها. وبأن لا يطالب الحليف حليفه بالإنتحار بل بما يستطيع. فلكل حليف خاصياته وخصوصياته وظروفه الداخلية وحدوده.
في الختام أكرر الحقيقة، هل ايران وحدها إسلامية، ووحدها ضد المشروع الصهيو- غربي- أمريكي ؟وهل هي وحدها المسؤولة عن تحرير فلسطين والمقدسات والأقصى، ووحدها الطلوب منها التضحية بمنجزاتها، وهل من دولة إسلامية أو عربية ساندتها عملياً لا سيما دولة الخلافة المزعومة. وهل حلت إيران محل الأنظمة العربية في تمثيل طموحات شعوبها وتحقيق أهدافها المصيرية ؟ ومتى تتحرك هذ الشعوب وتفرض إرادتها على حكامها؟ ألا خسئت وخسئوا فحزب الله وحماس رجال صدقوا ما عاهدوا الله علية وسينصرهم الله عاجلا أم أجلاً.
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

سوريا ولعبة الأمم!

يحيى السريحي* لا زالت تداعيات سقوط النظام السوري وتنحي بشار الأسد عن الحكم مختارا أو …