الجمعة , سبتمبر 20 2024
الرئيسية / اراء / “السيد” ينجح في كسر الحصار

“السيد” ينجح في كسر الحصار

عبد الباري عطوان
باستنجاده بالمحروقات الإيرانية، وتلبية ايران الفورية للنداء وارسالها الناقلات فورا محملة بالبنزين والمازوت، اصبح السيد حسن نصر الله، زعيم المقاومة الإسلامية اللبنانية، اللاعب الرئيسي على الساحة اللبنانية، وربما العربية أيضا، فبهذه الخطوة المحسوبة جيدا، سيكسر الحصار، ليس على لبنان فقط، وانما على سورية وايران أيضا، وبما يؤدي الى وضع أمريكا وحلفاءها اللبنانيين في حرج كبير، ان لم يكن هزيمة كبرى، ودون ان يطلق رصاصة واحدة، حتى الآن على الأقل.
نشرح اكثر ونقول ان الغباء الأمريكي، والغطرسة الإسرائيلية، وسوء حسابات أدوات الجانبين في لبنان، والحصار التجويعي الذي اعتقدت هذه الأطراف الثلاثة انه سيؤدي الى تركيع الشعب اللبناني وتحريضه ضد “حزب الله” وسلاحه الصاروخي الجبار، واشعال فتيل الحرب الاهلية لاستنزافه، وحاضنته، اقتصاديا وعسكريا وبشريا، كلها فشلت في تحقيق أي من أهدافها، واعطت نتائج عكسية، والأخطر من ذلك رفعت من شعبية الحزب وامينه العام في أوساط اللبنانيين والعالمين العربي والإسلامي كرجل يستطيع ان يقول “لا” لأمريكا.
***
ما زال من غير المعروف كيف ستصل هذه الناقلات الى الشواطئ اللبنانية، وأين ستفرغ حمولتها، في مرفأ بيروت ام مرفأ صيدا في الجنوب، ام ستتجنب المرفأين وتفرغ حمولتها في ميناء بانياس السوري، ويتم نقل حمولتها بالشاحنات الى لبنان؟ والسؤال الآخر المهم هو هل ستمر هذه الناقلات الإيرانية عبر قناة السويس، ام سيتم اغلاق هذه القناة بوجهها بضغط امريكي إسرائيلي، ولمصلحة شحنات النفط والغاز المصري الموعودة؟
في حال وصولها الى شرق المتوسط، سواء عبر قناة السويس (بعد ثمانية أيام)، او عبر رأس الرجاء الصالح (40 يوما)، كيف سيكون رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي في الحالتين؟ ضرب هذه الناقلات في عرض البحر، ام ضرب صهاريج نقلها على اليابسة في حال ذهبت الى المرافئ السورية وافرغت حمولتها فيها؟
لا نملك أي إجابة عن جميع هذه التساؤلات، ولكن لا يخامرنا ادنى شك، بأن ثلاثة اطراف في محور المقاومة فقط وهي ايران وحزب الله وسورية هي التي تملك الإجابة والتفاصيل العسكرية المحتملة، سواء المتعلقة بأي هجوم امريكي إسرائيلي محتمل، او كيفية الرد عليه في حال تنفيذه، فهذه الأطراف الثلاثة تبقي اوراقها قريبة جدا الى صدرها، وتتكتم على التفاصيل، والقت بهذه القنبلة، واربكت الخصوم، وباتت في موقع المراقب المتأهب للرد سياسيا او عسكريا، حسب الظروف والتطورات.
أيا كان الرد الإسرائيلي الأمريكي سياسيا او عسكريا، سيكون مكلفا جدا، فالسيد نصر الله قال ان هذه السفن الإيرانية ستكون خاضعة للسيادة اللبنانية، واي اعتداء عليها هو اعتداء على لبنان وخرقا لسيادته، اما اذا فضل الجانبان الإسرائيلي والامريكي ابتلاعه هذه الإهانة، ولجأوا الى فرض عقوبات اقتصادية على لبنان او حزب الله، او حتى ايران بتهمة انتهاك الحصار، فماذا ستفعل هذه العقوبات، وما هو تأثيرها لشعب جائع منذ اشهر ولا يملك ماء ولا كهرباء ولا دواء ولا خبز؟
السيدة دوروثي شيا، حاكمة الشق المتواطئ في لبنان، تذكرت فجأة حجم المأزق الذي وضعت بلادها فيه، وأعلنت عن استعدادها لتوفير الغاز والنفط المصري، والكهرباء الأردنية الى لبنان في محاولة لإجهاض الانتصار الكبير لحزب الله ومحور المقاومة، ولكنها نسيت في غمرة ارتباكها امرا مهما وهو ان هذا الغاز يحتاج وصوله أولا الى تحضيرات لوجستية فنية قد تستغرق عدة اشهر، والتفاوض مع سورية صاحبة الاراض التي سيمر عبرها واخذ موافقتها ثانيا، والتأكد بأن هذا الغاز ليس مخلوطا او ملوثا بالغاز الإسرائيلي الذي يمر عبر تلك الانابيب ويعالج بالمعامل نفسها ثالثا، والكلمة الأخيرة ستكون للرئيس السوري بشار الأسد.
الحوار مع سورية وحكومتها، ومرور الكهرباء والغاز عبر أراضيها في حال توفر كل الشروط القانونية واللوجستية والسياسية، يعني كسر “حصار قيصر” وبإذعان امريكي ولن يأتي دون مقابل، فما هو المقابل الذي ستطلبه الحكومة السورية وستصر عليه من الجانب الأمريكي صاحب هذه المبادرة؟ رفع حصار قيصر مثلا؟
***
السيد نصر الله وبدهاء شديد، وضع أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما في لبنان في مأزق شديد في اطار جهوده لإنقاذ الشعب اللبناني من ازماته الخانقة عبر مبادرة محسوبة جاءت بعد إدارة متميزة للازمة، ورمي الكرة في ملعب خصومه، وجلس يراقب عن قرب ارتباكهم وردود افعالهم، وواضعا اصبعه على الزناد في غرفة عمليات مزدحمة بالخبراء السياسيين والعسكريين.
انها معركة عض الصواريخ، ومن سيطلق الصاروخ الأول، وهي معركة قد تقود الى هزيمة أخرى لأمريكا وإسرائيل، تتواضع امامها الهزيمة الأفغانية.. والأيام بيننا.
عن رأي اليوم

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ابعاد الهجوم السيبراني!

  د. أماني ياسين* ما حصل البارحة في لبنان من هجوم إسرائيلي واسع نتيجة انفجارات …