علي الشرجي
يستمر مسلسل الاختطافات والمضايقات وإرهاب المسافرين اليمنيين من منفذ شحن شرقا إلى طور الباحة غرباً، برعاية ومباركة الاحتلال السعوإماراتي.
فوراء كل جريمة تهز الوطن فتش عن العدوان الذي يلقي بظلاله على كل تفاصيل الحياة، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، ويقتل كل شيء جميل فينا.
هذا العدوان الذي تمادى في غيه وشروره لم يكتف بتدمير البنى التحتية والمقدرات الوطنية لشعبنا بل عمل – وما يزال يعمل – على قتل روح الوحدة الوطنية في النفوس قبل النقاط الأمنية وذلك ليتسنى له تمرير أجندته دون عوائق في مجتمع رخو خال من الإحساس الوطني فاقد للثقة بنفسه أمام قوى الاحتلال.
ومن يريد قراءة مستقبل اليمن في ظل العدوان الغاشم، فلينظر جيداً إلى صورة المأساة التي تعرض لها المواطن اليمني، الطالب المغترب في أمريكا عبدالملك السنباني، وهو في طريقه إلى أهله وأحبابه بعد رحلة اغتراب دامت عشر سنوات.
حينما عاد عبدالملك السنباني إلى وطنه الكبير – كما يفترض – عبر مطار عدن، كان يتخيل له أن كل اليمنيين أهله وذووه وليس هناك ما يفرق، لكن سيناريو التوقيف ثم المساءلة ونهب ممتلكاته وتعذيبه وقتله في نقطة أمنية في طور الباحة خاضعة لأدوات العدوان والاحتلال، سيناريو يكشف حدة الأزمة الوطنية وشلل الإنسانية لدى المرتزقة ويفتح الباب واسعاً لمستقبل أكثر دموية ضحاياه الأبرياء من أبناء البلد الواحد وإن فرقتهم السياسة وآثام العدوان.
السنباني تعرض لجريمة بشعة بكل لغات العالم يهتز لها عرش الرحمن، لكن على ما يبدو لن تهتز لها كراسي الشرعية المزعومة وحكومتها ولن يندى لها جبين أدوات العدوان الرخيصة التي تشبعت بالكراهية وانساقت وراء أساليب الدس والوقيعة.
هذه الجريمة تعتبر نتيجة مؤلمة ومتوقعة للتحريض والتعبئة العدوانية الحقيرة وإثارة النعرات البغيضة التي تكرس التشظي والانقسام وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني الذي يواجه تحديات حرب عدوانية شاملة.
إن القتل بالهوية استدعاء مؤلم لدورات سابقة من الصراعات الدموية المحمولة فوق “جنازير المناطقية” البليدة.
لكن الطالب عبدالملك لم يكن سياسياً مخاصما لأحد ولا محارباً في جبهة ما ولا قاطع طريق حتى يستحق ذلك العنف والإرهاب والتنكيل من قبل عناصر يفترض منها توفير الأمن للمسافرين وعابري السبيل.
إنه العدوان الجبان وعبر أدواته المرتزقة لا يتورع ولا يوقفه أي وازع من ضمير..
العدوان وحده كان يعلم جيداً ما ستؤول إليه الأحداث حينما قرّر إغلاق مطار صنعاء أمام اليمنيين، وضاعف من متاعب السفر ومعيشة الشعب.
من طور الباحة إلى منفذ شحن.. احزن يا وطن!! ولا نامت أعين الجبناء.