خميس القطيطي*
..عقد في المعهد العربي لدراسات الأمن بالعاصمة الأردنية عمان لقاء” أمنيا جمع خبراء أمنيين من السعودية وايران وذلك مطلع الاسبوع الحالي، وركز الحوار على الحد من تهديد الصواريخ واليات الإطلاق، والاجراءات الفنية لبناء الثقة بين الطرفين وتحديدا فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي، بالاضافة الى محاور اخرى، ولا شك أن هناك أفق للحوار بين الجانبين تفرضه الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية بين البلدين وفي المنطقة عموما، إلا أن هذا المسار يغلف بالتحفظ لدى الجانبين نظرا للخلفية التاريخية والتجاذبات بينهما في أكثر من ملف ومع ذلك فإن هناك حالة نضج ظرفية محفزة لحوار شامل بين البلدين .
العلاقات بين الرياض وطهران منذ قيام الثورة الاسلامية في ايران عام ١٩٧٩م لم تكن ايجابية وهذه الحالة وضعت أكثر من طرف خليجي وعربي في دائرة استقطاب اقليمي، وللأسف الشديد لم يجن الطرفين منها أية نتائج ايجابية بل جاءت نتائجها عكسية إثر تنافس اقليمي ومواجهات في أكثر من عاصمة عربية أثرت على العلاقات العربية الايرانية، واستغلت القوى الدولية هذه العلاقات المشوشة لتمديد وتأكيد تواجدها بالمنطقة ومواجهة ما يسمى الخطر الايراني، والحقيقة أن هذه الحالة السياسية والأمنية لم تصب في صالح المنطقة على الاطلاق، ولم تحقق إلا مزيدا من الاحتقان الرسمي والشعبي وأدت الى استنزاف الموارد الاقتصادية من خلال صفقات السلاح وتكاليف التواجد الأجنبي بالمنطقة .
أعتقد أن النخبة السياسية في البلدين وبعض دول الجوار استدركت أخيرا أن حالة التوتر والتجاذب السياسي والامني لا بد أن تطوع وتحلحل بالحوار لتحقيق مصالح وأهداف دول المنطقة عموما، وتأتي الاسباب الأمنية والاقتصادية في مقدمة تلك الأسباب المحفزة لفتح صفحات من الحوار تتطلع إليه شعوب المنطقة، إضافة الى أن الاهتمام الامريكي بات يتركز على الصعود الصيني الروسي، ومن هنا بدأت تبرز مواقف سياسية تعزز هذا الاتجاه، ولا شك أن جولات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الامن القومي بدولة الامارات العربية المتحدة التي استبقت هذا الحوار الأمني بين طهران والرياض مرتبطة أيضا بهذه السياقات السياسية والاقتصادية والأمنية، كما أن احتضان العاصمة الأردنية عمان هذا الحوار الامني يقدم رسائل ودلالات أن المنطقة تتجه تدريجيا الى علاقات دافئة تجمع ايران ودول المنطقة، ونأمل أن يتحقق ذلك الحوار الشامل على المدى القريب .
*كاتب عُماني
شاهد أيضاً
كشف المستور في كتاب الحرب المنشور!
محمد عزت الشريف* لم يكن طوفان الأقصى محضَ صَولةٍ جهادية على طريق تحرير الأقصى وكامل …